إستثمار واستحمار

شاهر الشريدة
نيسان ـ نشر في 2016/03/11 الساعة 00:00
أجزم أن رئيس الجامعة الأردنية الحالي الذي يبدو أنه يقضي أيامه الأخيرة رئيسا، من أنشط الرؤساء الذين مروا على الجامعة، وأكثر رئيس ظهر في شاشات التلفاز وغرد في الإذاعات الرسمية وغير الرسمية، ويتربع على عرش القلوب بمخالطته للطلبة، ومن القلائل الذين عرفوا ان في الجامعة أشجار، وأوكار، وأماكن مشبوهة، ومن القلائل الذين عرفوا المدخل الأمامي للرئاسة، فكلهم كانوا يدخلونها ويخرجون منها من النفق السري. ليس هذا فحسب، فلديه بصمة واضحة في مواقع التواصل الإجتماعي، ويعلم كل ما يدور بين الناس، ويتفاعل مع القضايا المتعلقة بالجامعة على صفحاته الخاصة وصفحة الجامعة. لكن كل ذلك لا يشفع للسيد الرئيس، فقد نسي أنه يتعامل مع طلبة جامعة لا قطيع أغنام، ونسي أن عصر التسحيج قد انتهى. نسي أن التضليل الإعلامي لم يعد ينفع، نسي أن العزف على اوتار السميفونية الوطنية لتضليل الشعب وتزييف الحقائق اهانة، وأكبر اهانة للدستور، والوطن والشعب. إذا كانت هناك أحزاب قد تدخلت فعلا في تفصيلات الاعتصام، فبهذا تكون الأحزاب قد عادت لدورها الحقيقي لمصلحة الوطن، وهذا ما نتمناه. وإذا كانت هناك جهات تحاول استغلال الاعتصام للتعدي على الوطن ونسيج الوطن، فالرئيس وحده المسؤول نتيجة الاستفزاز المستمر للطلبة والأهالي. كيف لرئيس جامعة أن ينكر على الطلبة نزعتهم السياسية والحزبية إن وجدت، وكل جامعات العالم كانت وما زالت مصنع الأحزاب ومحركها. كيف للسيد الرئيس أن يلجأ إلى جيوب الطلبة لتغطية نفقات ومصاريف الجامعة ورواتب أكثر من ألفي موظف هم حمولة زائدة، وأكثر من ألف موظف إداري لا يحملون شهادة الثانوية العامة والمئات من الموظفين الذين تم تعيينهم محاباة. على رئيس الجامعة أن يعي أن ما كان مقبولا عند عودة الديموقراطية في التسعينيات حين لم يكن سوى ما يسمى الإتجاه الوطني والإتجاه الإسلامي، لم يعد مقبولا في الوقت الحاضر وأن سياسة التحشيد الإعلامي والتضليل الطلابي والشعبي بإسم الوطن تجاه أي مطالب بالحقوق الطلابية أمر مرفوض. يجب أن يعي أنه بات معلوما للشعب أن سياسة رفع الرسوم هي سياسة ممنهجة مع غيرها من سياسات مثل رفع معدلات القبول ومطالبة البعض بإلغاء المكرمات العسكرية وأبناء العاملين، هدفها لقضاء على أحلام الفقراء وتوجيههم عنوة نحو التعليم المهني. يجب أن يعي أنه تعدى على الدستور بالتفريق بين الطلبة، هذا تنافس وهذا موازي وهذا دراسات عليا. لا نريد له أن يكون شريكا في جريمة التعدي على الدستور بدفع الطلبة نحو التجهيل والتعليم المهني بطرق ملتوية. فللطلبة الحق في اختيار مسار حياتهم دون إي ضغوط حكومية. يجب أن يعي أن العودة بالجامعة الى ألقها يكون بحل المشكلات المتراكمة جذريا لا بترحيلها، وباحتواء الطلبة لا بتهميشهم، بتعليمهم لا بتضليلهم، بتنمية دورهم المجتمعي لا بقمعهم. يجب أن يعلم أن جيوب الطلبة هي ذاتها جيوب أهاليهم التي مزقتها الحكومات، وأن هذه الجيوب بئر بترول قد نضب. عن إقحام مؤسسات الوطن السيادية في المهاترات الإدارية للجامعة لا يخلو من رائحة نتنة، وعلى الرئيس أن يتدارك الأمر بإغلاق كل المنافذ في وجه الريح. يجب على معالي رئيس الجامعة الأردنية أن يعي أن الرقي بالجامعة يكمن في الإستثمار بالشباب لا بإستحمارهم.
    نيسان ـ نشر في 2016/03/11 الساعة 00:00