سعودة الوظائف في بلاد الحرمين
نيسان ـ نشر في 2016/03/29 الساعة 00:00
هل سعودة الوظائف في بلاد الحرمين تحل مشكلة البطالة أم تزيد الفجوة مع الشعوب العربية والإسلامية
إبتداء نقول أنه وبشكل عام وفي مختلف بلداننا العربية نجد افتراقا وتناقضا بل وتضاربا بين سياسات الدول العربية داخليا وخارجيا.
ليس مجالي هنا أن أغوص في مشكلة افتراق السياسات ومستوى الأداء في دول عربية رائدة وتحظى باحترام في سياساتها الخارجية بينما نفس هذه الدول تنكفيء داخليا على سياسات خاطئة لا تحقق حتى للسياسات الخارجية أدواتها وأذرعها المطلوبة.
منذ بداية عاصفة الحزم التي ابتدأتها بلاد الحرمين بقيادة الملك سلمان لم يكن لأي قومي أو مثقف عربي إلا أن يقف الى جانب المملكة وأن ينافح عن مبادرتها التاريخية بكل ما أوتي من قوة لأن الموضوع يتعلق بمصير أمة على رغم كل خلافاتها الداخلية.
في نفس الوقت لا يمكن لأي مثقف عربي أن يفهم ما يجري من تغيرات هيكلية مفاجئة في سوق العمل في المملكة داخليا.
لا نريد في هذا المقال أن نخرج عن سياق الجدوى والمهنية مع أنه من حقنا أن نعتب على بلاد الحرمين فهي في موقع القيادة في العالم الإسلامي ليس بسبب حرص طبقة الحكام في البلاد العربية والإسلامية عليها بل بسبب أنها بلاد مهبط الوحي وحاضنة المقدسات ثم بسبب ما أولاها الله من ثروة توفر لملايين العرب والمسلمين فرص العمل والوظائف في تبادل للمنافع الحلال مع الشعوب العربية والإسلامية.
لقد أفنى ملايين الشباب العرب والمسلمين زهرة شبابهم في خدمة المملكة ولم يخونوها يوما.
السؤال الآن ومن منطلق الحرص التام على ريادة بلاد الحرمين هل السعودة تحل المشكلة الاقتصادية في المملكة.
لننظر الى أمريكا وهي مثال اقتصادي رائع في هذا المقام في عهد أوباما ....أتى أوباما على وضع اقتصادي معقد في أمريكا حين فقد ملايين الأمريكيين بيوتهم ووظائفهم ....هل قام بطرد المهاجرين وقام بأمركة الوظائف.
أوباما وخلال 8 سنوات شطب المديونية الأمريكية تقريبا وشغل عموم الأمريكيين بل واستجلب مهاجرين جدد.
على واضعي السياسة الاقتصادية وسياسة سوق العمل في بلاد الحرمين أن يعلموا أن الذي يكد ويتعب في بلادهم منذ عشرات السنين لا يعاقب بالطرد ولا يحقق طرده حلا لمشكلة البطالة في المملكة بين السعوديين.
كما يقول المثال على الجمال بتشديد الميم وفتحها أن يوسع باب بيته.
لا نقول أن جميع التغييرات في سياسة التشغيل وشغل الوظائف خاطئة ولكن على المملكة أن تتجنب ما يسيء لمكانتها في البلاد العربية والإسلامية.
لا يستطيع أي مغترب أن ينافس سعوديا في أي مهنة إذا أراد السعودي أن يعمل فلماذا يشغر مكان ليس السعودي مستعدا لشغله أولا هذا من ناحية.
أما من ناحية أخرى فالبداية الأصح تكون بالتهيئة وتغيير مخرجات النظام التعليمي في المملكة ورفع كفاءته ونحن نعلم أن المملكة ابتدأت في هذا المسار فلتأخذ التغييرات في مخرجات التعليم في المملكة وقتها.
لا بد من الإشارة كذلك أن هناك بطءا شديدا في فتح أسواق العمل والاستثمار في المملكة ...ما يثير غيرتي على المملكة هنا لماذا لا تأخذ نموذج الإمارات. أنا أشعر بالأسى حين يهرب المغتربون من مدن المملكة العربية السعودية الى الإمارات وما يجب أن يحدث هو العكس.
بكل صراحة تستطيع المملكة أن تنشيء سوق استثمار في المملكة العربية السعودية أوسع بألف مرة من أسواق الإمارات وليس عيبا أن يستفاد من التجربة التركية والتجربة الإماراتية والمملكة قادرة على صنع تجارب أثرى بكثير من هاتين التجربتين.
على المملكة العربية السعودية أن تبقى حاضنة للقوى العاملة العربية والإسلامية وأن يكون التحدي أمامها ليس كيفية طرد هؤلاء بل التحدي الأجدى والأنفع هو إيجاد أسواق وفتح فرص استثمار وعمل تكفي السعوديين وهؤلاء سويا.
كما أن الحماية الإغلاقية على سلعة معينة يؤدي الى رداءة نوعيتها كذلك الحماية الإغلاقية على شاغلي الوظائف يؤدي الى رداءة نوعيتهم.
إن عناوين الحل التي لا تخطئها عين بصيرة في إيجاد فرص عمل هائلة في المملكة العربية السعودية هي كما يلي:
1. تغيير سريع في نظام الكفالة يكفل العدالة.
2. الاستثمار في اليمن الذي يزخر بموارد وفرص استثمار ستولد مئات آلاف فرص العمل سواء لليمنيين أو السعوديين أو العرب بشكل عام ويعلم الخبراء السعوديون كم هي معطلة مجالات الاستثمار في اليمن ولا سيما أن طبقة كبيرة من أثرياء المملكة هم من أصول يمنية.
3. فتح أبواب الاستثمار على مصراعيها في كل مجالات الاستثمار في المملكة.
4. مساعدة شركات المملكة المتعثرة وهذا ما ابتدأ بفعله أوباما منذ أن وطئت قدمه البيت الأبيض ولا سيما إذا علمنا أن معظم الشركات المتعثرة في المملكة وهي شركات المقاولات عموما تعاني أساسا من تعقيدات نظام السعودة مما أدى الى توقف كم هائل من المشاريع في المملكة.
5. تشجيع أكبر لأصحاب المشاريع الصغيرة بين الشباب السعوديين.
6. أما العنوان الأهم والذي نختم به هذا المقال فهو تغيير ثقافة العمل لدى السعوديين من خلال أنظمة التربية والتعليم والإعلام والتركيز على التعليم المهني وتعظيم ورفع كفاءة مخرجات قطاع التعليم في المملكة بكل مستوياته.
نيسان ـ نشر في 2016/03/29 الساعة 00:00