الفساد ليس في الدجاج وحده
نيسان ـ نشر في 2017/06/11 الساعة 00:00
أعادت قضية الدجاج الفاسد الذي اكله فقراء الاردن، وطبقته الوسطى قبل ايام إلى الذاكرة، الثورة الصادقة التي فجرها وزير الصحة الاسبق ابراهيم ملحس، والمتعلقة بالفساد الذي طال طعامنا وماءنا وهواءنا.
ملحس وقبل ثلاثين عاما تحدث عن حالة الزواج غير الشرعي بين البزنس' والسلطة'، والتي أوصلت الحال إلى أن يستورد تجار جشعون القمامة وفضلات الشعوب..! فأعلن ثورته في وقت كانت فيه الرؤوس فيه تنحني، وقال كلاما جريئا في زمن عز فيه الكلام، وكثر فيه النفاق، وفي زمن ندر فيه الرأي الحر، وأطل فيه المتملقون، واعتلى فيه الأفاكون المنابر.
لم يكتف ملحس بذلك، فقد فجر أزمة سياسية عندما كان وزيرًا للصحة ليقول بالفم الملآن إن الوطن العربي يستهلك نفايات العالم.
في الحقيقة محنة الفساد في بلادنا تحوّلت إلى منهجية معمقة، والقائمون على الأمر وجهوها باتجاه معين، ولكن المعالجات المكياجية لم تفيد؛ نظرا لأنّ أضرار الفساد طالت الجميع، ولم تستثن أحدا، ولن تتوقف الا اذا كان هناك اجراء حقيق يردع الخطر الذي اقترب من إصابتنا في مقتل.
يخطئ كثيرا من يحصر الفساد كله في دائرة واحدة هي الاقتصاد، فناك الكثير الكثير من السرقات المسكوت عنها والفساد المغيب عنا بإرادتنا؛ كالفساد الطبي والفساد الإعلامي والثقافي، وحتى الفساد التربوي والبيئي والاجتماعي.
أما الفساد السياسي فهو الأكثر خطورة؛ كونه يحمي ويعطي بقية الأنواع من السرقات، ويمنح أصحابها رخصة 'مزاولة المهنة'، وفي كثير من الأحيان يجعلهم بعيدين عن الشبهات، وفي أحيان أخرى يغطيهم بقيم الأخلاقية وشرعية.
لم تكن قضية الدجاج الفاسد الاولى، ولن تكون الاخيرة في سلسلة الفساد المستشري في الكثير من التفاصيل اليومية لحياتنا.
فساد الضمائر والأخلاق بات العنوان الأبرز للمرحلة الحالية التي يعيشها المجتمع، بل بات غائبو الضمير هم الطبقة السائدة، فلم يعد مستغربا أن نسمع أن الفساد والواسطة والمحسوبية التي نخرت فينا حتى النخاع باتت نظاما اجتماعيا يتباهى به البعض، ويجاهر به الكثيرون.
من منا لا يفتخر بأنه يعرف مسؤولا كبيرا استطاع من خلاله تمشية معاملته بسهولة. ومن منا لم يزعم يوما أن معاملته تعطلت كونه لم يمتلك الواسطة المناسبة.
وإذا كان الطعام المنتهي الصلاحية احد اشكال الفساد، فإن الأشكال الاخرى لا تقل خطورة تحاصرنا حد الاختناق، فالقضية بحاجة إلى أن نقف مع الذات، وأن نتعلم أننا مسلوبون حتى العظام، وأننا جزء من ذلك التردي الشامل بإرادتنا وليس رغماً عنا.
ملحس وقبل ثلاثين عاما تحدث عن حالة الزواج غير الشرعي بين البزنس' والسلطة'، والتي أوصلت الحال إلى أن يستورد تجار جشعون القمامة وفضلات الشعوب..! فأعلن ثورته في وقت كانت فيه الرؤوس فيه تنحني، وقال كلاما جريئا في زمن عز فيه الكلام، وكثر فيه النفاق، وفي زمن ندر فيه الرأي الحر، وأطل فيه المتملقون، واعتلى فيه الأفاكون المنابر.
لم يكتف ملحس بذلك، فقد فجر أزمة سياسية عندما كان وزيرًا للصحة ليقول بالفم الملآن إن الوطن العربي يستهلك نفايات العالم.
في الحقيقة محنة الفساد في بلادنا تحوّلت إلى منهجية معمقة، والقائمون على الأمر وجهوها باتجاه معين، ولكن المعالجات المكياجية لم تفيد؛ نظرا لأنّ أضرار الفساد طالت الجميع، ولم تستثن أحدا، ولن تتوقف الا اذا كان هناك اجراء حقيق يردع الخطر الذي اقترب من إصابتنا في مقتل.
يخطئ كثيرا من يحصر الفساد كله في دائرة واحدة هي الاقتصاد، فناك الكثير الكثير من السرقات المسكوت عنها والفساد المغيب عنا بإرادتنا؛ كالفساد الطبي والفساد الإعلامي والثقافي، وحتى الفساد التربوي والبيئي والاجتماعي.
أما الفساد السياسي فهو الأكثر خطورة؛ كونه يحمي ويعطي بقية الأنواع من السرقات، ويمنح أصحابها رخصة 'مزاولة المهنة'، وفي كثير من الأحيان يجعلهم بعيدين عن الشبهات، وفي أحيان أخرى يغطيهم بقيم الأخلاقية وشرعية.
لم تكن قضية الدجاج الفاسد الاولى، ولن تكون الاخيرة في سلسلة الفساد المستشري في الكثير من التفاصيل اليومية لحياتنا.
فساد الضمائر والأخلاق بات العنوان الأبرز للمرحلة الحالية التي يعيشها المجتمع، بل بات غائبو الضمير هم الطبقة السائدة، فلم يعد مستغربا أن نسمع أن الفساد والواسطة والمحسوبية التي نخرت فينا حتى النخاع باتت نظاما اجتماعيا يتباهى به البعض، ويجاهر به الكثيرون.
من منا لا يفتخر بأنه يعرف مسؤولا كبيرا استطاع من خلاله تمشية معاملته بسهولة. ومن منا لم يزعم يوما أن معاملته تعطلت كونه لم يمتلك الواسطة المناسبة.
وإذا كان الطعام المنتهي الصلاحية احد اشكال الفساد، فإن الأشكال الاخرى لا تقل خطورة تحاصرنا حد الاختناق، فالقضية بحاجة إلى أن نقف مع الذات، وأن نتعلم أننا مسلوبون حتى العظام، وأننا جزء من ذلك التردي الشامل بإرادتنا وليس رغماً عنا.
نيسان ـ نشر في 2017/06/11 الساعة 00:00