إغـــفــــاءة قصة لـ عصام الدين محمد أحمد

نيسان ـ نشر في 2016/01/30 الساعة 00:00
. أتجول بين الأنام حائراً ، أقدامي تسلك ألتواءات وليدة تفسخ القدود النافرة ، أتلوى في الشعاب الناجمة من حركات الجموع الفجائية كالثعبان المطارد، وأنحنيت إلى المقهـــ ــى الصاخب بالرواد ، وطلبت كوباً من الحلبة الحصى المنفوشة من كثرة الغليان ، أستحلب مرارتها الساخنة مستهلكاً الوقت الثقيل، وقبل أن أفرغ من شرابي أقحم المعلم ( جمال) جسده المترهل مزاحماً جسدي النحيف فوق الدكة المنزوعة المساند ؛بنبرات الثقة يأمرنى المعلم : - أطلب لي شاباً . ناديت على النادل حاثاً أياه على الإسراع في إحضار الشاي ؛ سأل جمال بلسان الغواية : - ألم تجرب أبا " صليبة " ؟ أجبت فى استغراب مشبوب بحذر الجهل : - ولا أبو فروة . - من فصيلة المسليات ... وإنما – الصوت يتهادى – هو حبوب لتلقيح العقول بسائل التخدير، مجرد – الصوت يستقيم في لباس الجد – إغفاءة لذيذة ، سكون لا يقطعه سوى همهمات الارتشاف وكركرات " الشيش " المجاورة ، ولاحظ صمتي فأكمل عرضه قائلاً : - معي شريط به عشرة حبوب متناهية الصغر، فلنقتسمه ولن تدفع سوى ثمن - ينغم نطقه الموجع – مشاريب بعث الخدر من رقدته. بوادر توتر مزكوم تقتحم ذهني المرهق ؛ ( لم لا ...؟؟ خمسة حبوب مقابل خمسة مشاريب..عرض سخي ) طعنت التردد بمدية مسنونة النصل ، ابتلعت الحبة الأولى ، انتظرت برهة؛ لا شيء يطرأ البتة، كل شيء ثابت إ قذفت بالثانية إلى جوفي ، وارتويت بأكواب الشاي المحلاة . ضحكات صاخبة بين الجلساء وتبرم سابح في بحار الرواد ، واتبعتهما بالثالثة والرابعة ، اللتين باشتا برضاب اللسان ، وزحت المزيج بدلو من الكاكاو .أضحى الاتزان شغلي الشاغل أعاني أطياف التطوح وأحاول طمسها، أقدامي راسخة كالطود الأشم . يبتل جسدي برذاذ الترنح ، وهن في الذراعين ، وتنميل الخدر يتسرب إلى القدمين ، وعلى عجل – خشية التراجع – رميت الخامسة في بلعومي ، واجتاحني سيل صخري منهمر من مغارة الاستفهامات: (- لماذا قبلت القسمة ..؟ ؟ - ألرغبة دفينة في تكوينك أم لرفض متأصل لواقعك ؟ ؟ قد يكون انسياقي أذيال أوهام ! لا أستطيع الانفلات من دولاب العمل الموصد بإحكام ، ملايين من ثمرات البطيخ عبرت ممرات الرمال بإشارة مني قبل أن تتراص كوحدات بناء للأهرامات الشامخة بأنامل خبيرة الفرز الدقيق ودفعها – عنوة – إلى الشعاب الممهدة للأحجام الموحدة ، وما جنت يدي سوى سراب النقود ! فلم كل هذا الجبروت في الخنوع لصعاليك الكسب المهول .. ؟ ؟ ) جرجرت بدني المتراخي لاستئناف العمل ،البطيخ يتراقص على السيور الرملية .. الأيادي تدفع وتجذب وتبني ، جلست القرفصاء مواجهاً السير / الممر ، البطيخ الهادر في اتجاه واحد غلبني ، ناء الذراعان عن دفع السرب ؛ توقف السرب ، عطبت آلتي الدافعة فساد الأستياء رب العمل يدنوا ويهمس في أذني : - قـُم .. واسترح .. فأنت متعب . - لا .. ( لساني يردد دون إرادة مني ) وبقدرة خارقة أزحت عثرات البطيخ : - غير مُتعب ، غير مُجهد .. ( أكرر كالبغبغاء ) برهة يسيرة وتعطلت قاطرة العمل ثانية ، أسندوني أسفل حائط الأقفاص المناطح لسطح السقف شاهق الارتفاع . - فاقد الوعي اتهام ملوث بالرواسب .. ( أتناجي بصوت خفيض ) اليد تكوم الرمال مُستلهمة رسومات الإنشاءات العملاقة . - المُعطيات محدودة بإرادات تأبى التنازُل ... ( النبرات تزداد خفوتاً وتكاد أن تفتقد معالمها ) اليدان تجرفان الرمال في تموجات ثائرة ، هادئة، مبتورة الحركة حائط الأقفاص يهتز ... يتخلخل بنيانه .. تنحل وشائجه .
    نيسان ـ نشر في 2016/01/30 الساعة 00:00