السعودية سألت .. ماذا عنا وعن (اليوم التالي) لنجاح واشنطن وموسكو في الإبقاء على الأسد؟
نيسان ـ نشر في 2016/02/26 الساعة 00:00
لقمان إسكندر
بعيدا عن خرافات قراءة اليسار للمشهد السوري بأن ما يجري هو (حرب الأمبريالية الكونية ضد ممانعة دمشق)، فإن كل خطوة يقوم بها البيت الأبيض ومنذ سنوات تؤكد انه لا يريد سقوط النظام السوري. وعلينا نحن في الأردن أن نسأل أنفسنا كما سأل السعوديون عن اليوم التالي لبقائه.
ماذا سنفعل لو نجحت واشنطن وموسكو في الإبقاء على الأسد؟ ماذا عن اليوم التالي؟ سؤال سبق وطرحته المملكة العربية السعودية مبكرا على نفسها استنادا إلى ما كشفته منظمة "ويكيليكس" التي نشرت ملفات سرية صادرة عن وزارة الخارجية السعودية، بشأن إجراءات الرياض تجاه الأزمة السورية والدور الروسي لحل هذه الأزمة.
في الورقة التي كشفتها "ويكيليكس" قالت ورقة الخارجية السعودية الموجه لصانع القرار في الرياض: إن مخاطر جسمية يمكن أن تظهر لو نجح النظام السوري في البقاء.
لم تقل الورقة السعودية ان المعادلات الدولية هي من ستبقيه لكنها اشارت في المقابل أن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية (غير راغبة) وليست (غير قادرة) على اتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء نظام الأسد.
وأكدت ورقة الخارجية السعودية الى أن "المملكة حسمت موقفها ولم يعد هناك مجال للتراجع".
وقالت: لا بد من التأكيد على حقيقة ان "النظام السوري في حال قدرته على تجاوز أزمته الراهنة بأي شكل من الإشكال فان الهدف الأول الذي سوف يسعى إليه هو الانتقام من الدول التي وقفت ضده وتأتي السعودية وبعض دول الخليج على رأس القائمة وإذا أخذنا بالاعتبار مدى وحشية هذا النظام وشراسته وعدم تردده الى اللجوء الى أي وسيلة لتحقيق أهدافه فان الوضع سيصبح على درجة عالية من الخطورة بالنسبة للمملكة".
وطالبت الورقة "السعي بكل السبل المتاحة والوسائل الممكنة الى الاطاحة بالنظام الراهن في سوريا. وبالنسبة الى الموقف الدولي فمن الواضح ان هناك عدم رغبة وليس عدم قدرة من جانب الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة في اتخاذ خطوتات حاسمة...".
التجارب السابقة للدول الغربية تفرض علينا السؤال حول ما سنفعله بنظام لا يبعد عنا سوى أمتار لو تمكنت الآلة الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية والروسية ومن خلفهما الإيرانية الإبقاء عليه؟
المفارقة المحزنة أن ما يدعونا إلى الاطمئنان هو استحالة أن تعبث واشنطن بمصالح مدللتها إسرائيل وبالتالي، فإن بلدا مثل الأردن له من الحدود ما له مع دولة الاحتلال - طولا وعرضا - لا يمكن أن يُسمح لأحد العبث به. هذا صحيح وفق القاعدة الفقهية: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. لكن ماذا عن إيران ومخططاتها والروس ومغامراتهم، والأمريكان وتجريبهم؟
يدرك النظام السوري ومن خلفه إيران أن المملكة خط أحمر، إلا أن علينا أن لا نركن لتطورات المنطقة (القلّابة) ونكون متأكدين تماما أننا سنكون في اليوم التالي بخير.
ما زال الأسد يحافظ على نحو 20 في المائة من سورية، ومن غير المرجح أن يتمكن من الحصول سوى على أجزاء ما زالت غامضة الا عن المخطط الروسي الأمريكي. لكن بالنسبة لنا لا يلزمنا لنشعر بأن هناك خطر ما إلا بان ينجح الأسد في درعا.
من الواضح أن كل من واشنطن وموسكو تمارسان سياسة حافة الهاوية، في سياق تجريبي اختبرناه في العراق ورأينا الى أين انتهى. ماذا لو انفلتت الأمور بطريقة أو بأخرى؟ تجارب واشنطن في العراق تؤكد أنها تعتمد كثيرا على سياسية التجريب (الصح والخطأ). هذا يعني أن علينا نحن الأردنيين أن نتحمل أخطاء تقديرات سياسة واشنطن في المنطقة. لا سمح الله.
مجددا، نقول. لا يجب أن يأتي (اليوم التالي) والنظام السوري نفسه هو هو من حكم دمشق أكثر من أربعين عاما. فأمس بالتأكيد ليس اليوم، ولن يكون غدا.
نيسان ـ نشر في 2016/02/26 الساعة 00:00