يسقط رئيس الوزراء القادم

محمد قبيلات
نيسان ـ نشر في 2015/05/16 الساعة 00:00
يقال أن الرئيس عبد الله النسور - والعهدة على الرواة- هو من رؤساء الوزارات القلائل، إن لم يكن الوحيد، الذي لم يستخدم مخصصات الرئيس المالية، وأن الخمسة ملايين دينار ما زالت مرزومة في القاصة على حالها، ويمتلك رئيس الوزراء الصلاحية في صرف هذا المبلغ حسب تقديره، وفي الأوجه التي يراها مناسبة، حيث درج رؤساء الحكومات المتعاقبون على صرفه لتحسين أوضاعهم وللمحاسيب ولذوي الأصوات العالية، على سبيل تلطيف الأجواء و"لتيسير" عمل الحكومة. واذا صحَّ ما يقال، فهو سبب كاف لتحريك "عوّيدة" التنفع واللف والدوران حول دارة الرئاسة، من الذين يمتلكون القدرة على خلق حالة من القلق والتسخين ضد الرئيس، تتخلق على هيئة حالة من المعارضة السياسية للحكومة، مع علمهم أن الرئيس الذي يليه سيتابع تنفيذ البرامج والسياسات نفسها، لكن الأمل يظل يحدوهم بأن يأتي غيره ممّن يفتحون تلك القاصة. الأدهى والأمّر، أن يأتيك رئيس وزراء سابق، مُجرَّب (كابر عن كابر)، عبر التوريث من الجد للأب للابن؛ فيصير شغله الشاغل التنظير ضد السياسات الحكومية، مستغلا أجواء الهرج والمرج، على أمل العودة لكرسي الرئاسة. وليس بجعبته من جديد غير ما يعيد ويزيد به في كل طلّاته، المجللة بابتسامته الشهيرة، بأنه يريد أن يخلق حالة من التعاون بين القطاعين؛ العام والخاص؛ ما يرتقي – حسب رأيه- بالاقتصاد والبلاد ويحُل كل مشاكل العباد، وكأنه بذلك أكتشف البارود والبنسلين، منتظرا أن تصدح له الحناجر بحرارة الهتاف :" عفية يا كابتن يا بتاع الكابيتال والكباتل". السادة أرباب قطاعات "الصناعات الثقيلة" أيضا تلقفوا الإشارات وانضموا للجوقة، هؤلاء الصُنّاع الذين لا ندري ماذا يصنعون وماذا ينتجون، غير ابداعاتهم في التهرب من مكوس الجمارك وضريبة المبيعات. ورب قائل أن الأبواب فُتحت لهم ليعملوا ويمروا لأن الصناعة تُشغّل الكثير من الأيدي العاملة، لكن هذا الطرح يتجاهل حقيقة المليارات المهدورة، نتيجة لإعفائهم من الرسوم والضرائب تحت يافطة "الصناعة الوطنية"؛ ما يُضيع على الخزينة اضعافا مضاعفة من حجم الرواتب التي يدفعونها للعمال، الذين هم في أغلبهم من العمالة الوافدة. لا نسوق كل هذا دفاعا عن الرئيس النسور، فالرجل محاصر ومقيّد على المستويات كافة، ويفتقد للحول وللقوة وللولاية، حيث ملف العلاقات الخارجية أوراقه في مهب عواصف الإقليم، ويتبعه ملف الأمن الذي يترنح على وقع تلك العاتيات، وليس بيده غير ملف ترقيع ثقوب الموازنة ضمن مروحة المحروقات والخبز والرواتب والضرائب، أو الانتظار قرب موائد الاشقاء اللئام، وكل ذلك تحت طائلة مقارعة رابوتات العبدلي، التي تُحرّك بواسطة الريموتات الذكية وغير الذكية. نعم ليس دفاعا عنه، بل دفع باتجاه مأسسة آلية تشكيل الحكومات، والتي تستلزم أولاً الاستناد الى قانون انتخاب وقانون احزاب يمثلان فعلا رأي الشعب، ففي الغابر من الأيام رفع نشطاء شعار تسقط الحكومة القادمة، وأحسب أنه ليس أبلغ من هذا الشعار_ رغم عدميته_ احتجاجا على العملية السياسية وأخلاقياتها وآلياتها في بلدنا.
    نيسان ـ نشر في 2015/05/16 الساعة 00:00