هل ثمّة تسويات سياسية أردنية؟
نيسان ـ نشر في 2016/09/25 الساعة 00:00
تطرح مشاركة جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، عبر ذراعها السياسي، جبهة العمل الإسلامي، في الانتخابات النيابية، أخيراً، جملة من الأسئلة عن مجمل المشهد السياسي الداخلي أولاً، وعن علاقة الإسلاميين بالدولة ثانياً، في السياق الإقليمي من جهة، والمحلي من جهة أخرى.
اتسمت الانتخابات بالمجمل بالنزاهة، ولم يعكّر صفو المناخ السياسي إلا الشكاوى من استمرار المال السياسي، إلا أنّ المهم أن الإسلاميين حصلوا على مقاعد معقولة (أقل من سقف التوقعات لديهم)، ولم تعمل ماكينة "الدولة" ضدهم بصورة مباشرة، ما يؤشر إلى أنّ هنالك أفقاً سياسياً محتملاً واقعياً لتجاوز لحظة الربيع العربي وما تلاها، والتي أحدثت أكبر أزمة تاريخية - سياسية بين الطرفين، ودفعت مراقبين وسياسيين مقرّبين من دوائر القرار إلى القول بنهاية العلاقة إلى الأبد بينهما، وعدم إمكانية ترميمها أو إصلاح ما انكسر، خصوصاً بعدما وصلت الدولة إلى حظر الجماعة (الأُمّ) قانونياً.
جاءت مشاركة الإسلاميين لتطرح شكوكاً حول القناعة السابقة، وتدفع إلى سؤالٍ جديدٍ يتمثل باليوم التالي للانتخابات؟ فيما إذا كنا بصدد بناء قواعد جديدة للعلاقة، والخروج من ضغوط التيارات الإقصائية في المشهد؟ أم أنّنا أمام استنساخ للحالة المصرية التي سبقت الربيع العربي، عندما كانت "الجماعة" تشارك في العملية السياسية وفي الانتخابات البرلمانية، على الرغم من حظرها القانوني، ومن عملية الإقصاء المستمرة من الدولة بحقها؟
إلى الآن، لا يوجد سيناريو واضح لمستقبل العلاقة، ويمكن القول إنّه لا يوجد قرار سياسي داخل الدولة بهذا الخصوص، وربما التوجه هو ترك كرة الثلج متدحرجةً إلى معرفة أين ستصل الأمور والتطورات، على الصعيدين المحلي والإقليمي، وإبقاء عين النظام مسلطةً على سلوك الإسلاميين في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية، مع إقبال الحكومة غداة انعقاد مجلس النواب الجديد، المتوقع في بداية نوفمبر/ تشرين الثاني.
لكن، بالضرورة، فتحت مشاركة الإسلاميين الأفق أمام مراحل جديدة، ويمكن التقاط رسالة حسن نوايا إيجابية في مقابلة الملكة رانيا، زوجة العاهل الأردني، في مقابلتها مع "سي إن إن"، التي رحبت فيها بمشاركة الإسلاميين في الانتخابات، وقالت إن الأردن يريد تقديم نموذج إقليمي في التحول الديمقراطي.
التقط الإسلاميون، بدورهم، الرسالة وحيوها. المهم أننا أمام مؤشر بأن فريقاً في الدولة يريد بالفعل استكشاف ما إذا كان ممكناً بالفعل تأسيس مرحلة جديدة مع "الجماعة"، وأن فكرة إقامة نموذج سياسي ديمقراطي في المنطقة لم تمت ولم تتلاش أمام ضغوط "أصدقاء الأردن" وحلفائه، المعسكر المحافظ العربي، الذين دفعوا باتجاه إقصاء الإسلاميين، بل الانقلاب على لحظة الربيع العربي، بوصفها تهديداً لأمنهم الوطني، فدعموا الثورة المضادة في المنطقة العربية بأسرها.
لوهلة، بدا التيار المتشدد في النظام منتصراً، في تبنّي أجندة الإقصاء الكامل للإسلاميين، ليس فقط في مواجهة رياح الربيع العربي، بل حتى في انقلابٍ على النموذج التاريخي الأردني الذي تميز، في عقود سابقة، بعلاقة تعايش بين الدولة والإسلاميين، واستمعنا لتنظيرات في استبدال التحالف مع اليساريين القدامى، بدلاً من الإسلاميين. لكن صوتاً مغايراً بدأ يظهر في أروقة الدولة، أخيراً، يعيد النظر في هذا الطرح، وينظر إلى نجاح التجربة المغاربية، الشبيهة في سماتها بالتجربة الأردنية، في العلاقة مع الإسلاميين.
التجارب الإسلامية الأخرى التي دعمتها الدولة، وكانت انشقاقاً عن جماعة الإخوان، لم تنجح في الانتخابات النيابية، كما أنّها سابقاً لم تملأ الفراغ، ما يجعل من مشاركة جماعة الإخوان الأم مهمةً في شرعية اللعبة السياسية من زاوية. ومن زاوية أخرى، أثبتت المشاركة الحالية مرة أخرى أن "الإخوان" يتمتعون بحضور معتبر في المدن الكبرى، تحديداً عمّان التي تضم نسبة كبيرة من سكان المملكة، وفي الوسط الأردني الفلسطيني الذي ما تزال هنالك عوائق أمام اندماجه في اللعبة السياسية.
هذه وتلك من المعطيات توجِد ضرورةً سياسية لكلا الطرفين، الدولة والجماعة، لمراجعة حساباتهما السياسية، وإعادة ضبط إحداثيات مواقفهما السياسية، وفقاً للاعتبارات الداخلية والوطنية.
اتسمت الانتخابات بالمجمل بالنزاهة، ولم يعكّر صفو المناخ السياسي إلا الشكاوى من استمرار المال السياسي، إلا أنّ المهم أن الإسلاميين حصلوا على مقاعد معقولة (أقل من سقف التوقعات لديهم)، ولم تعمل ماكينة "الدولة" ضدهم بصورة مباشرة، ما يؤشر إلى أنّ هنالك أفقاً سياسياً محتملاً واقعياً لتجاوز لحظة الربيع العربي وما تلاها، والتي أحدثت أكبر أزمة تاريخية - سياسية بين الطرفين، ودفعت مراقبين وسياسيين مقرّبين من دوائر القرار إلى القول بنهاية العلاقة إلى الأبد بينهما، وعدم إمكانية ترميمها أو إصلاح ما انكسر، خصوصاً بعدما وصلت الدولة إلى حظر الجماعة (الأُمّ) قانونياً.
جاءت مشاركة الإسلاميين لتطرح شكوكاً حول القناعة السابقة، وتدفع إلى سؤالٍ جديدٍ يتمثل باليوم التالي للانتخابات؟ فيما إذا كنا بصدد بناء قواعد جديدة للعلاقة، والخروج من ضغوط التيارات الإقصائية في المشهد؟ أم أنّنا أمام استنساخ للحالة المصرية التي سبقت الربيع العربي، عندما كانت "الجماعة" تشارك في العملية السياسية وفي الانتخابات البرلمانية، على الرغم من حظرها القانوني، ومن عملية الإقصاء المستمرة من الدولة بحقها؟
إلى الآن، لا يوجد سيناريو واضح لمستقبل العلاقة، ويمكن القول إنّه لا يوجد قرار سياسي داخل الدولة بهذا الخصوص، وربما التوجه هو ترك كرة الثلج متدحرجةً إلى معرفة أين ستصل الأمور والتطورات، على الصعيدين المحلي والإقليمي، وإبقاء عين النظام مسلطةً على سلوك الإسلاميين في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية، مع إقبال الحكومة غداة انعقاد مجلس النواب الجديد، المتوقع في بداية نوفمبر/ تشرين الثاني.
لكن، بالضرورة، فتحت مشاركة الإسلاميين الأفق أمام مراحل جديدة، ويمكن التقاط رسالة حسن نوايا إيجابية في مقابلة الملكة رانيا، زوجة العاهل الأردني، في مقابلتها مع "سي إن إن"، التي رحبت فيها بمشاركة الإسلاميين في الانتخابات، وقالت إن الأردن يريد تقديم نموذج إقليمي في التحول الديمقراطي.
التقط الإسلاميون، بدورهم، الرسالة وحيوها. المهم أننا أمام مؤشر بأن فريقاً في الدولة يريد بالفعل استكشاف ما إذا كان ممكناً بالفعل تأسيس مرحلة جديدة مع "الجماعة"، وأن فكرة إقامة نموذج سياسي ديمقراطي في المنطقة لم تمت ولم تتلاش أمام ضغوط "أصدقاء الأردن" وحلفائه، المعسكر المحافظ العربي، الذين دفعوا باتجاه إقصاء الإسلاميين، بل الانقلاب على لحظة الربيع العربي، بوصفها تهديداً لأمنهم الوطني، فدعموا الثورة المضادة في المنطقة العربية بأسرها.
لوهلة، بدا التيار المتشدد في النظام منتصراً، في تبنّي أجندة الإقصاء الكامل للإسلاميين، ليس فقط في مواجهة رياح الربيع العربي، بل حتى في انقلابٍ على النموذج التاريخي الأردني الذي تميز، في عقود سابقة، بعلاقة تعايش بين الدولة والإسلاميين، واستمعنا لتنظيرات في استبدال التحالف مع اليساريين القدامى، بدلاً من الإسلاميين. لكن صوتاً مغايراً بدأ يظهر في أروقة الدولة، أخيراً، يعيد النظر في هذا الطرح، وينظر إلى نجاح التجربة المغاربية، الشبيهة في سماتها بالتجربة الأردنية، في العلاقة مع الإسلاميين.
التجارب الإسلامية الأخرى التي دعمتها الدولة، وكانت انشقاقاً عن جماعة الإخوان، لم تنجح في الانتخابات النيابية، كما أنّها سابقاً لم تملأ الفراغ، ما يجعل من مشاركة جماعة الإخوان الأم مهمةً في شرعية اللعبة السياسية من زاوية. ومن زاوية أخرى، أثبتت المشاركة الحالية مرة أخرى أن "الإخوان" يتمتعون بحضور معتبر في المدن الكبرى، تحديداً عمّان التي تضم نسبة كبيرة من سكان المملكة، وفي الوسط الأردني الفلسطيني الذي ما تزال هنالك عوائق أمام اندماجه في اللعبة السياسية.
هذه وتلك من المعطيات توجِد ضرورةً سياسية لكلا الطرفين، الدولة والجماعة، لمراجعة حساباتهما السياسية، وإعادة ضبط إحداثيات مواقفهما السياسية، وفقاً للاعتبارات الداخلية والوطنية.
نيسان ـ نشر في 2016/09/25 الساعة 00:00