صور ٌ من سيرتنا !

نيسان ـ نشر في 2016/02/19 الساعة 00:00
( 1 ) في فكرة الثقافة . منذ أخذ َ الوعي ُ في التشكّل ِ ، رفقة المتابعين و المشتغلين في الحقل وميادينه ، قلنا عن الثقافة كلاما ً كثيرا ً من حيث كيف تنبني و كيف يمكن قراءتها ! .. " الوعي و الثقافة " لا يجتمعان وفق " أهواء فرديّة " وانحيازات فئويّة .. ولا ينفع وعي ولا يدوم حين ينحاز إلى مسطرة قياس تعمل وفق محدّدات " اللون والطول وربّما انتفاخ الجيوب " ؟ .. و لا تنفع " ثقافة " تنبني على " فزعة وتقسيم و أهواء و جغرافيّات لا لزوم لها " ؟ ... عندنا ، في بلادنا ، و في الأغلب الأعم ، الثقافة تنهض على فكرتين : " فصيلة الدم " و " الأكلة المفضّلة " و كذلك بات الهتاف سبيلا ً لتكريس الثقافة الطارئة و غدت عناوين " هكذا سمعنا / قالوا / أنا بعرف " محدّدات لثقافة البؤس السائدة . .. لا نجترّ كلاما ً ، ولكنّنا نسترجع ملامح الوجع التي ما تزال على حالها ( 2 ) في الحوار . و معارك الحوار / الجدل / الكلام ، في بلادنا وفي أغلبها الأعم ، كانت ولا تزال تُخاض بأدوات بادحة أو أنها تُخاض في غير أوقاتها و من دون أدواتها . المعارك جميعها كانت ولا تزال : خـِيضـَت أو تخاض ُ بسقوف مرتفعة من التشاتمات والذم والقدح والنميمة و الثارات الكيديّة والحقد و السعي لخلط الأوراق . خِيضت أو تخاض ُ لتفتيت المجتمعات أفقيا ً و عاموديا ً و لتعميق الشروخات الذهنية والمادية والعقائدية و التاريخية ، و إيجادها إن لم تكن حاضرة . خيضت و تُخاض ُ بالنيابة عن آخرين و دفاعا ً عن مصالح أطراف أخرى تتصارع في الخفاء أو أنها ، هذه الأطراف ، تفتعل صراعات لتمرير اتفاقاتها و برامجها . ... معارك الحوار عندنا ، تنطلق ُ من باطنيّات مكبوتة و تروح باتجاه الصراخ والتشاتم و تنتهي بــ ِ فراغ و لا جدوى و خسارات لكلّ الشركاء ولكلّ الفرقاء و لكلّ المتفرّجين . ( 3 ) عجبا ً ! يبذلون جهدا ً و وقتا ً و مالا ً لـــ ِ تجديد آثاث منازلهم و تنظيفها و دهان جدرانها و شراء ما يلزم للمطابخ و للصالونات و للمراحيض ، و يعتنون بشكل فائق باحتياجاتهم اليوميّة و يعطّرون البيوت و يختارون الأواني المنزلية التي تصلح للطعام وللطبخ وللفرجة و ربما يتباهون بها و بما يفعلون . يهرقون الماء والمال ويهدرون الوقت و يتفاخرون ! ولكنّهم لا يولون عقولهم اعتناء ً و لا وقتا ً ولا انتباهاً لتجديدها أو تمرينها أو صيانتها .. العقول تصدأ كما المعادن إن لم يتجدد مضمونها و ينضاف إليه . .. عجبا ً لمن يجدّد ربطة عنقه في الشهر أكثر من مرة أو ينوّع في اختيار نظارته الشمسيّة ، مثلا ً ، و لا يشتري دفتراً أو صحيفة أو كتابا ً عجبا ً لمن يجتهد للحفاظ على مطبخه نظيفا ً و لا يحاول تنشيط عقله عجبا ً لمن يتباهى بــما يقول ولا يفرح بما يسمع عجبا ً لمن " يزيّت و يغسل و يدهن " سيارته ولا يكلّف نفسه أن يزيّت عقله . .. يجلون و يغسلون صحونهم ولا يغسلون أفكارهم . و يحدث أكثر و أكثر . و تلك أزمة في البلاد وعند العباد .
    نيسان ـ نشر في 2016/02/19 الساعة 00:00