شجرة الكينا

شاهر الشريدة
نيسان ـ نشر في 2016/02/05 الساعة 00:00
وعيت ع شجرة الكينا المزروعة قدام الدار، وكنت المح فيها ارواح،واشباح ناس ناموا، وارتموا باحضانها بلحظات تعب بعد يوم حصاد طويل، واشوف بين اوراقها بقايا ضحكات بليالي سمر. لحقني دور ليكون الي ذكريات مع شجرة الكينا، واكتب عليها خربشات طفولية، وحروف من اسامي مجهولة، وكنت أظن ان الحروف ع جذع الكينا، ما بنمحي مثل باقي الشجر. وخاب ظني. لما رجعت عالقرية من بعد زيارة طويلة لاخوالي (اخوالي ابوي) بعجلون، كنت كالعادة بكل عطلة صيفية، ارافق جدي وجدتي بالصيف، ونظل فترة اسبوعين، وثلاثة، واكثر، فعجلون، وهواها بلسم للروح. رجعت. وكانت ملامح القرية كلها متغيرة، كانت الجرافات بتفتح بالطريق العام، كانت السيارة بتمشي على مهل، وكنت مصدوم، لأني رايح افتقد ريحة شجر الصبر ، والجلّة اللي كانت يطبعنها نسوان القرية ع السناسل لتنشف، ويوقدن فيها فرن الطابون، وافتقد ريحة القرّيص، والخبيزة باطراف الطريق، والحواكير. وكانت صدمتي اكبر، لما اكتشفت ان شجرة الكينا كانت ضحية الشارع، وراودتني افكار كثيرة، وين بدنا نلعب، ووين بدهم يقعدوا الختايرية، ونسمع قصصهم، وضحكاتهم، وهمو يلعبوا طاولة الزهر، والمنقلة، وافكر بالحروف اللي كتبتها عليها. خانتنا الحداثة، وخانتنا الطريق، واتغيرت ملامح القرية، وراحت شجرة الكينا، اللي بتحكي تاريخ وطن، وتاريخ اجداد، وراحت معها كل الاسرار اللي حكوها، وهمو منجعين بظلها. بحاول اتذكر ملامح قريتي القديمة، كانت قرية مثل غيرها من كل القرى الاردنية، وقدام كل بيت شجرة كينا، عمرها من عمر الوطن. راح شجر الكينا، وصار بدل منه بيوت وعمارات مسحت كل ذكرياتنا، وبساطة حياتنا. بتذكر وبفكر،،
وين فيه مكان يجمعنا مثل ما كانت تجمعنا شجرة الكينا؟
وشو ممكن نحكيه لاطفالنا من ذكريات؟
وكيف نكهة ذكرياتنا، وريحتها بدون شجرة الكينا والحاكورة ؟؟
    نيسان ـ نشر في 2016/02/05 الساعة 00:00