ماذا بعد الصعود إلى الهاوية؟
نيسان ـ نشر في 2017/06/10 الساعة 00:00
هل استجدّت برهةٌ من الوقت، في الوسع أن يُجْتَهد، في أثنائها، بتحسّس معالم تسويةٍ أو تفاهمات محتملةٍ للأزمة الحادّة الحادثة في الخليج؟ أم من المبكّر القول إن تبريد الرؤوس الحامية في أبوظبي والرياض يحتاج وقتا أطول مما نفترض (أو نتمنى)؟ وإذ صار ممكنا التأشير إلى دخول أميركيّ على خط الأزمة، سيعمل، على الأرجح، على عدم تفاقمها إلى ما هو أخطر مما هي عليه، ما هي وسائل الضغط لدى واشنطن لدفع الجميع، الدوحة والرياض وأبوظبي (دعك من المنامة) إلى فتح الملفات كلها، والبحث جدّيا في حلولٍ لها، بعيدا عن منطق الشروط لدى العربية السعودية والإمارات، وعن منطق عدم الاستسلام لدى قطر؟ إذا كان كل نزاعٍ، مهما بلغ من درجات التوتر، لا بد من أن يُختتم بتسويةٍ وتفاهماتٍ، ما الذي يمكن أن تستجيب الدوحة بشأنه، ويُنجيها، في الوقت نفسه، من 'الانتحار' الذي يريده أولئك لها، عندما يجهرون بمطلب تغيير سياستها الخارجية؟ هل في مقدرة الرياض أن تحتمل فصلا جديدا من الفشل، بعد إخفاقها العملياتي والسياسي في اليمن، وبعد انعدام أي فاعليةٍ لها في الملف السوري، وبعد إهمالها في العراق؟
يبدو أن صنّاع القرار في أبو ظبي والرياض استطابوا الإقامة على الشجرة العالية التي صعدوا إليها، فهم يبتكرون، بعد صلاة التراويح كل مساء في هذه الأيام، بدعةً جديدة، صدورا عن أورام الأوهام في العاصمتين، يظنّون فيها أنهم يخنقون أهل القرار في قطر سياسيا ودوليا. وهذه قائمة الـ 59 التي ضمت ما سميّاها، ومعهما القاهرة والمنامة، 'كياناتٍ إرهابية' تفيد بأنه ما زال في الجراب ما فيها من هزل. ولكن، يبقى السؤال: ماذا بعد؟ هل هي حربٌ وعمليات عسكرية؟ هذا ليس قرارُهم وحدهم، هذا محرّم وغير مأذونٍ له، والحرائق التي ستنجم عنه، لا قدّر الله، ستحرق أثوابا غير قليلة يلبسونها هناك. ولا يدّعي كاتب هذه السطور خبرة عسكرية، ولا يحترف التنجيم وقراءة الفناجين، ولا يعرف، أصلا، خرائط السياسة ومتاهاتها في وقائع من قبيل الذي نشهده، في هذه الأيام، وإنما يرى يباس الرأس وحده وراء افتعال المشكل الحادث، والذي كان في الوسع لملمته، بل وحلّه، بل وأيضا إفادة الرياض من الإمكانات الإعلامية في الدوحة، إذا ما اختارت خطا آخر في مسار البحث عن إغلاق مساحات سوء التفاهم، بدل المشي وراء غرائز فالتة في أبوظبي، أخذت تهرول صعودا إلى الهاوية، بدءا من سقوط حسني مبارك، مرورا بفوز الإخوان المسلمين بالرئاسة في مصر، ولم تهنأ بعد بأحكام الإعدام والسجن (كم عددها؟) على محمد مرسي في محبسه أسيرا وممنوعا من الدواء.
الظاهر أن بناء مظلةٍ دوليةٍ وأميركية لقرار حصار دولة قطر فشل، وأن إقناع العالم، وقبله الشارع الخليجي، بخرّافية تمويل الدوحة الإرهاب، لم يحدُث. والظاهر أيضا أن المدخل الوحيد لنزول أولئك، في الرياض وأبوظبي، ببطء في أسابيع أو شهور مقبلة، عن الشجرة العالية التي يتأرجحون عليها، هو في تقديم كشفٍ واضح ومفصل، يبيّنون فيه بالضبط الآثار التي تأتّت سلبا، على صعيد أمن بلادهم وسلامتها، جرّاء إقامة بضعة إخوانيين مصريين في الدوحة (عددهم أقل من عدد الإخوانيين في بريطانيا). لهم أن يطرحوا أي مخاطر أمنية، مسّت، لا سمح الله، سلامة العربية السعودية والبحرين وأبوظبي، تقف الدوحة وراءها. ولأنه ليس لديهم شيءٌ من هذا، ليس عجزا عن الوقوع عليه، بل لأنه لا شيء منه ألبتة، فإن القصة كلها بائخة، ومجرّد ألعاب نارية. وإذ أعيتهم الحيلة في هذا المقطع من المنازلة الحادثة، يصير كاريكاتيريا أن يثرثروا عن قناة تلفزيونية ومركز أبحاث وصحيفة، والنّصيحة أن لا يُضحكوا الأميركان عليهم، إذا ما فعلوها وجاءوا على أمورٍ كهذه، إذا بدأت حركةٌ دبلوماسيةٌ أميركيةٌ باتجاه تبريد الأجواء، وصولا إلى تفاهماتٍ هادئة. والمرجح أن تبدأ هذه الحركة بعد أيام، ومرجّحٌ أن يحدث، في غضونها، نزولٌ عن الشجرة العالية، وتبريدٌ لرؤوسٍ حامية، وتدوير لبعض الزوايا، وبقاء الدوحة على سياستها الخارجية نفسها، وإنْ بإبقاعٍ آخر ربما.
يبدو أن صنّاع القرار في أبو ظبي والرياض استطابوا الإقامة على الشجرة العالية التي صعدوا إليها، فهم يبتكرون، بعد صلاة التراويح كل مساء في هذه الأيام، بدعةً جديدة، صدورا عن أورام الأوهام في العاصمتين، يظنّون فيها أنهم يخنقون أهل القرار في قطر سياسيا ودوليا. وهذه قائمة الـ 59 التي ضمت ما سميّاها، ومعهما القاهرة والمنامة، 'كياناتٍ إرهابية' تفيد بأنه ما زال في الجراب ما فيها من هزل. ولكن، يبقى السؤال: ماذا بعد؟ هل هي حربٌ وعمليات عسكرية؟ هذا ليس قرارُهم وحدهم، هذا محرّم وغير مأذونٍ له، والحرائق التي ستنجم عنه، لا قدّر الله، ستحرق أثوابا غير قليلة يلبسونها هناك. ولا يدّعي كاتب هذه السطور خبرة عسكرية، ولا يحترف التنجيم وقراءة الفناجين، ولا يعرف، أصلا، خرائط السياسة ومتاهاتها في وقائع من قبيل الذي نشهده، في هذه الأيام، وإنما يرى يباس الرأس وحده وراء افتعال المشكل الحادث، والذي كان في الوسع لملمته، بل وحلّه، بل وأيضا إفادة الرياض من الإمكانات الإعلامية في الدوحة، إذا ما اختارت خطا آخر في مسار البحث عن إغلاق مساحات سوء التفاهم، بدل المشي وراء غرائز فالتة في أبوظبي، أخذت تهرول صعودا إلى الهاوية، بدءا من سقوط حسني مبارك، مرورا بفوز الإخوان المسلمين بالرئاسة في مصر، ولم تهنأ بعد بأحكام الإعدام والسجن (كم عددها؟) على محمد مرسي في محبسه أسيرا وممنوعا من الدواء.
الظاهر أن بناء مظلةٍ دوليةٍ وأميركية لقرار حصار دولة قطر فشل، وأن إقناع العالم، وقبله الشارع الخليجي، بخرّافية تمويل الدوحة الإرهاب، لم يحدُث. والظاهر أيضا أن المدخل الوحيد لنزول أولئك، في الرياض وأبوظبي، ببطء في أسابيع أو شهور مقبلة، عن الشجرة العالية التي يتأرجحون عليها، هو في تقديم كشفٍ واضح ومفصل، يبيّنون فيه بالضبط الآثار التي تأتّت سلبا، على صعيد أمن بلادهم وسلامتها، جرّاء إقامة بضعة إخوانيين مصريين في الدوحة (عددهم أقل من عدد الإخوانيين في بريطانيا). لهم أن يطرحوا أي مخاطر أمنية، مسّت، لا سمح الله، سلامة العربية السعودية والبحرين وأبوظبي، تقف الدوحة وراءها. ولأنه ليس لديهم شيءٌ من هذا، ليس عجزا عن الوقوع عليه، بل لأنه لا شيء منه ألبتة، فإن القصة كلها بائخة، ومجرّد ألعاب نارية. وإذ أعيتهم الحيلة في هذا المقطع من المنازلة الحادثة، يصير كاريكاتيريا أن يثرثروا عن قناة تلفزيونية ومركز أبحاث وصحيفة، والنّصيحة أن لا يُضحكوا الأميركان عليهم، إذا ما فعلوها وجاءوا على أمورٍ كهذه، إذا بدأت حركةٌ دبلوماسيةٌ أميركيةٌ باتجاه تبريد الأجواء، وصولا إلى تفاهماتٍ هادئة. والمرجح أن تبدأ هذه الحركة بعد أيام، ومرجّحٌ أن يحدث، في غضونها، نزولٌ عن الشجرة العالية، وتبريدٌ لرؤوسٍ حامية، وتدوير لبعض الزوايا، وبقاء الدوحة على سياستها الخارجية نفسها، وإنْ بإبقاعٍ آخر ربما.
نيسان ـ نشر في 2017/06/10 الساعة 00:00