في الحب ّ و الشوق ِ وعنهما ! ( من أطراف شبابيك العاشق ) للأديب الاردني ماجد شاهين

نيسان ـ نشر في 2016/04/01 الساعة 01:00
(1) عن الشوق ُ ! على حين إجابة عن سؤال ٍ في أوّل تشكّل النهار ، قلت ُ لامرأة ٍ مبهجة ٍ ، كانت تسألني عن الشوق ، أن ّ الشوق يشبه الوجع ، ولا ينفع معه التفسير ... الشوق مثلا ً أن تحتضن غاليا ً و تخشى أن يفلت من عندك أو من بين ذراعيك .. الشوق سؤال لم نجد بعد اللحظة الملائمة لكي نطرحه . ... الشوق ُ فاكهة لذيذة لا تُؤكل ! .. . الشوق أن تُصاب بارتباك شديد و أنت في طريقك إلى موعدك ، و أن تتلعثم ولا تنبس بالمرّة حين تتضح الصورة وتكون حيث ينبغي أن تكون ، و أن ّ لا تستطيع الوقوف على ساقيك حين تهمّ بالمغادرة و حين تترك قلبك في المكان . ... الشوق ُ و أجمل ما فيه ، أنّه سؤال من دون إجابة . ( 2 ) .. و الشوق ُ ! و الشوق حين نفـسّره ، نميتُه أو نجعله فاتراً .. هكذا ، ثمّة أشياء لا ينبغي تفسيرها أو شرحها ! ... الوجد ُ عذب ٌ رغم قسوته ، لكنّه بصير بلا معنى ً حين نفسّره ! ... والحزن ... و الحبّ ... والعين الناعسة ُ ... و رائحة الورد من دون ورد ... و حفيف أوراق على غصن ٍ قريب ... و الماء حين تترقرق خفيفةً ... والفاكهة حين يقضمها ملتاع ... وامرأة ٌ يلتمع منها الرضاب ... تلك أوقات و ملامح تفقد روحها حين نُخضعها للوصف والتفسير .. تماماً مثل " دهشة صبيّ " عند أوّل إدراكه للهوى ، وتماماً مثل " سلطنة " فتاة حين كانت تمشّط شعرها و ترقب طيراً يقترب من النافذة ! ... لا يُسأل ُ الورد ُ عن " احمرار خدّيه " ، و لا ينفع أن نسأل الندى عن لهفته للقاء النافذة ! ( 3 ) أمّـا الحب ّ ! الحُب ّ هو أن تقرأ سطور الرسالة قبل أن يكتبها شخص ُ إليك ، والحُب ّ أن تشمّ رائحة القهوة قبل أن يحصد الزرّاع محصول البن ، أو ربّما قبل البذار ، و قبل أن يغدو قابلا ً للطحن ِ و قبل أن يغلي في الركوة و قبل أن يندلق البنّ وتفيض الركوة . .. الحُب ّ هو أن يكفيك رغيف الخبز ستين يوما ً ، فقط لأن ّ أحدهم ألقى إليك السلام و أفلَح في دفع ِ عينيك إلى التماعة رقيقة . ( 4 ) .. و الحب ّ ! و الحب ّ ، مثلا ً ، أن نتحلّق حول مدفأة صغيرة في برد ٍ قارص ٍ ، نتدثـّر بأنفاسنا واللهاث ، و ندوّر رغيفاً فوق اللهب و نتناول لقمة هنا و أخرى هناك ، ثم نقشـّر برتقالة وحيدة ونتقاسمها ، قطعة هنا و أخرى هناك و نسأل النعاس َ أن يتريـّث قليلا ً لأن ّ في البال أغنية من هناك تجيء على مهلها ! الحب ّ أن ندندن زمنا ً جميلا ً على شكل أغنية أو حكاية أو " نكتة طازَجة " أو على هيئة دمعة تحضر في غير موعدها ! الحب ّ أن نقرأ في عيون الناس رسائل لم نكتبها بعد ، و أن ّ نرى ما لا تحمله الصورة و أن نرتوي من دون ماء ! الحب ّ أن نعد ّ على أصابعنا أوقات الزهو والشوق و أن نضحك ملء ملامحنا من دون ضجيج ! .. الحب ّ ، يا أنت ، يعني أنـّك هنا في البال . الحب ّ أنت ! ( 5 ) و في فاكهة الحب والشوق ! خُذ ْ ملعقة ً من أنفاسها عند أوّل الصحو ، خُذ ْ آخر بقايا منديل ٍ ورقيّ دسّته في جيب قميصها ، خُذ ْ قطرة من دمعة ٍ من عينها سحّت هياماً أو اشتياقا ً عند ساعة قبل الغروب ، خُذ ْ نسمتين من هواء رقّ عند خصلة ٍ تدلّت بهدوء من شعرها ، خُذ ْ سُلافة ً من كأس ٍ لم تكرعه هي عن آخره و خُذ ْ صُبابة ً من معتّق ٍ لم تشأ هي أن تأخذه حتى الثمالة ، خُذ ْ برقوقة ً من عند نافذتها ، و مُشمشة ً قبل هرسها من عند أوّل ميل ٍ في الجدار ، خُذ ْ فستقة مُقشّرة ً من جيبها .. خُذ ْ كسرة خبز ٍ من نصف ِ رغيفها ، ..... خُذ ْ ، واخلط الملعقة والقطرة وبقايا المنديل والنسمتين والسلافة والصبابة ، و ارفق بالبرقوقة والمشمشة والفستقة التي بلا قشر ٍ ! ..... خُذ ْ ، من نصف الرغيف وترفّق بالماء لكي لا تجرحه ! ..... خُذ ْ ، بعدما ينضج العشب ويكتمل دوران الخليط : رشفتين في أوّل النهار ، ورشفة قبل نومك ... وستصحو بعد يومين مكتمل البهجة .. ستصحو طيّب َ الروح والرائحة !
    نيسان ـ نشر في 2016/04/01 الساعة 01:00