العناوين التي تنفع ! للأديب الاردني ماجد شاهين

نيسان ـ نشر في 2016/04/07 الساعة 00:00
( 1 ) في حدائق البذخ ، غالبا ً ما يـُحاط ُ النبات والورد بأقفاص ٍ وأسلاك بما يكفل بقاء النبات محصورا ً في الإطار منخفض العنق متطامن القامة و ضعيف الرائحة ! .. من بين ذلك يصعد غصن ٌ ويحاول الإفلات من قبضة الأسلاك والقفص و يشقى و يحاول ، و حين يجد طريقه للنفاذ يسمق و ينمو كما نشتهي و يعمر المكان بالرائحة . .. مثل ُ تلك الأغصان السامقة التي تنفلت من الإسار والقفص ، تصعد و تحنو على غيرها من الأغصان المحشورة بين الأسلاك . .. الغصن الصاعد يمرّن الأغصان الصغيرة على النمو و يزوّدها بما يلزمها للبقاء و للحب ! .. الأغصان تتنفس و تسعى و تحب ّ و تختنق جرّاء المساحات الضيّقة التي تـُوضع فيها . ( 2 ) الكلام لا ينفع ! ينفع الآن ، أن تنام الحروف وتأخذ الكلمات غفوتها و تُطوى الدفاتر و تُؤجّل مواعيد القراءة ! .. ينفع الآن أن يخرج الرعاة والتقاة والحواة و العارفون والجاهلون والمتفرّجون و بائعو الحطب والتعب و راتقو الثياب و مصلّحو البوابير و سائقو الحناطير و العربات و حارسو المنازل المهجورة .. ينفع أن يخرجوا في العراء و يهتفوا للمغنّي لكي يسوّي ثقب الناي و يرتق جرحه . .. ينفع أن يخرج الناس ، كلّهم ، إلى البحر لكي يغسلوا وجوههم و يطلبوا إلى الشطآن أن تميد َ ! ( 3 ) الآن ، لا عناوين واضحة ً للكتابة .. أو ربّما لا شيء يستوجب الكلام ! .. الأشياء والمواقف والانتباهات ، كلّها ، مكرورة تؤول إلى ذاتها . .. لا فاكهة تغري بالتناول أو الالتهام لا شوارع تعتني بعابريها لا أرصفة تدندن " قصّة الأمس " . لا أرغفة تكفي للجائعين لا أردية أو أغطية تستر أجساد الذاهبين إلى العراء لا أحد يلوي على مبتغاه أو صورة في الحلم ! ... الآن ، لا أسماء لنا واضحة ولا ملامح ولا مطارح ! .. كلّنا ، خسرنا اليوم الذي فات و نسينا ملامحه ، و كلّنا ننشغل في ارتباكات الآن أو اليوم الذي نحن فيه ، فنتزاحم في المطارح كلّها ، في المنازل والشوارع والأرصفة والمخابز ، وقليلون يتزاحمون في أماكن التقوى أو مطارح الوعي والكلام الذي يبهج . .. أمّا يوم الغد ، فتركناه إلى الغد ! ... لا عناوين واضحة للكتابة ، لأنّنا بلا عيون ترى وإن ْ رأت فلا نبصر !
    نيسان ـ نشر في 2016/04/07 الساعة 00:00