من دروس نكسة 06 جوان 1967
نيسان ـ نشر في 2015/06/07 الساعة 00:00
في السّبعينات ظهر موشي ديّان وزير الدفاع الإسرائيلي علي شاشة التلفزة البريطانية حينها سأله الصحافي حول كشفه لخطة حرب 1967 في كتاب ألّفه قبل الحرب : ألم تكن تخشي بأن العرب سيعرفون الخطة ويستعدّون مسبّقا لمواجهتها؟
رد ّديّان قائلا : "لا...لان العرب لا يقرؤون... وإذا قرؤوا لا يفهمون... وإذا فهموا سرعان ما ينسون".
وكانت النتيجة هزيمة 1967 وما تبعتها من أثار مدمّرة علي المجتمع العربي.
حينها انقسم الرأي العام إلي ثلاثة مجموعات :
ــ مجموعة أولي اختارت الأسلوب التّبريري في تحليل أسباب نتيجة الحرب معتمدة علي آلة إعلامية مسيطرة كان هدفها التّقليل أكثر ما يمكن من الإحباط المعنوي مع التأكيد انه ليس هناك أفضل مما جدّ على الميدان.
ــ مجموعة ثانية اختارت أسلوب التشفّي من النظام السّائد آنذاك و شاركت العدوّ في احتفاله بالنّصر مبرّرة الهزيمة بالعقوبة الإلاهيّة وبحالة الوهن المعنوي التي كان يعيشها الجيش المصري.
ــ مجموعة ثالثة اختارت أسلوب التحليل العقلاني و العلمي و المنطقي لأسباب الهزيمة وقامت بأبحاث و تحاليل صائبة للأسباب سوءا السّياسي منها أو العسكري أو الاجتماعي......
المجموعتان الأولي و الثانية اكتفتا بالجعجعة الإعلامية بلا طحين و ملؤوا الساحة عويلا و تهريجا متلذذين بجلد الذات والآخر.
المجموعة الثالثة كان لها دور ريادي فاعل في تحقيق انتصار 1973 ... وتمكّنت بذلك من إسقاط أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يهزم ممهّدة لعصر تحرير الأراضي العربية المحتلة علي مراحل ومجبرة إسرائيل علي الدخول في مرحلة الانكماش بعد التوسّع والذي بلغت ذروته الانسحابات مجبرة من سيناء وجنوب لبنان و الضفة الغربية و قطاع غزّة تحت ضربات المقاومة و صمود الانتفاضة وبطولات جنود رمضان أكتوبر 73.
حاولت إسرائيل العودة إلي مرحلة التوسّع فى أكثر من حرب شنّتها لكنها منيت بهزيمة نكراء حيث عجزت علي السّيطرة علي متر واحد من قرى قطاع غزّة وجنوب لبنان .
في الحروب السابقة كان العرب لا يقرؤون عدوّهم و كانت المعارك رايات بلا سواعد.
كان المقاتل يرتدي كوفيّة فلسطينيّة ويحمل "كلاشنكوف" مدفوعا بحماس وغيرة شديدين لكن بلا خارطة طريق قيادية ترسم له الأهداف وتدعمه معنويا .
أعود إلي كلمة موشي دياّن "العرب لا يقرؤون و إذا قرؤوا لا يفهمون و إذا فهموا سرعان ما ينسون".
نسبة الأميّة في الوطن العربي في حدود أربعين بالمائة أي ضعف المعدل العالمي رغم أنّنا:
ـــ أمة أول ما نزل في كتابها كلمة أقرا باسم ربك.
ـــ أمّة كانت مهبط الرسائل السماوية.
ـــ أمّة كانت مسرح حضارات عظيمة سادت ثم بادت.
أمّتنا تعاني الآن من أميّة حضارية مقيتة فيها يغيّب العقل الواعي المستنير و يهمّش المشروع الإنمائي الشامل.
أمّة تواجه الأميّة بالعنتريات الإعلامية و"الكليبات السّياسية" التي تصور اعتمادا علي أرقي أنواع الإضاءة و الديكور.
أمّة تواجه مشروع فتنة سنة ـ شيعة كما تلهّت في الماضي بفتنة عروبة ـ إسلام.
في الماضي سقطوا في فخ تصعيد العروبة إلي مستوي الإسلام أو إنزال الإسلام إلي مستوي العروبة وغدا قد يسقطوا في فخ تصعيد المذهبين السّني و الشّيعي إلي مستوي الإسلام أو إنزال الإسلام إلى مستوي المذهبين متناسين إن الإسلام مذاهب و المطلوب الحوار و التعايش فى انتظار حساب الله لا حساب البشر.
الأمّة يخطّط لها الآن مشروع فتنة سنّة - شيعة في مشرقها ومشروع فتنة عرب - أمازيغ فى مغربها .
كثيرون انخرطوا فى محاربة الهويّة الحضاريّة للأمّة سواءا كانوا حكّاما أو محكومين وذلك بغية إذلال المواطن وجعله مستسلما ومنقادا وراضيا بالهزيمة .
لن يمرّوا ... ولن ينجحوا .
فهل توافقني أخى القارئ و عدوّنا موشي ديّان:
العرب لا يقرؤون ...
وإذا قرؤوا لايفهمون ...
وإذا فهموا سرعان ما ينسون !!!
انتهي الدّرس ... يا ذكيّ .
نيسان ـ نشر في 2015/06/07 الساعة 00:00