معركة درعا على منوال حلب
نيسان ـ نشر في 2017/02/26 الساعة 00:00
جاءت معركة درعا في ظرفٍ معاكسٍ للاتجاه العام للوضع السوري، بشقيه الميداني والسياسي، فبعد أكثر من سنةٍ على تجميد الجبهة الجنوبية بقرار أردني، نتيجة تفاهم عمان وموسكو، ها هي تندلع المعركة على أشدّها وسط المدينة، ومن ثم امتد القتال إلى الأطراف والريف الدرعاوي، ولم تمض عدة أيام حتى أعلنت الجهة الرئيسية التي تتولى المواجهة العسكرية مع قوات النظام السوري أنها أنجزت المرحلتين، الأولى والثانية، من المعركة.
هناك من يعطف معركة درعا على ما حصل البارحة، أي على ما جرى في مدينة حلب منذ أغسطس/آب الماضي، عندما أطلقت فصائل معارضة معركة فك الحصار عن شرق حلب، وشهدت المناوشات، في أيامها الأولى، تقدما ملحوظا لفصائل المعارضة المسلحة، ولم يمض شهر حتى بدأت تتقهقر بصورة دراماتيكية، انتهت إلى خروج هذه الفصائل من المدينة، وتهجير أكثر من 100 ألف مدني، وإلحاق دمار هائل بالمدينة، بفعل القصف الروسي الذي اعتمد على منهج غروزني، القائم على اعتبار كل ما في المدينة هدفا عسكريا.
تتقاطع حلب مع درعا، في البعد الرمزي، على نحو خطين متوازيين يلتقيان، على الرغم من أنف النظرية الرياضية التي تعتبر ذلك مستحيلا، فدرعا التي بدأت منها الثورة السورية في مارس/آذار 2011 هي أول جبهة كبيرة يتجمّد فيها القتال، أما حلب التي كانت آخر المدن السورية التي التحقت بالثورة فقد ظلت تقاتل حتى الرمق الأخير. وفي الحالين، لم يكن الأمر نتيجة استراتيجية قائمة على خطةٍ من أجل الانتصار في الميدان، وإنما بسبب حساباتٍ غير مدروسة من بعض القوى التي حملت السلاح لمواجهة النظام، وخصوصا جبهة النصرة التي باتت، منذ أكثر من سنة، تشكل قوة رئيسية تنافس 'أحرار الشام'، كبرى الفصائل المقاتلة والمصنفة في خانة الاعتدال.
وباعتبار أن الخطين المتوازيين يمكن أن يلتقيا في حسابات أمراء جبهة النصرة، فإن معركة درعا تشكل امتداداً لمعركة حلب في الأسلوب والنتائج اللاحقة، وهي مهما حققت من تقدم ضد النظام، في أيامها الأولى، لن تصل إلى إحداث معادلةٍ ميدانيةٍ جديدة، لأن الملحوظ حتى الآن أن روسيا ماضية في إعادة تطبيق سيناريو حلب التدميري في درعا.
هل يدرك الطرف الذي فتح المعركة، أي جبهة النصرة، أن المعركة غير مجدية عسكريا؟ وإذا كان يعرف ذلك، فلماذا يتصرّف على هذا النحو، خصوصا وأن ثمنها كبير، ومهما كانت مآلاتها ستلحق الضرر بأهل درعا من المدنيين؟
لا يستطيع المرء أن يقدم إجابة نهائية على السؤالين في مكان جبهة النصرة، ولكن ليس في وسع أي مراقبٍ أن يفصل هذا التصرف عن نهج 'النصرة'، على الأقل، منذ معركة حلب، وهو نهج يتسم بالابتعاد عن الصورة التي رسمتها لها أطراف الثورة السورية العسكرية والسياسية على أنها فصيل سوري، ليس لديه أجندات خاصة، تخالف أهداف الثورة السورية. ويمكن ضرب أمثلة كثيرة على ذلك، سواء من خلال مجريات معركة حلب، أو ما أعقبها بعد انسحاب الفصائل إلى إدلب. فجبهة النصرة، بدلا من أن تراجع نفسها على الأخطاء الكبيرة التي سببت كارثة حلب، شرعت في فتح معارك ضد فصائل المعارضة، وعادت لتتمركز في وسط تجمعاتٍ مدنيةٍ لتقدّم الذريعة لطيران الروس والنظام للاستمرار في القتل والتدمير.
قال المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، في سبتمبر/أيلول الماضي، إنه يمكن تفادي تدمير حلب، إذا انسحبت منها 'النصرة'، واليوم يعتبرها سبب ما يحصل في درعا، وإلا لما كانت براميل النظام تتساقط على المدنيين هناك، وكأنها صرخةٌ في واد عميق.
تتقاطع حلب مع درعا، في البعد الرمزي، على نحو خطين متوازيين يلتقيان، على الرغم من أنف النظرية الرياضية التي تعتبر ذلك مستحيلا، فدرعا التي بدأت منها الثورة السورية في مارس/آذار 2011 هي أول جبهة كبيرة يتجمّد فيها القتال، أما حلب التي كانت آخر المدن السورية التي التحقت بالثورة فقد ظلت تقاتل حتى الرمق الأخير. وفي الحالين، لم يكن الأمر نتيجة استراتيجية قائمة على خطةٍ من أجل الانتصار في الميدان، وإنما بسبب حساباتٍ غير مدروسة من بعض القوى التي حملت السلاح لمواجهة النظام، وخصوصا جبهة النصرة التي باتت، منذ أكثر من سنة، تشكل قوة رئيسية تنافس 'أحرار الشام'، كبرى الفصائل المقاتلة والمصنفة في خانة الاعتدال.
وباعتبار أن الخطين المتوازيين يمكن أن يلتقيا في حسابات أمراء جبهة النصرة، فإن معركة درعا تشكل امتداداً لمعركة حلب في الأسلوب والنتائج اللاحقة، وهي مهما حققت من تقدم ضد النظام، في أيامها الأولى، لن تصل إلى إحداث معادلةٍ ميدانيةٍ جديدة، لأن الملحوظ حتى الآن أن روسيا ماضية في إعادة تطبيق سيناريو حلب التدميري في درعا.
هل يدرك الطرف الذي فتح المعركة، أي جبهة النصرة، أن المعركة غير مجدية عسكريا؟ وإذا كان يعرف ذلك، فلماذا يتصرّف على هذا النحو، خصوصا وأن ثمنها كبير، ومهما كانت مآلاتها ستلحق الضرر بأهل درعا من المدنيين؟
لا يستطيع المرء أن يقدم إجابة نهائية على السؤالين في مكان جبهة النصرة، ولكن ليس في وسع أي مراقبٍ أن يفصل هذا التصرف عن نهج 'النصرة'، على الأقل، منذ معركة حلب، وهو نهج يتسم بالابتعاد عن الصورة التي رسمتها لها أطراف الثورة السورية العسكرية والسياسية على أنها فصيل سوري، ليس لديه أجندات خاصة، تخالف أهداف الثورة السورية. ويمكن ضرب أمثلة كثيرة على ذلك، سواء من خلال مجريات معركة حلب، أو ما أعقبها بعد انسحاب الفصائل إلى إدلب. فجبهة النصرة، بدلا من أن تراجع نفسها على الأخطاء الكبيرة التي سببت كارثة حلب، شرعت في فتح معارك ضد فصائل المعارضة، وعادت لتتمركز في وسط تجمعاتٍ مدنيةٍ لتقدّم الذريعة لطيران الروس والنظام للاستمرار في القتل والتدمير.
قال المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، في سبتمبر/أيلول الماضي، إنه يمكن تفادي تدمير حلب، إذا انسحبت منها 'النصرة'، واليوم يعتبرها سبب ما يحصل في درعا، وإلا لما كانت براميل النظام تتساقط على المدنيين هناك، وكأنها صرخةٌ في واد عميق.
نيسان ـ نشر في 2017/02/26 الساعة 00:00