البائع المتجول
نيسان ـ نشر في 2017/01/18 الساعة 00:00
دخل إلى مقر العمل يحمل على ظهره كيسا ، يفوق حجمه الصغير، وقف بجانب الباب عارضا بيع بعض الأغراض البسيطة التي يحتويها كيسه الأسود الكبير.. البعض استجاب لطلبه ليس لحاجته له بها؛ بل تقديرًا للمجهود الذي يبذله في لأ أكثر.
عندما سرد قصته البسيطة، والسبب الذي اضطره للعمل كبائع متجول، رغم ان عمره لم يتجاوز الأحد عشر ربيعا ، ولما عرف أنه ما يزال على مقاعد الدراسة، وأن عمله لمساعدة والدته التي أعياها الفقر ولتجنيبها من ذل السؤال، زادت مبيعاته.
ولما علم من حديثه المتلعثم والمتردد أن لا معيل له ولأشقائه الثلاثة بعد وفاة والدهم إلا الله، تعاطف المزيد من الزملاء معه.
أحمد- اسم مستعار- الفتى الصغير لم يكن مضطراً لسرد قصته، لولا أن الصدفة التي رافقت وصوله تزامنت مع مناقشة حامية بين الزملاء، تتعلق بخبر لوزارة العمل يقول إن «عدد حالات عمالة الأطفال التي تعاملت معها الوزارة بلغت 1479 حالة العام الماضي، منهم 1112 طفلًا أردنيًّا، و367 غير أردني».
قصة أخرى، هذه المرة من جرش، وهي متعلقة بأطفال يجوبون حقول الزيتون، ويفترشون الارض لالتقاط ما تيسر من ثمار الزيتون التي تركها أصحابها، عندما تسألهم عن عملهم هذا، يعطونك اجابة واحدة هي انهم مضطرون لمساعدة ذويهم.
تساؤلات عدة طرحها الزملاء بعد رحيل احمد، وهو يجر كيسه بصعوبة: هل تدخل حالة احمد والعشرات من اقرانه ضمن هذا العدد الذي اعلنت عنه الوزارة؟ وهل هناك حالات اصعب، وظروف عمل أكثر قساوة يعيشها اطفال ما زال جسمهم النحيل لا يقوى على تحملها؟
أحد الزملاء ابلغني انه قرأ دراسة تقول إن «عمالة الأطفال تعزز دورات الفقر بين الأجيال، وتقوض الاقتصادات الوطنية، وتعرقل التقدم باتجاه تحقيق الأهداف الإنمائية، وهي نتيجة لعدم المساواة الاجتماعية التي يعززها التمييز؛ فالأطفال من جماعات السكان الأصليين، أو الطبقات الدنيا هم أكثر عرضة للتسرب من التعليم للعمل. كما أن الأطفال المهاجرين أيضاً معرضون للعمالة الخفية، وغير المشروعة».
الخبر المقتضب من وزارة العمل لم يجب على أيٍّ من هذه الاستفسارات التي يتم طرحها بين الحين والآخر، بل أبقى الباب موارباً لتساؤلات أكثر احراجاً للحكومات المتعاقبة، وللحكومة الحالية التي أعلنت أنها سترفع الأسعار بشكل سافر.
فهل علمت هذه الحكومة أن هنالك أطفالاً ما يزالون يبحثون عن عمل بين القمامة! وآخرون «يجمعون بقايا ثمار الزيتون! وأطفالاً يعملون في الباطون! وبائعون متجولون رأس مالهم لا يكفي لجلسة في واحد في مقاهي عبدون؟!!
أظنهم يعرفون، ولكن (..)!
أظنهم يعرفون، ولكن (..)!
نيسان ـ نشر في 2017/01/18 الساعة 00:00