جوامع

شاهر الشريدة
نيسان ـ نشر في 2016/03/14 الساعة 00:00
سألتني سيدة بمسألة قانونية، وقالت: إنها اشترت قطعة ارض، ودفعت حقها، وبعد فترة صار فيه خلاف ع الارض بين الورثة، واتعطلت البيعة. وخلال حديثي معها بالتفصيلات قالت: كنت ملهوفة لاسجل قطعة الارض بسرعة عشان بدي أبني جامع، والحق اشوف الناس تستفيد من خير الجامع قبل ما اموت. قلتلها: يمكن ربنا مش رايدلك تعمري هالجامع، وصارت هالمشكلة عشان تفكري بالموضوع، وتراجعي حساباتك. البلد مليانة جوامع، والناس ما بتفوتها إلا يوم الجمعة، واللي بفوتوها بالأيام العادية أغلبهم مراقين طريق أو تجار بفوتوها عشان دورات المياه، فاستغلي هالمصاري بمشروع يدوم خيره لأجيال واجيال افضل. اعطيهم لجهة بتهتم بالفقراء، اكفلي ايتام، ابني روضة، مدرسة، مشغل للبنات العاطلات عن العمل. او أي مشروع مهم. فما اقتنعت بكلامي لأن حسب رأيها وفعلا صحيح رأيها، ان هيك مشاريع وجع راس وروتين حكومي بالمعاملات، وكونها مغتربة ما عندها وقت. قصة السيدة، خلتني افكر ليش الناس فاهمة ان الأجر بس ببناء الجوامع، وليش هالمفهوم الغلط للدين وعمل الخير. بنشكي من التعليم بالمدارس، صوبات مافيش، مكيفات مافيش، وكل 50 طالب بغرفة، وطلاب بلا مصروف، وطلاب بلا ملابس. وبنكون نتدلل اي جامع نصلي فيه، وإياه السجاد فيه مريح اكثر، واياه اللي جدرانه احلى. بنشكي من قلة المراكز الصحية بالارياف، ومن الضغط بالمستشفيات، وكل ألف نسمة عندهم 5 جوامع، بين كل جامع وجامع اقل من 200 متر. بنشكي من البطالة، وبننتقد الحكومات لأن مافيش وظايف، وكل أسبوع بنبني جوامع بعشرات ومئات الألوف. وعندنا بالأردن جوامع كلفة الواحد منها اكثر من مليون و2 و3 مليون. وكأن اللي بببنوا هيك جوامع بدهم يحجزوا الجنة لحالهم يوم القيامة. صحيح الدولة اولى بمؤسساتها وبتوفير كل الأساسيات للشعب، لكن الجوامع الزيادة عن الحاجة اخذت حصة قطاعات اهم بالميزانية. والحكومة لما بدها تبني جامعة او مدرسة أو مركز صحي أو مصنع بتحسب عدد السكان ومساحة المنطقة الجغرافية لتقرر حاجة هالمنطقة لهالمشروع. فلازم تحسب نفس الحسبة و حاجة الناس والمناطق للجوامع. بناء جامع، طريق وحيد مافيش غيره، يمكن يوصلنا لله ويمكن لا. والاغلب لا والله اعلم، لأن الجوامع صارت مباهاة، والناس بطلت تقول بيت الله، صارت تقول جامع فلان وجامع علان. ولكن باعمال الخير، كل شخص جيعان اكل ساندويشة فلافل، وكل مريض أخذ حبة اسبرين من مستوصف، وكل طالب استعمل قلم، وكل يتيم فات الجامعة، وكل عاطل عن العمل بفتحلنا طريق اوسع ومعبدة كمان. الأطفال لما يكبروا، ويفكروا ليش كل هالجوامع، وليش كانت الناس تاركيتهم بوجعهم، صدقوني رايحين يحسوا بنفس احساسي الحالي، وما يصلوا بجامع، بنوه ناس بدهم يفوتوا الجنة بالفشخرة، ولا رايحين يحترموا ناس جمعوا مصاري، ليبنوا جوامع جنب بيوتهم عشان بتعاجزوا يمشوا 500 متر، في حين تركوهم يمشوا بعز الشوب، وبرد الشتا بثياب مرقوعة وبطون موجوعة.
    نيسان ـ نشر في 2016/03/14 الساعة 00:00