مسؤولية الحكومة عن تفاقم المديونية
نيسان ـ نشر في 2016/05/21 الساعة 00:00
كتب محمد قبيلات
ارتفاع إجمالي دين المملكة العام، الداخلي والخارجي إلى 25063.6 مليون دينار في الربع الأول من العام الحالي، بنحو 93 من مئة من المنتج المحلي الإجمالي المقدر لنهاية شهر آذار، يشكل مؤشرا قويًا على أن إدارة مشاكل المالية العامة للدولة لا تسير في اتجاهها الصحيح.
فما زالت الحكومة تتصرف بصفتها حكومة تسيير أعمال تحل مشاكل العجز في الموازنة بالاقتراض، علما أنها من أطول الحكومات عمرًا، فنحو أربع سنوات على مكوثها في (الرابع) كانت كفيلة للتغيير والتصحيح.
لكنها آثرت السير على منوال سابقاتها من الحكومات؛ بحل المشاكل التي تواجهها بالاقتراض، ما أغرق البلاد بمديونية لا قدرة على الخروج منها على المدى المنظور إلّا بمعجزة.
وكنوع من ذر الرماد في العيون، تقول وزارة المالية في نشرتها الشهرية الأخيرة: إن مديونية شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه تبلغ نحو 7.6 مليار دينار، من إجمالي الدين العام، كونها مكفولة من قبل الحكومة، ولا تذكر هذه النشرة حجم مديونية شركة الكهرباء على القطاعات الحكومية وشبه الحكومية.
وتقول النشرة أيضًا: إن صافي الدين العام بلغ في نهاية آذار من العام الحالي 23344 مليون دينار، بارتفاع قدره 496 مليون دينار، وذلك لتمويل عجز الموازنة العامة والقروض المكفولة لشركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه بنسبة 6.86 من مئة من المنتج المحلي الإجمالي المقدر لنهاية آذار من عام 2016 بينما بلغ نحو 22847.5 مليون دينار 8.85 من مئة من المنتج لعام 2015 .
وكالة الأنباء الأردنية فسّرت القصة بأن الوزارة قدّرت ولأول مرة ـــ بهدف إضفاء مزيد من الشفافية على البيانات المالية، مقدار المنتج المحلي الإجمالي 66970 مليون دينار بالأسعار الجارية لنهاية الربع الأول من العام الحالي ــ مقابل 26637.4 مليون دينار المقدر لنهاية 2015.
الشفافية التي تتحدث عنها الوكالة الرسمية، برواياتها التي ظلت محابية للحكومات، في تغييب للحيادية على مدى السنوات الماضية وما زالت، ولنا في معلومات الموازنة وأرقامها دلائل كثيرة، حيث دأبت الحكومات على "خبز" الموازنات بناء على خلفيات دعائية تستهدف إدامة تدفق المعونات الخارجية، من دون ان تسعى إلى تقويم الاقتصاد الوطني وكذلك المالية العامة للدولة، حتى بلغ الأمر بالحكومة حد إدخال المعونات المتوقعة ضمن بنود الدخل، وبنت عليها سياسات النفقات، ومن الطبيعي في حال تعثر وصول تلك المعونات الاستعانة بالحل الجاهز والسهل ألّا وهو الاقتراض.
الحكومات الضعيفة لن تستطيع اجتراح العلاجات القوية لمواجهة اختلالات الاقتصاد، ولا يبقى أمامها غير سد العجز إلا بمزيد من الاقتراض. ومهما طال عمر الحكومات الآتية من دون برامج اقتصادية متكاملة، فإنها تبقى مجرد حكومات تسيير أعمال لا صاحبة ولاية عامة حقيقية.
نيسان ـ نشر في 2016/05/21 الساعة 00:00