الخليج وبداية مرحلة جديدة
نيسان ـ نشر في 2017/02/11 الساعة 00:00
يؤشّر التصعيد الأميركي الإيراني إلى بداية مرحلة جديدة في منطقة الخليج، سوف تطبع بطابعها منطقة الشرق الأوسط بكاملها، وبات محسوما أننا مقبلون على تغييراتٍ كثيرة في الخارطة الحالية التي أخذت شكلها الراهن لسببين؛ الأول تخلي إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، عن مسؤولياتها قوة عظمى من جهة، ومن جهة ثانيةٍ عقد الاتفاق النووي مع إيران الذي أمدّها بعناصر قوةٍ لا حدود لها، وخصوصا في الجانب الاقتصادي، من خلال الإفراج عن أموال إيران المجمدة. والسبب الثاني استغلال إيران الظرفين الإقليمي والدولي، والعمل بدأب وسرعة شديدين على مشروعها الخاص بالهيمنة على العالم العربي، بدءا من العراق ومن ثم سورية فاليمن، وبعد ذلك المباشرة في هز استقرار بلدان المنطقة، وفي المقدمة المملكة العربية السعودية التي تخوض حربا مع إيران بالوكالة في اليمن.
ومن خلال المؤشرات الأولية للتصعيد، لا يبدو أن القصف الكلامي الحربجي من الجانب الأميركي مجرّد تهديدات ظرفية أو بالونات اختبار، بل يظهر، للغالبية العظمى من المتابعين، أن الإدارة الأميركية الجديدة عاقدة العزم على إحداث هزةٍ كبيرة، وفتح معارك مع إيران على عدة جبهات، قد تصل إلى المواجهة العسكرية. واللافت أن الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، يبدو على عجلةٍ من أمره، وهو يعمل على ترجمة ما جاء في حملته الانتخابية، سواء ما يتعلق بإلغاء الاتفاق النووي، أو حضور إيران والمليشيات التابعة لها في العراق وسورية واليمن.
وإذا خطت الإدارة الأميركية جدّيا في هذا التوجه، فإن الفترة المقبلة مرشحة لعودة السياسة الجمهورية التقليدية تجاه إيران والخليج، التي تقوم على تحجيم دور إيران في المنطقة ومواجهة تدخلاتها، وتعزيز الشراكات القديمة مع بلدان الخليج وتركيا، والقائمة على سلسلةٍ كبيرةٍ من الاتفاقات والمعاهدات الأمنية. وهذا لا يعني فقط مضاعفة قدرات الحلفاء القدامى، كي تتوازن مع القدرات العسكرية الإيرانية التي تطورت خلال العقدين الأخيرين على نحو مخيف، بل سيجري العمل، بكل السبل، على إضعاف القدرات الإيرانية العسكرية، ومنعها من تحقيق برامجها ذات الطموحات الاستراتيجية، لتصنيع أسلحة تدمير شامل.
حصول هذا التحول في السياسة الأميركية سوف يشكل عامل ارتياح لدى بعض بلدان المنطقة، وخصوصا السعودية، لأنه سيرفع عنها عبء المواجهة المباشرة الحالية مع إيران، إلا أن هذا يجب ألا يجري التعامل معه، وكأن مشكلات المنطقة مع إيران انتهت بمجرد عودة التهديد بالعصى الأميركية الغليظة، فالولايات المتحدة سوف تأخذ مصالحها الخاصة في عين الاعتبار قبل كل شيء، ثم إن المنطقة هي التي سوف تسدّد فواتير أي مواجهة محتملة مع إيران. وبالتالي، يجب على العرب أن يعملوا اليوم على استنهاض مشروع واحد يحصّن العالم العربي في وجه المشروع الإيراني الذي اتضح، خلال السنوات القليلة الماضية، أنه يستهدف تقويض البنى العربية الراهنة والهيمنة على الشرق الأوسط والخليج واليمن، وهذا لا يحتاج براهين، وتكفي نظرة سريعة إلى حروب إيران في العراق، وفي سورية التي صرفت فيها وحدها 50 مليار دولار، من أجل الدفاع عن مشروعها الخاص الذي بات يمثل الواجهة فيه الرئيس السوري بشار الأسد.
ليس ما نحتاجه في المنطقة العربية اليوم إعادة بناء القوة الذاتية العسكرية فقط، بل إجراء عملية إصلاح شامل، ثقافي وسياسي واجتماعي واقتصادي، تقوم على الديموقراطية وحقوق الإنسان، ومحاربة التطرّف والإرهاب والطائفية، وإيلاء أهمية خاصة لمشاريع التنمية التي تنقل العرب من الحالة المزرية التي يعيشونها إلى مكانٍ متقدم بين شعوب العالم. وعلى العرب أن يأخذوا العبر من مسألة الهجوم الإيراني الكاسح على المنطقة الذي استند، في المقام الأول، على غياب مشروع عربي واحد.
ومن خلال المؤشرات الأولية للتصعيد، لا يبدو أن القصف الكلامي الحربجي من الجانب الأميركي مجرّد تهديدات ظرفية أو بالونات اختبار، بل يظهر، للغالبية العظمى من المتابعين، أن الإدارة الأميركية الجديدة عاقدة العزم على إحداث هزةٍ كبيرة، وفتح معارك مع إيران على عدة جبهات، قد تصل إلى المواجهة العسكرية. واللافت أن الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، يبدو على عجلةٍ من أمره، وهو يعمل على ترجمة ما جاء في حملته الانتخابية، سواء ما يتعلق بإلغاء الاتفاق النووي، أو حضور إيران والمليشيات التابعة لها في العراق وسورية واليمن.
وإذا خطت الإدارة الأميركية جدّيا في هذا التوجه، فإن الفترة المقبلة مرشحة لعودة السياسة الجمهورية التقليدية تجاه إيران والخليج، التي تقوم على تحجيم دور إيران في المنطقة ومواجهة تدخلاتها، وتعزيز الشراكات القديمة مع بلدان الخليج وتركيا، والقائمة على سلسلةٍ كبيرةٍ من الاتفاقات والمعاهدات الأمنية. وهذا لا يعني فقط مضاعفة قدرات الحلفاء القدامى، كي تتوازن مع القدرات العسكرية الإيرانية التي تطورت خلال العقدين الأخيرين على نحو مخيف، بل سيجري العمل، بكل السبل، على إضعاف القدرات الإيرانية العسكرية، ومنعها من تحقيق برامجها ذات الطموحات الاستراتيجية، لتصنيع أسلحة تدمير شامل.
حصول هذا التحول في السياسة الأميركية سوف يشكل عامل ارتياح لدى بعض بلدان المنطقة، وخصوصا السعودية، لأنه سيرفع عنها عبء المواجهة المباشرة الحالية مع إيران، إلا أن هذا يجب ألا يجري التعامل معه، وكأن مشكلات المنطقة مع إيران انتهت بمجرد عودة التهديد بالعصى الأميركية الغليظة، فالولايات المتحدة سوف تأخذ مصالحها الخاصة في عين الاعتبار قبل كل شيء، ثم إن المنطقة هي التي سوف تسدّد فواتير أي مواجهة محتملة مع إيران. وبالتالي، يجب على العرب أن يعملوا اليوم على استنهاض مشروع واحد يحصّن العالم العربي في وجه المشروع الإيراني الذي اتضح، خلال السنوات القليلة الماضية، أنه يستهدف تقويض البنى العربية الراهنة والهيمنة على الشرق الأوسط والخليج واليمن، وهذا لا يحتاج براهين، وتكفي نظرة سريعة إلى حروب إيران في العراق، وفي سورية التي صرفت فيها وحدها 50 مليار دولار، من أجل الدفاع عن مشروعها الخاص الذي بات يمثل الواجهة فيه الرئيس السوري بشار الأسد.
ليس ما نحتاجه في المنطقة العربية اليوم إعادة بناء القوة الذاتية العسكرية فقط، بل إجراء عملية إصلاح شامل، ثقافي وسياسي واجتماعي واقتصادي، تقوم على الديموقراطية وحقوق الإنسان، ومحاربة التطرّف والإرهاب والطائفية، وإيلاء أهمية خاصة لمشاريع التنمية التي تنقل العرب من الحالة المزرية التي يعيشونها إلى مكانٍ متقدم بين شعوب العالم. وعلى العرب أن يأخذوا العبر من مسألة الهجوم الإيراني الكاسح على المنطقة الذي استند، في المقام الأول، على غياب مشروع عربي واحد.
نيسان ـ نشر في 2017/02/11 الساعة 00:00