عن الولد الشقي ّ ! للأديب الأردني ماجد شاهين

نيسان ـ نشر في 2016/05/19 الساعة 00:00
( 1 ) أتعثر بولد ٍ شقيّ يخرج في السطر الأوّل ويمدّ لسانه مُستهزئاً بالفكرة والقصة والكتابة ، ذلك كلّما حاولت كتابة قصّة .. فأترك القصة و أروح إلى النص ّ و السرد الآخر ! ولا مهرب أو فرصة للنأي ، فالولد الشقي ّ حاضر في الحكايات : في الشجر والنافذة في القصة والشارع في الماء و لقمة الخبز في النوم و مسرح المدينة في الدفاتر و كأس الشاي في الرسالة الخفيفة بين عاشقين في قرص الدواء الذي يتناوله مـُرهَق ٌ في قعر فجان القهوة في بطن ِ إبريق الزيت ! .. الولد الشقي ّ حاضر و روحه تملأ سلال التعب و سلال الفاكهة وسلال القلق ! .. أتعثر به أينما اتجهت كانما يبحث عنّا لكي نراه فينا ، أو نراه في وجوه التراب و الجدران و عند باعة الزعتر والبقدونس . .. الولد الشقي ّ يملأ الأماكن فاكهة ولا يأكل منها ، يملأ البلاد ضجيجا ً ولا يصرخ يملأ الدالية عنبا ً ولا يقطفها قبل أوانها يملأ " جرار الفخـّار " ماء و زيتا ً ولا يأخذ سوى حصـّته في رغيف الخبز ! .. الولد الشقي ّ ، يعرفنا بأسمائنا و أسمالنا و وجوهنا ، و يخرج ُ لسانه لنا ساخرا ً أو مستنكرا ً حين نزعم أننا لا نعرفه . يخرج لسانه لنا حين لا نداري سوءاتنا . ( 2 ) كلّما حاولت ُ كتابة قصة قصيرة ، أتعثر بولد ٍ شقيّ يخرج في السطر الأوّل ويمدّ لسانه مُستهزئاً بالفكرة والقصة والكتابة ... الولد الشقيّ له ألف حكاية وحالة و سؤال : .. الولد مركون بلا مأوى تحت نافذة انتظار . .. الولد خذلته التباسات الوالدين مع الحياة ، افترقا لأن ّ الجارة لم تعجبها ياقة قميص العروس . .. الولد هجر مدرسته و لم يتقن الحروف لأنّ المعلّم أصرّ على تلقين الولد درساً فضربه بعصا غليظة عشرين مرة على يديه الضعيفتين .. والسبب أن الولد نسي أن يرقع مزقاً في قميصه . .. الولد ، وبمصادفة عجيبة ، حاول أن يفتح علبة سردين ، كانت ناولته إياها جارة مغناجة ، جُرحَت يد الولد ، و المفاجأة كانت : علبة السردين فارغة . .. الولد يقتعد الرصيف أو يدور قريباً منه ، بثياب رثّة و وجه لفحته الشمس والرياح السوداء . .. الولد يصرخ في الناس ويقول : ( من كان منكم بلا قميص تالف ٍ أو شفاه يابسة ، فليبتعد عنّي (. .. الولد تناسلت منه أرواح و ملأ الفضاء . .. الولد الذي يكتب قصّتنا ، ولا يريد أن نكتبه ، هذا الولد ملأ البلد .
    نيسان ـ نشر في 2016/05/19 الساعة 00:00