معارضون سوريون في إسرائيل
نيسان ـ نشر في 2017/01/21 الساعة 00:00
تتأمل مشهد مؤتمر هاري ترومان في تل أبيب، وتستمع إلى ما يقوله المعارض السوري المسمى عصام زيتون، ممثلاً عن الجيش السوري الحر، ثم تشاهد مقابلةً متلفزة مع صحافي سوري كردي معارض من أمام أبواب معهد ترومان، وإسمه سيروان كاجو، ثم تأتيك عبر 'سكايب' مداخلة لجنرالٍ سابق في الأمن السياسي لجهاز الأمن لنظام بشار الأسد، اسمه نبيل الدندل، يتحدث لقناة إسرائيلية، داعماً الحضور السوري في المؤتمر، مطالباً دولة إسرائيل دعماً وتفهماً للأهداف المشروعة للشعب السوري في الحرية والعدالة والديمقراطية. وفي اللحظة نفسها، تشاهد على شاشات التلفزات عمليات التطهير العرقي الإسرائيلية في قرية أم الحيران الفلسطينية، والمواجهة التي أدت إلى قتيل وعدة جرحى فلسطينيين برصاص جنود الاحتلال، فلا يسعك سوى تذكّر عمليات القتل التي فاقت كل وصف، وقام بها نظام الأسد، وكوارث التطهير العرقي التي حدثت في سورية من قوات الأسد وحلفائه الإيرانيين وأتباعهم، تحت بصر إسرائيل وبتشجيع منها، لكي تحافظ على هذا النظام واستمراره، كما عبّر أكثر من مسؤول إسرائيلي في السنوات الماضية التي مرّت على الكارثة السورية. تسأل نفسك: ماذا يريد هؤلاء السوريون في تل أبيب من إسرائيل، غير الإمعان بإذلال الشعب السوري، ورجمه بتهمة جديدة فوق كل التهم التي فبركها النظام السوري، وكل داعميه، عرباً وعجماً، كي يضعوا المسمار الأخير في نعش ثورة الحرية الموؤدة.
لو افترضنا أن هؤلاء يمثلون المعارضة السورية، أو جزءاً منها، كما يدّعون، حيث لم نسمع بياناً رسمياً ينفي ذلك، فما هي فعلاً أهدافهم من الإتصال بإسرائيل وأجهزتها الإستخبارية، وهل يعتقدون أن إسرائيل سوف تساعدهم في التخلص من نظام الأسد؟ ألا يقرأون التاريخ؟ ألم يطلعوا على تجارب بعض القوى السياسية في المنطقة التي رأت، ذات يوم، مصلحتها بالتحالف مع إسرائيل، وتوهمت أن هذه سوف تساعدهم في تحقيق حريات شعوبهم، والتخلص من مضطهديهم؟ ليس التاريخ بعيداً، ولا غامضاً، كما يتخيل بعضهم. لقد تعاون الملاّ مصطفى البرزاني في ستينات القرن الماضي مع إسرائيل، عبر وساطات إيرانية شاهنشاهية وقتها، وبإشراف المخابرات السوفياتية ومعرفتها، لكنه اكتشف، ومعه الشعب الكردي، أن إسرائيل وإيران وموسكو الإشتراكية لم يكترثوا لأحلام الأكراد، وإنما كانوا يستخدمونهم في معاركهم المحلية والاستراتيجية. وقد نجد في التاريخ، بتفاصيله المعقدة، ما يبرّر هذا التعاون، وإن كنا لا نقبل به، فقضية الشعب الكردي من أكثر قضايا الشعوب تعقيداً، كون كردستان تقع وسط غيلان قوى عظمى، محلية ودولية، العراق وسورية وإيران وتركيا وروسيا، وهي مصالح تجعلها لا تتردّد في إبادة الأكراد والعرب، من أجل المحافظة على مصالحها. وكان الملا البرزاني زعيماً تاريخياً لشعبه، وربما كان يعتبر نفسه يتعامل مع كل هؤلاء نداً لندِ، وليس كما يبدو اليوم زيتون والدندل والمصري وكاجو وغيرهم مجرد أدواتٍ نكرة تافهة وذليلة. ومع ذلك، لم تقدم إسرائيل أي خدمةٍ حقيقية للشعب الكردي، في طموحه نحو الاستقلال والحرية وتقرير المصير.
ولو رجعنا إلى سبعينات القرن الماضي، ونظرنا الى تجربة حزب الكتائب اللبناني في تعامله مع إسرائيل، لوجد هؤلاء البلهاء السوريون درساً واضحاً لنتائج هذا التعامل، والتعويل على مساندة إسرائيل، فحتى النظام السوري الذليل أمام إسرائيل لم يقبل أن يكون لبنان على يمينه، كما لم يقبل أن تكون الحركة الوطنية اللبنانية على يساره، فسحق الطرفين معاً، بمباركة إسرائيل نفسها.
مثل هذه العلاقات، ولا أقول الزيارت فقط، هي اليوم طعنة للشعب السوري، ولتضحياته في سورية والجولان المحتل، وطعنة للشعب الفلسطيني وورقة رابحة يقدّمها هؤلاء لأعداء حرية السوريين في صفوف الممانعة وترّهاتها عن مقاومة العدو الإسرائيلي. وفي إسرائيل نفسها التي، في جوهرها الفكري العنصري، لا تكترث لغير مصالحها.
لو افترضنا أن هؤلاء يمثلون المعارضة السورية، أو جزءاً منها، كما يدّعون، حيث لم نسمع بياناً رسمياً ينفي ذلك، فما هي فعلاً أهدافهم من الإتصال بإسرائيل وأجهزتها الإستخبارية، وهل يعتقدون أن إسرائيل سوف تساعدهم في التخلص من نظام الأسد؟ ألا يقرأون التاريخ؟ ألم يطلعوا على تجارب بعض القوى السياسية في المنطقة التي رأت، ذات يوم، مصلحتها بالتحالف مع إسرائيل، وتوهمت أن هذه سوف تساعدهم في تحقيق حريات شعوبهم، والتخلص من مضطهديهم؟ ليس التاريخ بعيداً، ولا غامضاً، كما يتخيل بعضهم. لقد تعاون الملاّ مصطفى البرزاني في ستينات القرن الماضي مع إسرائيل، عبر وساطات إيرانية شاهنشاهية وقتها، وبإشراف المخابرات السوفياتية ومعرفتها، لكنه اكتشف، ومعه الشعب الكردي، أن إسرائيل وإيران وموسكو الإشتراكية لم يكترثوا لأحلام الأكراد، وإنما كانوا يستخدمونهم في معاركهم المحلية والاستراتيجية. وقد نجد في التاريخ، بتفاصيله المعقدة، ما يبرّر هذا التعاون، وإن كنا لا نقبل به، فقضية الشعب الكردي من أكثر قضايا الشعوب تعقيداً، كون كردستان تقع وسط غيلان قوى عظمى، محلية ودولية، العراق وسورية وإيران وتركيا وروسيا، وهي مصالح تجعلها لا تتردّد في إبادة الأكراد والعرب، من أجل المحافظة على مصالحها. وكان الملا البرزاني زعيماً تاريخياً لشعبه، وربما كان يعتبر نفسه يتعامل مع كل هؤلاء نداً لندِ، وليس كما يبدو اليوم زيتون والدندل والمصري وكاجو وغيرهم مجرد أدواتٍ نكرة تافهة وذليلة. ومع ذلك، لم تقدم إسرائيل أي خدمةٍ حقيقية للشعب الكردي، في طموحه نحو الاستقلال والحرية وتقرير المصير.
ولو رجعنا إلى سبعينات القرن الماضي، ونظرنا الى تجربة حزب الكتائب اللبناني في تعامله مع إسرائيل، لوجد هؤلاء البلهاء السوريون درساً واضحاً لنتائج هذا التعامل، والتعويل على مساندة إسرائيل، فحتى النظام السوري الذليل أمام إسرائيل لم يقبل أن يكون لبنان على يمينه، كما لم يقبل أن تكون الحركة الوطنية اللبنانية على يساره، فسحق الطرفين معاً، بمباركة إسرائيل نفسها.
مثل هذه العلاقات، ولا أقول الزيارت فقط، هي اليوم طعنة للشعب السوري، ولتضحياته في سورية والجولان المحتل، وطعنة للشعب الفلسطيني وورقة رابحة يقدّمها هؤلاء لأعداء حرية السوريين في صفوف الممانعة وترّهاتها عن مقاومة العدو الإسرائيلي. وفي إسرائيل نفسها التي، في جوهرها الفكري العنصري، لا تكترث لغير مصالحها.
نيسان ـ نشر في 2017/01/21 الساعة 00:00