عن العباءة الصينية

ماهر قطيش
نيسان ـ نشر في 2016/11/17 الساعة 00:00
النقد لغة : تمييز الدراهم واخراج الزيف منها ، قال سيبويه : " تنقي يداها الحصى في كل هاجرةٍ ، نفي الدنانير تنقادُ الصيّاريف " . ما نراه اليوم وعلى الاغلب ، ان المزيف ينقد المزيف ، فيكون الانتاج زبد يذهب جفاء . فلذا اكثر ما اخشاه على المجتمع هو النقّاد انفسهم ، لان نقدهم انطباعي ومزاجي ولا منهجي وانتقائي ، فعلى عين الناقد ان تكون واسعة ، وقلبه سليم ، وعقله محايد خالي من الشوائب والترسبات والاحكام المسبقة . قبل كل زيارة ملكية كريمة ،او زيارة لمجلس الوزراء الموقر، وبعد كل حدث عارض يحدث في المحافظة او لواء ذيبان ، تتسابق اقلام التجريح في التفنن بتقزيم الشخصيات المجتمعية ، والتقليل من دورها ، واتهامها بالنفاق والتزلف والامعان في الترجيح من اجل التجريح . لمصلحة من تذويب الشخصيات الاجتماعية والتقليل من شأنها والفت في عضدها ، والسخرية من قدرها ، فالنقد السلبي العام مقبرة المجتمعات ، ووأد لمعالم الخير فيه ، وطمس للهوية المجتمعية . من يقف وراء مصطلح " العباءة الصينية " ، وماذا يريد ؟ ، وهل الذي يطلقون هذا المصطلح ويتفننون في الايذاء ، اكثر قدرا من العباءة واكثر فاعلية ؟ ، واذا تم وضعهم في الميزان ، هل يكون لهم وزن اكثر من خيوط العباءة ؟ ! ان الامعان في الاتهامية لاجل الاتهامية ، دون ايجاد بديل مقنع ورائد ، ما هو الا انهزامية وانكفاء سلبي على الوجه الفارغ ، " صن النفس واحملها على ما يزينها ، تعش سالما ، والقول فيك جميل " . لا ننكر ان السلبيات في المجتمع تفوق حدود المعقول ، لكن البدائل المتاحة والتي تكيل الاتهام جزافا ، تجر المجتمع الى مصير مفجع وكارثي ، " كالمستجير من الرمضاء بالنار " . يقول جون دوي عن جوهرالتفكير الناقد : " مراعاة العلاقات الاجتماعية السائدة دون غلو في الاستئصال لمن يخالفك الرأي " . ويقول جورجي زيدان : " الانتقاد يعني ابراز الاستحسان والنقص على السواء " . فعلى " عين الناقد ان تكون بصيرة " ، " واكيس الكيسين من حاسب نفسه " ، " واوعظ نفسه " ، " فمن حاسب نفسه ربح " ، فمحاسبة النفس علامة صحة في التفكير ودليل يقظة للضمير والحس الانساني . ايها الموغِلون في النقد من اجل مجتماتكم ، تمهلوا في اعطاء الاحكام المعلبة ، وليكن نقدكم منصفا في تقييمه " لأن التحيز والتحامل يربكان العقول " .
    نيسان ـ نشر في 2016/11/17 الساعة 00:00