في العيد
نيسان ـ نشر في 2017/06/26 الساعة 00:00
في الأعياد العربية، وما أكثرها من أعياد، ينتظر المواطن أن يلملم حصيلة عامه من جهد وعرق وعمل ليضعه في بعض الحلوى أو خروف للمناسبة.
أمّا بالنسبة للساسة والمسؤولين والأغنياء وذوي النفوذ، فالعيد لهم بمثابة استراحة من أجل الاستراحة، أو مناسبة للخروج من المألوف، وربما العودة إلى ذكريات ما قبل الراحة.
أمّا الفقراء فهم ينتظرونه بلهفة وشوق كي يحصل بعضهم على نصيب من أضحية تقرب بها جار أو قريب استطاع أن يجمع ثمن الأضحية.
فالعيد بالنسبة لبعض هؤلاء مناسبة سنوية مثقلة بالهموم، تذكّرهم بمدى الحرمان الذي يعيشونه، فبعضهم يمرّ عليه العيد كأنّه يوم عابر، كباقي أيام السنة، بعد أن تشتتت الفرحة في حياتهم منذ زمن طويل.
ويأتي العيد وثمة وجوه تتألم لمجيئه، بدموع أطفال لم يستطيعوا الحصول على ثوب جديد لاستقبال عيدهم. لولا بقايا التكافل الاجتماعي والتراحم لما كان لهؤلاء مكانا ليفرحوا فيه.
وفي العيد أيضا تظهر بوضوح الفجوة بين المتخم والمعدم، وبين الغني والفقير وبين القادر والمغلوب على أمره.
وفي العيد صور مكررة لنمط من الاستهلاك الخاص. وعلى الرغم من أنّ هذه الفوارق تختفي نسبيا بين الأطفال، إلاّ أنّ الكبار يفضّلون حبس أنفسهم ما بين الجيبة والمحفظة، وفي أحيان أخرى يلوذون بالفرار من مجاملات أكل الدهر عليها وشرب، ولكنّهم مضطرّون للتعامل مع الواقع وفق مبدأ (مكرهاً أخاك لا بطل).
وفي العيد الكثير من الحكايا التي يرويها الناس على اختلاف تشكيلاتهم وألوانهم، وتبدأ هذه القصص في محلات البالة قبل العيد بأيام أو في «النوفيتهات» الراقية أو عند اللقاءات المجاملة، أو حتى السهرة مساء.
وفي العيد أيضا ينتعش الموروث العربي القديم المتجدد من الحسد والغيرة والنميمة، وهو نتيجة طبيعية للقهر والخذلان، فقد جرت العادة أن يبحث المقهور عمّن يقهره كتعويض نفسي. فالبعض ينظر إلى الحالة المقابلة من خلال تشخيص لما يتمنّى أو يرغب.
وللسياسة في أحاديث العيد نصيب خاص، فقد تحوّلت مجالس الأعياد إلى دواوين سياسية، الكل يدلو بدلوه ويعبّر عن رأيه في كل شيء، فقد حددت الثورات العربية المتفاقمة نسقا من الحوار مختلفا عن الأعياد السابقة.
نيسان ـ نشر في 2017/06/26 الساعة 00:00