إيران دولة طغيان وليست جمعية خيرية
نيسان ـ نشر في 2015/05/21 الساعة 00:00
قبل عدة شهور نشرت مقالاً بعنوان "الجهاد الإسلامي هل تصبح حوثية فلسطين؟" وذلك في 7/11/2014، وقد اعترض عليه قادة حركة الجهاد، ثم جاءت الأخبار يوم 4/12/2014 أن ممثل حركة الجهاد في صنعاء باليمن أحمد بركة ذهب إلى زعيم الحوثيين في صعدة وشكره على جهود الحوثيين في نصرة قضية فلسطين، وأهداه درع حركة الجهاد!!
ويوم 30/3/2015 أذاع راديو طهران تصريحا منسوبا إلى نافذ عزام - وهو قيادي بارز في الحركة الجهاد وعضو المكتب السياسي للحركة - هاجم فيه عملية عاصفة الحزم، قال فيه: "إن قصف اليمن لا يخدم القضية الفلسطينية وأن المستفيد من هذا القصف هو إسرائيل وأمريكا". وقال عزام مهاجماً السعودية إن تحرير القدس أولى من ضرب الحوثيين، وأن حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ترى أنه ليس من حق الدول المشاركة في عملية "عاصفة الحزم" التدخل في الشأن اليمني، مضيفاً أن من حق الشعب اليمني تقرير مصيره.
وفي اليوم التالي 31/3/2015 نفت حركة الجهاد الإسلامي على لسان نافذ عزام صدور أي تعليق منها أو من قياداتها حول عملية عاصفة الحزم. وقال نافذ عزام: "إنّ حركته تنفي أي تعليق لها على الأحداث الجارية في اليمن، مؤكدا التزام حركته بالصمت حيال ما يجري في المنطقة العربية، وأن حركة الجهاد الإسلامي ملتزمة بعدم التدخل مطلقا بما يجري في اليمن أو المنطقة العربية".
ثم بدأت تظهر تسريبات هنا وهناك عن توتر علاقة حركة الجهاد بطهران، بسبب ضغط طهران على الجهاد إعلان موقف مؤيد واضح للحوثيين في اليمن ومعارض للسعودية، على غرار موقفها في الثورة السورية - الذي كان يعارض الثورة السورية علناً ويدعم نظام بشار ويشارك بقوة في مؤتمرات طهران للصحوة الإسلامية ويشيد بها برغم كل جرائمها بحق الشعب السوري والفلسطيني في سوريا.
هنا يجب التنبه إلى استراتيجية إيران في ترويض الحركات السنية وغيرها عبر شراء ذمم بعض أفرداها وشقها من جهة، والضغط على قيادتها بوقف الدعم المالي بعد اغرائها على التوسع.
حركة الجهاد تعانى من أربع شهور من وقف الدعم المالي الإيراني كما يقول تقرير للقدس دوت كوم 19/5/2015، والذي عبر عنه بعض مسؤولي الجهاد بقولهم "فش إشي ببلاش"، مما سبب أزمة مالية خانقة للجهاد. وفي نفس الوقت فإن إيران تمكنت من إيجاد بديل عن الجهاد الإسلامي وهي حركة الصابرون في غزة، وهي حركة حديثة من الكوادر التي تعلن تشيعها في غزة علناً وكانت حركة الجهاد أصلاً.
واستخدمت إيران هذه الاستراتيجية مع حركة أمل الشيعية فأخرجت منها حركة أمل الإسلامية! التي تحولت لحزب الله، وحين لم ينسجم صبحي الطفيلي أول أمين عام للحزب مع التعليمات الإيرانية تخلصت منه بعباس الموسوي ثم حسن نصر الله التابع الوفي للمرشد الإيراني.
وهذا ما حصل مع الجماعة الإسلامية في لبنان (واجهة الإخوان المسلمين في لبنان) فقد استدعت إيران/حزب الله د. فتحي يكن الرئيس السابق للجماعة لتأسيس جبهة العمل الإسلامي لتكون ذراع سني لحزب الله اللبناني، وذلك بعد أن قضت على قوات فجر المقاومة والتابعة للجماعة، حتى ينفرد حزب الله بالمقاومة ويتجمل بجبهة العمل الإسلامي السنية.
وهذا الأمر لا يستبعد محاولة تطبيقه مع حركة حماس، فإيران تسعى لاستقطاب بعض الشخصيات المؤثرة في الحركة مثل د. محمود الزهار والمستشار أحمد يوسف صاحب كتاب "الإخوان المسلمون والثورة الإسلامية في إيران، جدلية الدولة والأمة في فكر الإمامين البنا والخميني"!!
استراتيجية إيران تقوم على الإغراء بالمال للحركات السنية، ثم احتضان من يتشرب عقيدتها الشيعية، ثم رعايته حتى يستقل بكيان جديد، وهكذا يصبح لإيران ورقتين للعب بهما، الحركة الأم وربيبتها، وهذا يفتح المجال أكثر للضغط على الجماعة الأم لتنصاع أكثر لمطالب إيران، وإلا فالحرمان من الدعم والعقوبة والتشهير.
وهذه استراتيجية ثابتة لإيران فهي ليست جمعية خيرية توزع الصدقات والهبات، بل هي نظام طغيان ودولة شمولية ديكتاتورية تتوسل بالدعم لشراء الذمم والولاءات وتنفيذ أجندتها الطائفية والعدوانية في المنطقة. فهل تتعلم الحركات الإسلامية الدرس؟
نيسان ـ نشر في 2015/05/21 الساعة 00:00