مقبرة "صيدنايا"
نيسان ـ نشر في 2017/02/11 الساعة 00:00
لا يريد المرء دليلاً على إجرام الديكتاتوريات العربية ووحشيتها أكثر من مطالعة أخبار سجونها ومعتقلاتها التي تحولت إلى 'مسالخ' بشرية، تفوح منها رائحة الكراهية والموت والانتقام. وهو أمر ليس جديداً على أنظمة قائمة، ومستمرة فقط، بفضل آلة القمع والقتل الذي تمارسه بحق معارضيها. وعلى الرغم من الحقائق المفزعة التي أوردها تقرير حديث أصدرته منظمة العفو الدولية عن ضحايا سجن واحد فقط في سورية، هو سجن صيدنايا العسكري الذي يبعد عن العاصمة دمشق 30 كيلو متراً شمالاً، إلا أنها ليست مستغربةً على نظام قصف المدنيين في مدينة حماة بالمدفعية في فبراير/ شباط 1982 أكثر من ثلاثة أسابيع. فحسب تقرير المنظمة، فإن ما يقرب من 13 ألف شخص تم قتلهم شنقاً منذ انطلاق الثورة السورية قبل ست سنوات، حتى نهاية 2015. وهو أمر ليس غريباً علي نظامٍ قتل حتى الآن ما يقرب من نصف مليون شخص، وهجّر الملايين خارج ديارهم وقراهم.
حوالى نصف قرن من القتل والتعذيب مارسهما النظام الأسدي، سواء تحت حكم حافظ الأسد منذ بداية السبعينيات، أو تحت حكم الإبن بشار الذي استكمل مسلسل الجرائم الكئيب طوال العقدين الماضيين، وهي جرائم يرقى جميعها إلى إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية. وهي تتفوق بمراحل على مذابح ومجازر أنظمة ديكتاتورية أخرى، في المنطقة وخارجها، ليس فقط من حيث عدد الضحايا، وإنما أيضاً من حيث طرائق القتل والتعذيب وأساليبهما. فحسب تقرير 'العفو الدولية'، فإن معظم حالات القتل التي جرت في صيدنايا كانت من خلال الشنق وتكسير عظام الرقبة للمعتقلين، حيث يشير التقرير، حسب تغطية 'العربي الجديد'، إلى أنه كان يتم اقتياد السجناء من زنزاناتهم، وإخضاعهم لمحاكمات عشوائية، وتعذيبهم ثم 'شنقهم في منتصف الليل وفي سرّية تامة'، وإلقاء جثثههم في أماكن لا يعرفها أحد. ويورد التقرير الذي استند إلى شهادات عشرات الأشخاص، سواء معتقلين أو مسؤولين سابقين عن السجن، بالإضافة إلى قضاة ومحامين، حقائق مفزعة حول كيفية معاملة المعتقلين داخل السجن. وفي واحدةٍ من أكثر الشهادات إيلاماً ما أشار إليه قاض سابق، شهد هذه الإعدامات، بأنه كان يتم إبقاء الذين تم إعدامهم معلقين حوالى 10 إلى 15 دقيقة، وأن 'صغار السن من بينهم كان وزنهم أخف من أن يقتلهم (الشنق)، فكان مساعدو الضباط يشدونهم إلى الأسفل، ويحطمون أعناقهم'.
كنّا نتندر على الفرق بين سورية ومصر أيام حسني مبارك بأنه مهما بلغ قمع نظام الأخير، إلا أنه يظل أكثر ديمقراطية و'ليبرالية' من نظام حافظ الأسد. والآن، يمكن التندّر بأن المعتقلات والسجون المصرية التي تحوي بداخلها ما يقرب من 40 ألف معقتل سياسي تعتبر 'نُزهة' بالنسبة لمعتقلات بشار الأسد وسجونه. ولو أن كلا النظامين واحد، مع اختلافٍ في الدرجة، وليس في الأصل.
لا يمكن للأنظمة الديكتاتورية العيش بدون القمع والقتل، وهذا أصل وجودها وبقائها ابتداء، بيد أن ما يفعله نظام الأسد يتجاوز ذلك، ويصل إلى درجة جرائم كاملة ضد الإنسانية، لا تختلف عما حدث في بلدان إفريقية، مثل كينيا وكوت ديفوار وإفريقيا الوسطى، أو ما حدث في البوسنة والهرسك في أثناء الحرب الأهلية بداية التسعينات، وما حدث في مناطق أخرى من العالم. ولو أنه تمت محاسبة حافظ الأسد عن جريمته البشعة في حماة قبل 35 عاماً، لما وصلنا إلى ما يفعله ابنه الآن، والذي يحاول الروس الإبقاء عليه في السلطة، حتى يرتكب مزيداً من الجرائم والإبادة بحق من تبقى من السوريين داخل سجونه ومعتقلاته.
حوالى نصف قرن من القتل والتعذيب مارسهما النظام الأسدي، سواء تحت حكم حافظ الأسد منذ بداية السبعينيات، أو تحت حكم الإبن بشار الذي استكمل مسلسل الجرائم الكئيب طوال العقدين الماضيين، وهي جرائم يرقى جميعها إلى إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية. وهي تتفوق بمراحل على مذابح ومجازر أنظمة ديكتاتورية أخرى، في المنطقة وخارجها، ليس فقط من حيث عدد الضحايا، وإنما أيضاً من حيث طرائق القتل والتعذيب وأساليبهما. فحسب تقرير 'العفو الدولية'، فإن معظم حالات القتل التي جرت في صيدنايا كانت من خلال الشنق وتكسير عظام الرقبة للمعتقلين، حيث يشير التقرير، حسب تغطية 'العربي الجديد'، إلى أنه كان يتم اقتياد السجناء من زنزاناتهم، وإخضاعهم لمحاكمات عشوائية، وتعذيبهم ثم 'شنقهم في منتصف الليل وفي سرّية تامة'، وإلقاء جثثههم في أماكن لا يعرفها أحد. ويورد التقرير الذي استند إلى شهادات عشرات الأشخاص، سواء معتقلين أو مسؤولين سابقين عن السجن، بالإضافة إلى قضاة ومحامين، حقائق مفزعة حول كيفية معاملة المعتقلين داخل السجن. وفي واحدةٍ من أكثر الشهادات إيلاماً ما أشار إليه قاض سابق، شهد هذه الإعدامات، بأنه كان يتم إبقاء الذين تم إعدامهم معلقين حوالى 10 إلى 15 دقيقة، وأن 'صغار السن من بينهم كان وزنهم أخف من أن يقتلهم (الشنق)، فكان مساعدو الضباط يشدونهم إلى الأسفل، ويحطمون أعناقهم'.
كنّا نتندر على الفرق بين سورية ومصر أيام حسني مبارك بأنه مهما بلغ قمع نظام الأخير، إلا أنه يظل أكثر ديمقراطية و'ليبرالية' من نظام حافظ الأسد. والآن، يمكن التندّر بأن المعتقلات والسجون المصرية التي تحوي بداخلها ما يقرب من 40 ألف معقتل سياسي تعتبر 'نُزهة' بالنسبة لمعتقلات بشار الأسد وسجونه. ولو أن كلا النظامين واحد، مع اختلافٍ في الدرجة، وليس في الأصل.
لا يمكن للأنظمة الديكتاتورية العيش بدون القمع والقتل، وهذا أصل وجودها وبقائها ابتداء، بيد أن ما يفعله نظام الأسد يتجاوز ذلك، ويصل إلى درجة جرائم كاملة ضد الإنسانية، لا تختلف عما حدث في بلدان إفريقية، مثل كينيا وكوت ديفوار وإفريقيا الوسطى، أو ما حدث في البوسنة والهرسك في أثناء الحرب الأهلية بداية التسعينات، وما حدث في مناطق أخرى من العالم. ولو أنه تمت محاسبة حافظ الأسد عن جريمته البشعة في حماة قبل 35 عاماً، لما وصلنا إلى ما يفعله ابنه الآن، والذي يحاول الروس الإبقاء عليه في السلطة، حتى يرتكب مزيداً من الجرائم والإبادة بحق من تبقى من السوريين داخل سجونه ومعتقلاته.
نيسان ـ نشر في 2017/02/11 الساعة 00:00