احلام سبعطعشر عام

17 سنة ولا يوم راجعت مسؤول ولا نائب ولا وزير ليوظفني، مش ضعف مني، لكن لأني ما بين التوجيهي وتخرجي من الجامعة شوفت الويل من اثار المحسوبيات والواسطات، فصار عندي إيمان وقناعة بالالتزام بالقانون والنظام. 17 سنة برغم معاناتي مع المجتمع والشغل الخاص في بعض الاحيان، وما سمحت لحدا يستغلني، ما سمحت لا لمسؤول قريب يهت علي، ولا مرشح لمجلس النواب يلعب باحلامي ويحملني جميلة لأصوتله. استنيت 17 سنة لما لحقني دور الشهر الماضي بالتعيين بديوان الخدمة المدنية. وبيوم الامتحان التحريري بمبنى ديوان الخدمة المدنية، طلعت مبسوط وفرحان، واكتافي بتراقصن لحالهن لأن عارف حالي أني جاوبت كويس، وبعد 30 ثانية بس، انصدمت فجأة وبدني انهز وكأن حدا كب علي سطل مي باردة. انصدمت وخفت ان تعبي وانتظاري كل هالسنين يروح ع الفاضي، لأن شوفت بكراج الديوان 4 سيارات نمرة مجلس النواب. واكيد مش جايين يمتحنوا ليتوظفوا، واضحة انهم جايين يشتروا اصوات ع ظهري وظهر غيري، ويتواسطوا لناس. طول الطريق من عمان للقرية باربد وانا بفكر، هالنواب والمسؤولين طول 17 سنة كم واحد اعطوه دوري ودور غيري، كم واحد خسر دوره من وراهم، كم بيت وكم أسرة عانت مع اولادها وبناتها العاطلين عن العمل بسبب ناس بتبيع وبتشتري بأحلام الشباب ومستقبل وطن. الحمدلله ما كنت ضحية هالمرة واتوظفت، لكن قبل اسبوعين قرأت بتقرير صحفي ان اكثر من 80 نائب استفادوا من كرسي النيابة، وعينوا اولادهم واخوانهم واولاد اخوانهم وخواتهم بالواسطة، وبوظايف محترمة. وامبارح قرأت ان اكثر من 110 اشخاص تم تعيينهم بالاسابيع الاخيرة بواسطات من نواب غير عن الـ 80 اللي بخصوهم. لما نائب ينحرف بمهمته في مجلس يخلق خطط عشان ما نستنى 17 سنة لنتوظف، ليقوم بدور فاسد بدل مراقبة الفساد والحكومات، وليكون نائب مناسف اعراس واموات عشان انتخابات، وهوشات وتشليخ شعر وتبويس وحضن سفيرات، صدقوني انه عادي الواحد فينا يستنى 17 سنة ليلحقه دور بوظيفة. عادي جدا اللي بصير فينا، طالما بعد كل اللي بنشوفه بدنا نرجع نغني ونزغرد ونهاهي للمرشحين اللي كل واحد فيهم معه ملف، يسجل فيه اسم اللي بده يكون عامل وطن وناطور بعمارة مسؤول. وملف فيه كم دخلة زفّت، وأسماء الشوارع اللي حط فيها لمبات وحاويات زبالة.