الحرب.. سؤال الأمهات والأطفال
نيسان ـ نشر في 2016/01/21 الساعة 00:00
محمد قبيلات ..
متى تضع الحرب أوزارها؟ سؤال طالما شغل بال الأمهات والأطفال والطاعنين في السن، لأنهم هم من يقاسون آلام الإنتظار القسري بكل مستوياته.
انتظار الرجال الذين انخرطوا في الحرب، إنتظار الأبناء الذين اختطفتهم الميلشيات لتضمهم الى عديدها، وانتظار للخلاص من التشرد، انتظار الهاربين بجلودهم الى الديار الغريبة، انتظار أن تعود الحياة إلى مجاريها.
وأسوأ الإنتظارات ذلك الذي يخيم كالهاجس المحتل كل لحظاتهم.. إنه انتظار أخبار الفجيعة.
هذه الحروب لا تعرف الوفاء ولا تعيد شيئا، سوى الجثث الملفوفة بأعلام الميليشيات والفصائل. إنها مليشيات لا يحتفل أبطالها إلا بالموت.
لا تصمد المبادئ والأهداف النبيلة في الحروب الأهلية، فسرعان ما تتحول الى حروب بالوكالة، ولا تغرنك هذه البطولات والنياشين والإستعاراضات العسكرية، أو صورهم في الأخبار وخطاباتهم.
فما هؤلاء الأبطال إلا أصابع وراءها أيادٍ وراءها أكمات ووراءها ما ورائها.
للحرب فتيل يشعله المجانين، يحرقون به كل شيء. والجنون ليس له ذاكرة ولا يتعلم أو يخبر ماتصنعه لعبة التهديد بالحرب، وأي توازن تصنع، فيذهب في شوطها للآخر، غير مقدرٍ وبالها.
حروب هذه الأيام ليست مكلفة، ولا تتطلب الشجاعة أو الفروسية أو شعر الحماسة، معداتها بسيطة ورخيصة، فلا أكثر من نعرات طائفية وجهوية، والقليل من الخسة.. ولا أدلَ على ذلك من القناص المتربص فوق سطح واضعا إصبعه على زناد، أي شجاعة يحتاج هذا؟ فتكفيه الخسة لأن يمارس كل صولاته وجولاته وبطولاته.
حتى الصواريخ العابرة للقارات، هي لا تحتاج جنودا أكفاء كي يطلقوها، أبطالها ممن يجيدون لعبة "الأتاري".. فأية فروسية تحتاجها أزرة لوحات المفاتيح!!؟؟
منذ البداية، ومن الطلقات الأولى، تُجير المعركة للمتربصين بالتمويل للحروب، فهؤلاء هم من يديرون العالم بالقفازات القذرة.. فهنيئا للأشاوس المحليين هذه الوجاهة وهذه الرتب!
ليس من قيم تدافع عنها هذه الحروب، هي فقط زفرات الوحوش الأقوياء التي تطير الأحلام البسيطة بالحياة، وتأخذ من يبقى على قيدها الى اليأس.
هذه الدماء لا تتقدم في الأرض ولا تروي الحقول، فقط هي تلطخ وجه هذا الزمان.
ولا يعود مقاتلوها إلا محمولين، لا تذبل بنادقهم، فسرعان ما يتلقفها من يسعرون النار ويواصلون مدّ لهيبها ووقودها.
حروب لا تحتاج غير الأهازيج الطائفية الركيكة، فلم يعد ابطالها يتفهمون معاني ومقاصد اللغة الفصيحة.
نيسان ـ نشر في 2016/01/21 الساعة 00:00