عمر الرزاز.. الدولة المدنية وأشياء أخرى
نيسان ـ نشر في 2016/04/27 الساعة 00:00
محمد قبيلات
أطلق الدكتور عمر الرزاز عبر صفحته على "الفيسبوك"- ما يشبه- حملة ضد الوساطة والمحسوبية في التعيينات، وسط مجتمع يتخوف أبناؤه من توالي الحملات المطالبة بالإصلاح، حتى وإن تبناها أشخاص من ذوي الكفاءات، إلا أن الرزاز لا يزال يحتفظ برصيده من الثقة الشعبية والرسمية على السواء.
مرد التخوفات لدى بعضهم يكمن في عدم الثقة بالمنظمات العابرة للقارات، التي لا يقتنع الاردنيون أنها جاءت بمشروعات من أجل سواد عيونهم، بل سرعان ما يتبادر إلى أذهانهم أنها تنطوي على أجندات خارجية، وبأحسن الأحوال تسعى لضمان بقاء اقتصادات الدولة الاردنية قادرة على تسديد الاقساط المستحقة عليها للجهات الدائنة.
يقول الرزاز: إن العدالة الاجتماعية هي البديل عن الوساطة والمحسوبية، وهو في ذلك لا يختلف عما يطرح اليوم في الشارع، لكن هناك خلاف مفاهيمي حول آليات تحقيق العدالة الاجتماعية وأدواتها. فالآليات التي أفرزها المجتمع في مواجهة إدارة الفساد، لم تتجاوز إيصال من يمثلون قطاعات وجهويات معينة إلى موقع المسؤولية- على التوالي- فيوصلون بدورهم جماعاتهم.
ومن الأمثلة على ذلك، مؤسسة الموانئ وشركة الفوسفات، فكانت تسري بين العقباوية ما تشبه النكتة تقول: إن العقبة تمتلئ بالطفايلة فور تعيين مدير للمؤسسة من الطفيلة، ثم تفيض من محافظة أخرى بعد تعيين احد أبنائها في الموقع ذاته، وهذا ينسحب أيضا على العشائر.
الثابت إلى هذه اللحظة أن الفهم الرسمي لهيبة الدولة ينحصر في فرض احترام القرارات التنفيذية، وعدم المساس بهيبة المسؤولين، وفي سياق هذا الفهم، يعتبر النقد سواء الموجه لأشخاصهم أو لسياساتهم جزءًا من المساس بهيبة الدولة.
بينما لا يرى الرسمي أية غضاضة في تزوير الانتخابات أو المحسوبيات أو التعديلات المستمرة التي تكيف الدستور وفق أهواء ومصالح آنية، ولم يقف الأمر عند حد التعديلات الدستورية، بل تجاوزها إلى ما طالعتنا به الأخبار بالأمس عن أمين عمان، وما يسعى إليه من استصدار قوانين تحصنه ضد المساءلة والمحاسبة.
تأتي هذه الوجبة من التعديلات، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى المزيد من الإجراءات التشريعية والرقابية لتعزيز السبل المؤدية لبناء الدولة المدنية، دولة القانون والمؤسسات، وذلك لا يتأتى من دون إشراك الناس في اتخاذ القرارات وفي التخطيط ضمن تقسيم عمل سياسي عادل يضمن الشكل الذي ستصير إليه البلد.
تقول النكتة: إنه تم توجيه سؤال؛ (ما هو رأيك بانقطاع التيار الكهربائي؟) لثلاثة أشخاص من جنسيات وقوميات مختلفة، أمريكي وأفريقي وعربي، فكانت إجاباتهم كالتالي: الأمريكي: ما معنى انقطاع التيار الكهرباء؟. الأفريقي: ما معنى كلمة كهرباء؟. العربي: ما هو المقصود بـ "ما هو رأيك؟".
في الأردن يثبت اليوم أن قصة العقد الإجتماعي هي مجرد أسطورة ترقى إلى مستوى الخرافات، فهو ليس عقدا بين محكوم وحاكم ما دام الحاكم يعدله ويبدله وقتما يشاء، ويصبح مجرد عقد إذعان يفرضه طرف على الآخر، وفوق ذلك يطلب منه أن يبتهل أثناء إذعانه لذلك.
العقد العادل يمنح كل طرف حقه، ويحدد الواجبات، ويحصّن من بغي الآخر.
لذلك هو عقد، وحل وسط، يحافظ على مصالح الأطراف كافة، فيحميها من تغوّل الأطراف الأخرى، كما يحمي كل طرف من نفسه الأمارة بالسوء، والطامعة بما ليس هو حق لها والذي قد يعود عليها وبالا.
نيسان ـ نشر في 2016/04/27 الساعة 00:00