الانتحاريون الجدد

نيسان ـ نشر في 2016/05/12 الساعة 00:00
محمد قبيلات سيطرت مشاعر مختلطة على الشارع الأردني إثر محاولة الانتحار الجماعية لخمسة شباب الانتحار أمس، بصعودهم إلى سطح العمارة التي شكلت منصة للانتحار في عمّان خلال السنوات الماضية. ليست هذه المحاولة الأولى التي تجري فيها محاولة الانتحار أو الانتحار الفعلي، فلا يمر أسبوع من دون أن تطالعنا الصحف بأخبارها عن عمليات انتحار فردية. ما يميز هذه الحادثة انها أولا جماعية، وثانيًا تأخذ طابع الاحتجاج المباشر والصريح على السياسات التي أنتجت الواقع الاقتصادي الذي جعل هؤلاء الشباب من فئة العاطلين أو المعطلين من العمل. من حسن حظ البلد أولًا والشباب أنفسهم ثانيًا أن الأجهزة الأمنية تداركت الموقف، وأحبطت تنفيذ ما كانوا يزمعون تنفيذه، لكن الأمن العام يتعامل مع النتائج، وليس بمقدوره أن يتدخل في الأسباب فيعالجها، حيث أن هناك جهات كثيرة هي المسؤولة عما وصلت إليه الحال اليوم. طبعًا؛ معروف أن ظاهرة الانتحار موجودة في المجتمعات كلها، ولا تقتصر على الدول الفقيرة أو محدودة الموارد، وربما كانت نسب الانتحار في دول يتمتع مواطنوها بالرخاء الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والحريات العامة، من أعلى نسب الانتحار بين الدول. لكن الأسباب مختلفة، وفي نظر المتفحص لحادثة الأمس فإن من واجب الجهات المعنية التعامل الجدي مع هذه الحالة، لأن القصة مركبة وتشكل صافرة إنذار حقيقية لما يمكن أن يدخله مجتمعنا من حالات تصعب السيطرة عليها. خطورة الحادثة؛ تأتي من كونها جاءت على شكل احتجاج على البطالة، فهي من جانب تؤكد لنا خطأ السياسات السابقة والمعالجات الحالية، ومن جانب آخر تشكل خطرا بأن تكون أنموذجا مُغريًا ليحذوا غيرهم من الشباب حذوهم في السعي لتنظيم حالات صادمة من الاحتجاج. لا بد من التعامل بجدية عالية مع الحادثة، فهؤلاء الذين حاولوا "الصعود للسماء" من المؤكد أن ليس لديهم ما يخسروه، وأخطر ما تواجه المنظومات الاجتماعية هي هذه الفئة التي يمكن أن تفعل أي شيء في أي وقت، فرغم ما نلاحظه من هدوء وسكينة على وجوه المعطلين من العمل لكن دواخلهم تشتعل بالاحتجاج على عدم توفر العمل لهم، وليس ذلك فقط، بل عدم توفر أية رعاية أو مخصصات تعينهم على توفير أدنى الاحتياجات. أخطر ما في الموضوع، أن يكون قد مر مرور الكرام، والكل سمع عنه وتابعه من خلال وسائل الإعلام، وأن ليس هناك من جهة معنية الآن تضع الملف على طاولة البحث والدراسة من أجل إيجاد الحلول.
    نيسان ـ نشر في 2016/05/12 الساعة 00:00