صدام حسين بعد تقرير شيلكوت واستحالة الغياب
نيسان ـ نشر في 2016/07/07 الساعة 00:00
يأبى صدام حسين الغياب، ويابى النسيان اصطحابه معه، ويصر على البقاء حاضرا في نفوس كارهيه قبل محبيه، وكلما ظنوا انهم اطفأوا شمعته ياتي من يوقدها ويزيدها اشتعالا وإبهارا.. تقرير تشيلكوت أعاد إشعال شمعة صدام حسين مجددا، واعاد شعلة الندم على تدمير العراق العظيم، وجريمة الكرادة الإرهابية البشعة دفعت بالعديد من مناوئيه للترحم على روحه وإبداء الندم على ما اقترفوه بحقه اولا وبحق العراق العظيم.. صدام حسين الذبيح.. لا يمكن أن يغيب، وسيتحول لاحقا الى ايقونة عراقية وعربية عندما يغرق الكونين العراقي والعربي بفوضى الندم أكثر فأكثر... عدما قضيت ثلاث سنوات وانا ابحث واكتب كتابي"وصايا الذبيح..." لم تكن مسطرتي مدى ديمقراطية صدام حسين بالقدر الذي التزمت فيه بمدى الرؤية المستقبلية التي حملها صدام للعراق ما بعد الاحتلال، ومدى حجم الكذب والافتراء والتدجيل الذي تم تحشيده لتمرير احتلال العراق باعتبار انه سيكون افضل بكثير بدون صدام حسين.. غرقت تماما في الوثائق والتقارير والأوراق والردود، وخرجت بنتيجة واحدة.. هي ان العراق سيكون أسوأ مما يتخيله احد لأن حجم الكذب في حملة العدوان على العراق سنة 2003 لم يسجل مثلها في تاريخ الصراعات الدولية، وإذا كان وزير الدفاع الأمريكي في حينه دونالد رامفسيلد قد قال"سننتصر بالكذب" فان هذا الانتصار الموهوم قد اغرق المنطقة بكاملها في تسونامي الكذب، وتحولت دول بكاملها ضحايا لحملة الكذب والتلفيق التي قادها جورج بوش الابن وتوني بلير وقطاع واسع من جغرافيا دول المنقطة بدءا بايران وانتهاءا بتركيا مرورا بدول الخليج ومصر وغيرها.. لقد احصت CNN " أكثر من 920 كذبة اطلقها جورج بوش الابن واركان إدارته في فترة بسيطة هي الفترة التي سبقت العدوان على العراق وهدفت الى تهيئة الرأي العام الأمريكي والبريطاني والدولي لهذه الحرب.. كل ما نشاهده في المنطقة وفي العراق تحديدا تنبأ به صدام حسين وتحدث عنه وحذر منه وكانه كان يقرأ من كتاب بين يديه.. واليوم وتقرير تشيلكوت يخرج للعلن كاشفا حجم التلفيق والكذب الذي ساقهما رئيس الوزراء البريطاني توني لير لتبرير العدوان على العراق واعترافه بذلك واعتذاره السيء فقط للقتلى البريطانيين أسأل نفسي.. ما هو موقف الأنظمة العربية من تقرير تشيلكوت واعتراف بلير وقبل ذلك كله عشرات الاعترافات التي صدرت عن مسؤولين امريكيين وعلى رأسهم بوش الإبن من ان الحرب على العراق كان خطأ. في مذكرات توني بلير التي صدرت قبل سنوات وترجمت الى اللغة العربية سنة 2011 ثمة الكثير مما قاله بلير عن لجنة تشيلكوت وعن عشرات التقارير الأخرى التي أكدت في حينه بان احتلال العراق والحرب ضده وضد صدام حسين كان خطأ كبيرا ولا مبرر مقنع يقف خلف تلك الحرب.. مذكرات توني بلير التي سأعود الى تفاصيلها لاحقا تؤكد على أن القناعة البريطانية الرسمية بخطأ العدوان على العراق وإزاحة صدام حسين لأنها استندت الى مبررات كاذبة ووثائق كائبة ومعلومات كاذبة بدءا باكذوبة علاقة صدام حسين بتنظيم القاعدة وانتهاءا بصفقة اليورانيوم من النيجر مرورا بانتاج اسلحة الدمار الشامل..الخ.. ان احتلال العراق وإغراقه في الفوضى والدم منذ 13 سنة وحتى اليوم قد يكون الحادثة الأولى في التارخ التي يتم فيها القضاء على دولة بكاملها عن طريق الكذب والخداع واختلاق الوثائق والتزوير.. صدام حسين لن يغيب بل من الصعب ان يغيب عن سماء العراق والمنطقة والعالم ففي كل حكاية سابقة وحالية ولاحقة سيظهر صدام حسين فيها أنصع وأكثر وطنية وعنفوانا ونقاءا مما اراده له قاتلوه أن يظهروه به وهذه هي الميزة التي يتمتع بها صدام منذ ان فشلوا في إخفاء شموخه وهو يواجه حبل المشنقة .
نيسان ـ نشر في 2016/07/07 الساعة 00:00