بائع الجرائد
نيسان ـ نشر في 2016/11/27 الساعة 00:00
محرر الشؤون البرلمانية,...بدأ نبيل الغيشان حياته المهنية منذ عام 1970 بائعا للصحف والمجلات في شوارع وأزقة مدينة مادبا؛ بعد أن قرر العمل بمكتبة خاله الشيوعي، سامي النحاس.
بثلاثة قروش كان ينفق الطفل الغيشان يومه بائعا للصحف اللبنانية؛ النهار، المحرر، الحياة. وبعد نحو نصف قرن، يقف اليوم الغيشان في مجلس النواب ممثلا عن المقعد المسيحي في محافظة مادبا، بعد أن عمل أعواما عديدة صحافيا في وسائل إعلامية محلية وعربية وعالمية، بدأها بجريدة صوت الشعب، عام 1986.
ليس لدى النائب نبيل غيشان ما يخفيه من مواقف سياسية، فعندما وقف معارضا ومحتجا على ما قاله زميله النائب محمد هديب، حول المكون الفلسطيني في الأردن، لم يكن موقفه مختلقا، فنبيل يؤمن تماما بان الأردن يخلو من المكونات، وان كل من يحمل الجنسية الأردنية هو أردني.
ولم يكن النائب غيشان يحتاج لتقبيل جبهته من وزير الداخلية سلامه حماد، فغيشان تعوّد على ممارسة قناعاته من دون مكياج، ولربما تلك القبلة على الجبين وحصوله على لقب 'حصان' لن تضيف إليه شيئا.
ولد في أسرة مسيحية فقيرة جدا في مادبا، وتخرج من الاتحاد السوفييتي سابقا سنة 1985 من كلية الصحافة والإعلام جامعة موسكو، تخصص تلفزيون، لكن مسيرته المهنية غلب عليها العمل في الصحف، فمن جريدة الأسواق الى رئاسة تحرير العرب اليوم، مرورا بمراسلة العديد من الصحف، كالوسط اللندنية، والحياة اللندنية، والشرق الأوسط اللندنية، ثم اعداد وتقديم برنامج حواري في الإذاعة الأردنية منذ سنة 2014 وحتى لحظة ترشحه للانتخابات النيابية، مرورا بمراسلته لفضائية ال بي سي.. وال بي بي سي البريطانية.. الخ.
يتخذ غيشان اليوم موقعه نائبا عن المقعد المسيحي عن محافظة مادبا، وللحقيقة فان غيشان ليس غريبا عن العمل البرلماني، فقد قضى أعواما في تغطية أعمال مجلس النواب في تسعينيات القرن الماضي لصحيفة الأسواق، قبل ان يغيب عن شرفة الصحفيين في المجلس لنحو عشرين سنة؛ ليعود بعدها الى قبة مجلس الأمة نائبا فاعلا هذه المرة لا مراسلا صحفيا.
يتقن غيشان السخرية السياسية تماما، وإطلاق النكات والتعليقات التي تحمل مضامين ناقدة، ويتسم بالهدوء، ويؤمن بالحوار، والأهم من ذلك كله، فقد كان نقابيا جيدا، عندما شغل عضوية مجلس نقابة الصحفيين خمس دورات، وشغل على مدى دورتين موقع نائب نقيب الصحفيين.
في انتخابات اللجان النيابية خاض غيشان أول تجاربه المباشرة مع التكتلات النيابية لعضوية لجنة التوجيه الوطني، لكنه تعرض لمشكلة التقاسم المصلحي وتم اقصاؤه عن رئاستها برغم انه النائب الوحيد في المجلس الأكثر اختصاصا وخبرة في قضايا الإعلام، ففضلا عن كونه صحافيا مارس كامل فنون العمل الصحفي، وصولا الى رئاسة تحرير صحيفة العرب اليوم، وكتابته أعواما في صحف عربية ولتلفزيونات عربية اخرى، فضلا عن عضويته في مجلس إدارة مؤسسة الاذاعة والتلفزيون دورتين، وعضوية مجلس ادارة المجلس الأعلى للشباب، وتقديمه محاضرات لطلبة الماجستير في معهد الإعلام الأردني، وعضويته للجنة فحص الصحفيين المستجدين في نقابة الصحفيين الأردنيين، وعضوية لجنة تحكيم جائزة الصحافة العربية في دبي وغير ذلك الكثير، فانه لم يجد من يدعمه لرئاسة لجنة التوجيه الوطني ليحصل على صوته منفردا فقط.
في مناقشات الثقة بحكومة د. هاني الملقي قدم غيشان بيانا مميزا ومثيرا، واكد انسجامه مع نفسه ومع مبادئه وطروحاته، فحجب الثقة عن الحكومة، وهو القرار الذي لم يحاول غيشان إخفاءه حتى قبل ان تبدأ مناقشات مجلس النواب لبيان الثقة، فقد قال غيشان بصوت عال ان بيان الحكومة لا جديد فيه وساحجب الثقة.
ولا يعرف الكثيرون عن غيشان انه يعمل منذ أعوام طوال جدا على إحصاء اخطاء الصحافة في التحرير، والإخراج، ولديه كنز معلوماتي قد لا يتوفر عند احد غيره، كما انه يعمل أيضا ومنذ أعوام على جمع الأغاني الشعبية الأردنية بألحانها الفولكلورية، ولديه حصيلة واسعة من هذا الكنز الأردني.
غيشان اليوم نائب في البرلمان، لكنه لا ينسى أبدا انه صحافي أولا وأخيرا، ووطني أردني حد النخاع، ينحاز للحريات ولحقوق الصحفيين والإعلاميين، وبرغم انه يحظى بخصومات قليلة في الوسط الإعلامي، إلا ان محبيه بازدياد.
النائب غيشان سيجد لاحقا ما يحكيه لابنه سيف، وسيجد أيضا ما يضيفه لبناته الثلاث؛ صبا وشذى ولين، فهو ابن لبيئة الشعب الأردني الأكثر فقرا، والأكثر وطنية وانسجاما مع نفسه، ومع محيطه، وهذا ما يجعله أكثر بساطة ووضوحا، وهو كنزه الذي يستند اليه في محبة الناس واحترامهم.
نيسان ـ نشر في 2016/11/27 الساعة 00:00