هناك الإرهاب ومستغلّو الإرهاب
نيسان ـ نشر في 2016/07/07 الساعة 00:00
الحرب الايرانية في سوريا، بمشاركة “حزب الله” ودزينة من الميليشيات المماثلة، أصبحت تسمّى الآن “الحرب الاستباقية للمقاومة” ضد ارهاب “الجماعات التكفيرية”. ينبغي الكثير من انعدام الضمير لقبول ما تقدّمه البروباغندا الترويجية لهذه الحرب. فالارهاب وجماعاته موجودون طبعاً ولا شك في ذلك، لكن الصدقية تفترض الاعتراف أولاً بأن الهدف الرئيسي لنظام بشار الاسد وللايرانيين وأتباعهم كان ولا يزال إطفاء شعلة ثورة الشعب السوري من أجل حرّيته وكرامته، بدليل الحصارات التجويعية التي لا يفرضها أي تنظيم ارهابي بل النظام وحلفاؤه ويقوم فيها “حزب الله” بدور مخزٍ وثّقته منظمات الأمم المتحدة.
وطالما أن الأمين العام لـ “حزب الله” هو رجل دين أولاً وأخيراً، فإن الصدقية تتطلّب منه أيضاً الإقرار بأن عمله – كـ”رجل حرب” في خدمة النظامين الايراني والسوري – ساهم في نشوء هذا الارهاب وتوحّشه وانتشاره، أكان “فكره” وهّابياً أو أي شيء آخر. فليس مقبولاً في أي دين أو عرف أو أخلاق أن يقدم طرفٌ ما على انتاج الشر وتصنيعه ثم ينبري هو نفسه لمكافحته. والمؤكّد أن “محاربة الارهاب” لم تضفِ أي أخلاقية أو قدسية على حرب ايران – “حزب الله” في سوريا، ولا على حرب اميركا وروسيا واسرائيل فيها، بل غدت شعاراً يفيد الجميع، بمن فيهم تنظيم “داعش”، لتغطية جرائمهم بحق سوريا والسوريين.
عدا مثاليَن بالغَي الوضوح في العراق وسوريا، يبدو المثال اللبناني، خصوصاً بعد التفجيرات الانتحارية في القاع، أكثر وضوحاً في أن صانعي الارهاب هم أكثر المستفيدين منه وحتى أكثر المعبّرين علناً عن ذلك. فهذه الجرائم أتاحت للسيد حسن نصرالله أن يقول للبنانيين، من دون أن تكون له صفة، أن الأمن “ممسوك”، وأن يستغلّ واقعة القاع ليعرض “حماية المسيحيين”، موظّفاً مرّة اخرى تغييبه للدولة وتعطيلها، على رغم أن كل نجاحات الأجهزة الأمنية تمّت وتتم من دون مشاركة “حزب الله” التي غالباً ما تعقّد المهمّات لأنها تميّز بين قرية وأخرى، بعكس ما يقول نصرالله. ليس في تطميناته ما يطمئن، فحتى المريدون لا يحبذون ظهوره – كزعيمٍ للأمة أو كمن ينوب عن رئيس جمهورية مغيَّب – ليدعوهم الى “عدم الخوف أو القلق أو الهجرة أو اعادة النظر في وجودهم في مناطقهم”.
لم يقل للسوريين أي شيء مشابه بل شارك في تخويفهم واقتلاعهم من منازلهم ومناطقهم. ولا قال للبحرينيين واليمنيين إن المطلوب “استراتيجية وطنية رسمية لمكافحة الارهاب”، أو إن “الوحدة الوطنية” هي السلاح الأمضى في مواجهة الارهاب، ففي هذين البلدَين كما في سوريا ثمة مصلحة لإيران في تقويض الدولة والمؤسسات. كذلك في السعودية حيث بلغ الارهاب المدينة المنوّرة. كان نصرالله، وهو الخبير العليم، أول من قال إن “داعش” يريد الوصول الى مكة المكرّمة!…
نيسان ـ نشر في 2016/07/07 الساعة 00:00