كما تَدين تدان.. !! مسرحية لـ عبد الله لالي

نيسان ـ نشر في 2016/03/04 الساعة 00:00
مسرحيّة تربويّة من ستة مشاهد. أبطال المسرحيّة: ( رامبو ) وهو تلميذ مشاغب في المدرسة ( متوسّطة ) ( رويبح ) و( حجّي ) صديقاه مشاغبان مثله. المدير والمراقب العام و( رؤى ) و( سَعيد ) و( مَلَك ) و ( سارة ) أبطال ثانويون. المشهد الأوّل: مجموعة من التلاميذ يدخلون القسم قبل الوقت بقليل، يتلفتون يمينا ويسارا، ويبدوا عليهم أنّهم يدبّرون لأمر ما ، يقول أحدهم واسمه ( رويبح ): - كم شيطانة من المفرقعات أحضرت يا ( رامبو ) ..؟ ( ويفرك يديه بفرح ومكر.. ) يُضيف ( حَجّي ) بثقة: - الدّاراهم دراهمي أنا الذي دفعت ثمنها بـ ( الأورو ).. ! وأخيرا يتكلّم ( رامبو ) وهو يخرج المفرقعات من جواربه ومن تحت أكمام قميصه: - هاك..هاك.. خبئ في محفظتك لم أتمكن من تسريب سوى سبع شيطانات ، كاد يفطن لي المراقب العام .. هو يبحث لي عن أيّ سبب لينتقم منّي .. ولكن سأريه سأهبّله وأخرجه من عقله .. ليعرف من هو ( رامبو ). يضحك الجميع في مكر وخبث وهم يخبئون المفرقعات في ( محفظة الظَّهر ) الخاصّة بــ ( رويبح ) ثمّ يسمعون حركة التلاميذ وهم قادمون مع أستاذة اللغة العربيّة فيجلسون بسرعة في مقاعدهم .. المشهد الثاني: في السّاحة أثناء الرّاحة ( رامبو ) ينادي على ( رويبح )، فيأتي إليه مسرعا ، وقد وضع يده تحت معطفه يخبئ شيئا: رويبح: انتظر ، انتظر المراقب لم يخرج بعد .. وأنا أخشى أن ترانا بعض البنات ، فيصل الخبر إلى المراقب والمدير في لمح البصر، فتفسد الخطّة ونضيع جميعا.. وفي تلك اللحظة يظهر المراقب وهو خارج من مكتبه متجها نحو قاعة الأساتذة، يهمس ( حجّي ) بسرعة في أذني ( رامبو ) بتحريض شديد: - هذه الفرصة .. هذه الفرصة يا ( رامبو ) لا تضيّعها.. لا تضيّعها .. !! يُخرج رامبو المفرقعة " الشيطانة " ويشعل الفتيل، وبتوتر وخوف يرمي بها نحو المراقب العام أثناء مروره بين التلاميذ. وتنفجر المفرقعة في إحدى الطالبات ( رؤى ) وتصيبها في إحدى عينيها، فتسقط على الأرض وهي تضع يديها على وجهها، وهي تصرخ وتبكي في رعب شديد. تصرخ الطالبات في فزع وينتشر بينهن الخوف والذعر .. وتصرخ إحداهن: سارة : رؤى .. رؤى ما بك .. ما بك ..؟ يلتفّ التلاميذ حول ( رؤى ) ويأتي المراقب العام وبعض الأساتذة ويحملون ( رؤى ) إلى العيادة، بينما يقف ( رامبو ) وأصدقاؤة حائرين لا يدرون ماذا يفعلون، فيقول ( رويبح ) لـ ( رامبو ) : هل أنت أعمى .. بدلا من أن تصيب المراقب العام ، أصبت ( رؤى ) الفتاة الطيّبة جارتكم.. ! يردّ عليه ( رامبو ) بصفعة على وجهه وهو يقول في غضب: - اسكت يا أحمق تريد أن تكشفنا..؟ وينسحبون جميعا إلى القسم في خوف وفزع.. المشهد الثالث : داخل القسم.. تدخل أستاذة اللّغة العربيّة وهي حزينة متوترة، يعمّ الصّمت كلّ التلاميذ يشعرون بالحزن والأسى، تنظر الأستاذة في غضب إلى تلاميذها وتقول: - عيب وعار ..على من فعل هذا .. ! تظنّون الأمرَ لعبة.. مجرّد لعبة ، لكن ( رؤى ) قد تفقد إحدى عينيها بسبب هذه اللعبة المؤذية والخطيرة .. ألا يخجل من نفسه من فعل هذا ..؟ ! حينها يدخل المدير رفقة المراقب العام إلى القسم وقد ظهر على وجهه الغضب الشديد، يحيّي الأستاذة وعلى وجهه مَسحة حزن ثمّ يتّجه ناحية التلاميذ ليقول: - لقد عرفنا أنّ الذي فعل هذه الجريمة الشنعاء من هذا القسم، وخيرٌ له أن يعترف بنفسه ، ويقدّم اعتذاره .. فيكون العقاب خفيفا ، وإلا فإنّ عقوبته تكون أشدّ وسيطرد من المدرسة، ولن يرجع إليها أبدا فيخسر مستقبله.. يسكت كلّ التلايمذ ولا ينطق منهم أحد ، ثمّ يهمس ( رامبوا ) في أذن ( رويبح ): - سأورّط خصمنا في كرة القدم ( سعيد ) ، من القسم الثاني حتّى نبعد عنّا الشبهات ثمّ رفع يده وقال : - سيّدي المدير أنا أعرف من فجّر ( الشيطانة ) في السّاحة .. نظر إليه جميع التلاميذ متعجّبين وكذلك نظر إليه المدير والمراقب والأستاذة باستغراب ، ثمّ قالت الأستاذة : - من فعل ذلك ..؟ من ..؟ فقال ( رامبو ) بمكر: - إنّه سعيد من القسم الثاني ، رأيته وهو يرمي بمفرقعة ( الشيطانة ) على وجه (رؤى ) ..لقد رأيته.. ! وكان ( رويبح ) معي وهو يشهد على ذلك . تردّد ( رويبح ) .. ثمّ قال: - آ..آ نعم ..نعم رأيته .. وكان معنا (حجّي ) وهو يشهد على ذلك.. ! يقف ( حجّي مترددا ) : آ..آ ..أنا ..أنا .. نعم ..نعم رأيته .. رأيته ( ثمّ يلتفت حجّي إلى الجدار ويرفع يديه ويقول بصوت خافت : ربّي يحرقكم بالنّار ) .. قال المدير في شكّ وريبة موجّها الكلام لـ ( رامبو ) : - هل أنت متأكد من ذلك ..؟ قال ( رامبو ) : أجل ..أجل سعيد هو من فعل ذلك ..؟ ورويبح يشهد ..يشهد ؟ قال ( رويبح ): آه..نـــ نــعم ..أأ شهد .. ! و( حجّي ) كان معنا ويشهد هو أيضا .. ! يقول حجّي مرّة أخرى في تردد: نعم .. نعم ..( ( ثمّ يلتفت ( حجّي ) مرّة ثانية إلى الجدار ويرفع يديه ويقول : ربّي يحرقكم بالنّار ) .. يقول المدير: - تعالوا جميعا معي إلى المكتب نستدعي سعيد من القسم الثاني ونتحقق من الأمر. المشهد الرّابع: المدير جالس على مكتبه .. ويقف أمامه سعيد خائفا مرعوبا، وقربه جماعة ( رامبو ) وهم ينظرون بخبث ومكر: المدير: تكلّم يا سعيد .. قل الحقيقة هل أنت من رميت مفرقعة ( الشيطانة ) على التلميذة ( رؤى ) ..؟ سعيد: لا.. لا يا سيّدي .. لست أنا والله لست أنا .. !حتّى أنّي لم أر الحادثة ، فقد كنت في جهة أخرى من السّاحة .. المدير ينظر إلى المراقب العام ويقول: أرجو أن تفتّشه حضرة المراقب. يتقدّم المراقب نحوه ليفتّشه ، فيتأخّر سعيد إلى الوراء ، وهو مرتبك، لكنّ المراقب العام لا يمهله ، يمسك بيده ويقول له : - إذا كنت بريئا حقّا كما تقول فدعني أفتّشك .. ثمّ يبدأ في تفتيشه ويخرج من جيبه مفرقة من المفرقعات ، فيقول له باستغراب وهو يرفع يده بالمفرقعة إلى الأعلى جهة المدير: - وما هذا أيّها الفتى البريء ..؟ ! سعيد يطأطئ رأسه بانكسار ويقول: - نعم.. أحضرت معي بعض المفرقعات لألعب مثل جميع الأولاد، ولكن لم أرمِ شيئا على ( رؤى ) والله العظيم .. والله العظيم .. المدير: لم يعد هناك مجال للكلام .. لقد انكشف أمرك .. وسوف تحوّل إلى المجلس التأديبي.. اذهب إلى قسمك الآن.. يخرج سعيد وهو حزين ويقول: - والله لم أرمِ المفرقعة ..والله لم أرمها .. لم أرمها ..هذا ظلم ..هذا ظلم .. ! المشهد الخامس: في القسم: تدخل أستاذة اللغة العربيّة .. وتلاحظ هدوءا غريبا يسود القسم ، فتسأل باستغراب: - ما الذي حدث .. ما الأمر ..؟ يجيبها أحمد: - لقد وقع حادث آخر بسبب المفرقعات ولكنّه أخطر من الأوّل أستاذة .. ! تسأل الأستاذة بفزع : هنا في المدرسة أيضا ..؟ تقول مَلَك: لا يا أستاذة بل في الحي حيث كان الأطفال والشباب يلعبون.. وقد أصيب ( رامبوا ) إصابة خطيرة في عينيه الاثنتين.. وهو في المستشفى منذ ثلاثة أيّام ويقول الطّبيب أنّه ربّما لن يرى بعينيه بعد اليوم.. وقد أخبر الذين زاروه أنّه هو من رمى مفرقة ( الشيطانة ) على ( رؤى ) وسعيد بريء من ذلك تماما ويشعر بالنّدم الشديد.. تتأسّف الأستاذة وتنظر إلى ( رويبح ) و( حجّي ) في استنكار وتأنيب وتقول: - هل هذا الكلام صحيح يا ( رويبح وحجّي ) ..؟ يطأطئ التلميذان رأسيهما ويقول حجّي في أسف .. - صحيح يا أستاذة ..صحيح لقد كذبنا .. كذبنا والسبب هو ( رامبو ) الذي ورّطنا في ذلك. ثمّ يلتفت إلى الجدار ويقول: " ربّي يحرقك بالنّار يا ( رامبو )..ربّي يحرقك بالنّار .. " الأستاذة: هذا كلام خطير .. حقّا صدق من قال: " كما تَدين تُدان " لابدّ أن تذهبا إلى المدير وتشهدا بذلك، ولابدّ من زيارة ( رامبوا ) في المستشفى، لنعرف الحقيقة منه مباشرة.. المشهد السّادس: في المستشفى يظهر ( رامبوا ) ممددا على السّرير وحوله يقف بعض أهله وزملائه والمدير والأستاذة والتلميذة ( رؤى ) .. وقد وُضع الضّماد على عينيه ولا يستطيع أن يرى أحدا.. تقول الأستاذة: - سلمت يا ( رامبو ) نتمنّى لك الشفاء .. لكن هل رأيت عاقبة أمرك ..؟ هل رأيت نتيجة التهوّر والعبث ..؟ يضع (رامبو ) يديه على وجهه وهو عاجز حتى عن البكاء ثمّ يقول: " نعم .. نعم صدقتِ يا أستاذة أنا نادم أشدّ الندم ..نادم أشدّ الندم " .. تقول الأستاذة: - الحمد لله أنّ ( رؤى ) كانت إصابتها سطحيّة وشفيت بسرعة، وها قد جاءت إليك لتعلن لك أنّها قد سامحتك وتتمنى لك الشفاء .. ! تقول ( رؤى ): نعم لقد سامحته ..سامحته ..لكن بشرط أن يطلب العفو من ( سعيد ) الذي اتهمه ظلما، وأن لا يعود لمثل هذه التصرّفات المؤذية .. يقول ( رامبوا ) بلهفة وحزن شديد: - نعم .. نعم سأعتذر من سعيد سأعتذر منه.. ولن أتصّرف مرّة أخرى بمثل هذه الطريقة المؤذيّة ..أبدا ..أبدا .. حقّا صدق من قال: - " كما تُدين تُدان .. كما تُدين تُدان " يدخل جميع الممثلين إلى المنصّة ويلتفتون إلى الجمهور وهم يرددون بصوت قويّ: " كما تَدين تُدان .. كما تَدين تُدان "
    نيسان ـ نشر في 2016/03/04 الساعة 00:00