متى تبدأ الهزيمة؟
نيسان ـ نشر في 2016/12/06 الساعة 00:00
تبدأ الهزيمة حين ينبري 'عباقرةٌ' من خارج 'الحريق'، للتأسّي على أشجار فلسطين التي تشتعل فيها النيران، زعمًا منهم بأن هذه الأشجار هي 'أشجارنا'، قبل أن تكون أشجار العدوّ، ولذا علينا أن لا نبتهج باحتراقها.
وتنتصف الهزيمة، حين يتحوّل 'ثورجيّون' متقاعدون إلى تجار، فيُجرون تحاليل 'بوليّة' عن 'عبثية' انتفاضة السكاكين، في الأرض المحتلة، بذريعة حسابية قوامها أن عدد الشهداء فيها يفوق قتلى العدوّ.
وتكتمل الهزيمة، حين تستبدُّ حمية 'الجار للجار' في دول عربية، فتسارع إلى معاونة إسرائيل على إطفاء حرائقها، مع تعديلٍ طفيف على الخبر الرسميّ لذرَ الرماد في عيون المتشكّكين، من أمثالي، ليصبح: 'أشجار إسرائيل والضفة الغربية'.
وفي دورة الهزيمة هذه، يتناسى العباقرة والثورجيون والتجار، أن منطق 'الربح والخسارة' لا ينسحب على صراع الشعوب مع المحتلين، وإلا ما كان محتلٌّ اضطر للجلاء عن أي أرضٍ احتلها، عبر تاريخ الاحتلالات كلها، لأن خسائره لا تقارن أبدًا بخسائر الشعوب المُستعمرَة، ففي فيتنام وحدها، خسر الفيتناميون أكثر من مليون قتيل عسكري مقابل 58 ألف أميركي، ليتخلصوا من الغزاة، ولو كانوا قد أجروا حسبة 'تجارنا' الثورجيين، لأعلنوا الهزيمة مع بدء حرب التحرير.
أيضاً، لو كان الفيتناميون سيتراجعون عند أول شجرةٍ أحرقها الأميركان، خوفًا على 'الثروات الطبيعية'، لجنّبوا غاباتهم الكثيفة ما أصابها من حرق وتدمير، على مدار الحرب التي امتدّت سنوات، لكنهم وضعوا نصب أعينهم هدف 'حرق الأرض تحت أقدام الغزاة'، فاستحقوا الحرية في نهاية المطاف، بعد أن خرجت أميركا من بلدهم تجرّ أذيال الخيبة.
يتناسى مثل هؤلاء الثورجيين التجار الذين حبتنا الانتكاسات بهم، في حضيض مهاجعهم، أن مجرد إثارة الفزع والرعب والبلبلة في نفوس الصهاينة، على مدار اللحظة، تكفي أن تسجل وحدها انتصارًا مرحليًّا على طريق النضال الشاقّ والطويل، حتى لو كان الثمن آلاف الشهداء وملايين الأشجار المحترقة، فهذا هو قدر الشعوب التي ابتليت بالاستعمار، فكيف باحتلال إحلاليّ، يسعى إلى التوطن والتجذّر على أرض فلسطين، وليس لمجرد نهب الموارد، ومن ثم الرحيل؟
سأبتعد، أيضاً، عن الرومانسية الثورية، فأصدم كل الرومانسيين المتباكين، لأعلن أنني أفقد كل إحساس وطنيّ حيال أي شجرةٍ يغرسها العدوّ، في أرضنا؛ لأنها تصبح شجرةً خائنة للأرض والوطن، وتغدو رمزًا عكسيًّا لتشبّث الغاصب باحتلاله، ولربما روّج عبرها بأنه صاحب الأرض، والأحق بها.
أما شجرنا الذي نتباكى عليه فهو ينبت الثمار والنار معًا، ويعرف كيف يدافع عن نفسه، وكيف يقاتل الغزاة، بعد أن استلهم العبرة من شهداء بلاده، ولن يضيره أن يحترق ويستشهد هو الآخر، إذا كان ثمن احتراقه حرق 'الشجر الخائن' الذي يمدّ العدوّ بأسباب الغذاء والبقاء، بل والتصدير إلى دول العالم، ليعود الثمن رصاصًا في قلوب الشعب المقاوم.
لم أزل في طور الحديث عن 'الثورجيين' الذين أصبحوا نبتًا شيطانيًّا في أرض فلسطين، وما أقلهم عددًا، وأكثرهم 'مناصبَ'، ممن يسعون إلى حقن الهزيمة في عروق أبناء وطنهم، بمثل هذه الذرائع والمسوّغات المثبّطة للعزائم، وهي ذرائع مدروسة جيدًّا، ومخطط لها، ولا تختلف كثيرًا عن الدعاية الصهيونية الموجّهة للفلسطينيين، عن 'عبثية' المقاومة، وضرورة 'السلام' القائم على الخضوع للأمر الواقع، وما يشبه ذلك.
أما عن 'الجيران' الذين يتمّمون دورة الهزيمة، فلا عتب ولا غضب، بل حياداً مطلقاً، يشبه حيادهم حيال كل ما يتعلق بفلسطين الأخرى التي لم تحتلّ بعد في وجداننا، وبشعبها الذي نفض يديه من كل أوهام النخوة العربية، منذ أمدٍ بعيد، غير أنني لا ألومهم على هذه 'الفزعة' التي أظهروها حيال إسرائيل تحديدًا، فكلهم خشية من أن تمتدّ النار من 'أخضر' إسرائيل إلى 'يابس' العواصم العربية.
وتنتصف الهزيمة، حين يتحوّل 'ثورجيّون' متقاعدون إلى تجار، فيُجرون تحاليل 'بوليّة' عن 'عبثية' انتفاضة السكاكين، في الأرض المحتلة، بذريعة حسابية قوامها أن عدد الشهداء فيها يفوق قتلى العدوّ.
وتكتمل الهزيمة، حين تستبدُّ حمية 'الجار للجار' في دول عربية، فتسارع إلى معاونة إسرائيل على إطفاء حرائقها، مع تعديلٍ طفيف على الخبر الرسميّ لذرَ الرماد في عيون المتشكّكين، من أمثالي، ليصبح: 'أشجار إسرائيل والضفة الغربية'.
وفي دورة الهزيمة هذه، يتناسى العباقرة والثورجيون والتجار، أن منطق 'الربح والخسارة' لا ينسحب على صراع الشعوب مع المحتلين، وإلا ما كان محتلٌّ اضطر للجلاء عن أي أرضٍ احتلها، عبر تاريخ الاحتلالات كلها، لأن خسائره لا تقارن أبدًا بخسائر الشعوب المُستعمرَة، ففي فيتنام وحدها، خسر الفيتناميون أكثر من مليون قتيل عسكري مقابل 58 ألف أميركي، ليتخلصوا من الغزاة، ولو كانوا قد أجروا حسبة 'تجارنا' الثورجيين، لأعلنوا الهزيمة مع بدء حرب التحرير.
أيضاً، لو كان الفيتناميون سيتراجعون عند أول شجرةٍ أحرقها الأميركان، خوفًا على 'الثروات الطبيعية'، لجنّبوا غاباتهم الكثيفة ما أصابها من حرق وتدمير، على مدار الحرب التي امتدّت سنوات، لكنهم وضعوا نصب أعينهم هدف 'حرق الأرض تحت أقدام الغزاة'، فاستحقوا الحرية في نهاية المطاف، بعد أن خرجت أميركا من بلدهم تجرّ أذيال الخيبة.
يتناسى مثل هؤلاء الثورجيين التجار الذين حبتنا الانتكاسات بهم، في حضيض مهاجعهم، أن مجرد إثارة الفزع والرعب والبلبلة في نفوس الصهاينة، على مدار اللحظة، تكفي أن تسجل وحدها انتصارًا مرحليًّا على طريق النضال الشاقّ والطويل، حتى لو كان الثمن آلاف الشهداء وملايين الأشجار المحترقة، فهذا هو قدر الشعوب التي ابتليت بالاستعمار، فكيف باحتلال إحلاليّ، يسعى إلى التوطن والتجذّر على أرض فلسطين، وليس لمجرد نهب الموارد، ومن ثم الرحيل؟
سأبتعد، أيضاً، عن الرومانسية الثورية، فأصدم كل الرومانسيين المتباكين، لأعلن أنني أفقد كل إحساس وطنيّ حيال أي شجرةٍ يغرسها العدوّ، في أرضنا؛ لأنها تصبح شجرةً خائنة للأرض والوطن، وتغدو رمزًا عكسيًّا لتشبّث الغاصب باحتلاله، ولربما روّج عبرها بأنه صاحب الأرض، والأحق بها.
أما شجرنا الذي نتباكى عليه فهو ينبت الثمار والنار معًا، ويعرف كيف يدافع عن نفسه، وكيف يقاتل الغزاة، بعد أن استلهم العبرة من شهداء بلاده، ولن يضيره أن يحترق ويستشهد هو الآخر، إذا كان ثمن احتراقه حرق 'الشجر الخائن' الذي يمدّ العدوّ بأسباب الغذاء والبقاء، بل والتصدير إلى دول العالم، ليعود الثمن رصاصًا في قلوب الشعب المقاوم.
لم أزل في طور الحديث عن 'الثورجيين' الذين أصبحوا نبتًا شيطانيًّا في أرض فلسطين، وما أقلهم عددًا، وأكثرهم 'مناصبَ'، ممن يسعون إلى حقن الهزيمة في عروق أبناء وطنهم، بمثل هذه الذرائع والمسوّغات المثبّطة للعزائم، وهي ذرائع مدروسة جيدًّا، ومخطط لها، ولا تختلف كثيرًا عن الدعاية الصهيونية الموجّهة للفلسطينيين، عن 'عبثية' المقاومة، وضرورة 'السلام' القائم على الخضوع للأمر الواقع، وما يشبه ذلك.
أما عن 'الجيران' الذين يتمّمون دورة الهزيمة، فلا عتب ولا غضب، بل حياداً مطلقاً، يشبه حيادهم حيال كل ما يتعلق بفلسطين الأخرى التي لم تحتلّ بعد في وجداننا، وبشعبها الذي نفض يديه من كل أوهام النخوة العربية، منذ أمدٍ بعيد، غير أنني لا ألومهم على هذه 'الفزعة' التي أظهروها حيال إسرائيل تحديدًا، فكلهم خشية من أن تمتدّ النار من 'أخضر' إسرائيل إلى 'يابس' العواصم العربية.
نيسان ـ نشر في 2016/12/06 الساعة 00:00