لنخرج من الفصائلية
نيسان ـ نشر في 2017/07/01 الساعة 00:00
تضم الفصائلية معظم الأطراف العسكرية والسياسية التي تقاتل النظام الأسدي أو تعارضه، ويطالب خلق كثيرون (بينهم كاتب هذا النص) بالتخلي عنها منذ سنوات، علما أنه لم يسبق لأحد، على حد علمي، أن أدرج التمثيلات السياسية تحت حيثية الفصائلية، على الرغم من أنها تحمل صفاتها وتبزّها في الخطورة، بسبب قدرتها على تحديد سلوك الفاعلين في المجال العام.
إذا كانت الفصائلية العسكرية تعلن عن نفسها بفخر، فإن الفصائلية السياسية ترفض أن يُحكم عليها انطلاقا من واقع عجزها السياسي، وعزلتها التنظيمية عن الشعب، وتريد من السوريين أن يروها بدلالة طابعها التمثيلي حاضنةً وطنية تجمعهم، وأن يتجاهلوا فصائليتها، المسجلة في تمسّك مكوناتها بهوياتها الجزئية والمتنافرة التي تحول بينها وبين الاندماج في كيانٍ نوعيٍّ موحد، تختلف صفاته عن صفات أيّ مكونٍ منضو فيه، هو بالفعل والقول حاضنةٌ تمثيلية حقيقية، تنظيمية وسياسية، يُخرج تكوّنها ونشاطها مكوناتها الداخلية من هزالها، فترى نفسها بدلالته 'ائتلافا' هو حاضنة جامعة، وليست تجميعية فقط، تفضل الاندماج فيه على التمسّك بخصوصياتها الضيقة، وبحال التراصف مع الآخرين التي أقلمت نفسها معها، على الرغم من أنها لا تسمح لها بغير حدٍّ أدنى من التفاعل الإيجابي معهم منتمين إلى مكونات متفرقة. ومع 'الائتلاف' حالة يحول طابعها التجميعي، المفعم بالانقسامات والشقاق، من دون ممارسة وظيفتها القيادية المطلوبة، ويلغي دورها جسماً يفعّل أنشطة معظم السوريين، ونضالاتهم ومقاومتهم، ويحصره في الاكتفاء بسياساتٍ ومواقف تمليها توازناته الداخلية الصراعية الجوهر، والتي تسهم في كبح قدرته على بلورة برامج وخطط تكفل تفوّق الثورة على النظام، عبر تفعيل طاقات السوريات والسوريين الهائلة.
مثلما أثبتت الفصائلية العسكرية فشلها، وقادت في الأعوام الأخيرة إلى تراجع ميداني على أكثر من جبهة، وانخرطت أطرافٌ عديدةٌ من تنظيماتها في اقتتالٍ سفكت خلاله دماء الشعب، وحقنت دماء النظام وحلفائه ومرتزقته، كما عقدت صفقاتٍ خرجت على الوطنية السورية، مثل صفقة حلب، كذلك أثبتت الفصائلية السياسية فشلها وعجزها عن استباق التطورات، ومواكبة الوقائع، واتخاذ مواقف منسّقة ومترابطة، ترجمت خططا وبرامج وممارساتٍ منسجمة، أخضعت الجزئي والخاص للجامع والمشترك، باقتصار العمل الوطني على الفصائلية السياسية والعسكرية، عجز عن إصلاح الأعطاب الهيكلية التي تعصف بجسد المعارضة، لاستحالة أن يكون هو سليما، بينما يرزحان هما تحت وطأة عيوب وأمراض هيكلية متنوعة، يفتقران إلى القدرة على معالجتها بما يتوفر لهما من أدوات وعقليات فصائلية، هي أبرز علامات مرضهما العضال التي أدخلتهما في طور احتضار متقدم، نجاتهما في تصديهما لسببه: أي للفصائلية نمط تنظيم سياسي/ عسكري، عاجز عن مواجهة النظام وحلفائه، أخفق في الدفاع عن حياة الشعب وحقوقه، ناهيك عن إحراز انتصار يطيح السلطة التي تبيده، يأخذ سورية إلى بديله الديمقراطي، بأهميته الوجودية التي تجعله أكثر بكثير من مجرد خيار أو نظام سياسي.
لم يكن إفلاس الفصائلية مباغتاً. لو أن عقلا استراتيجيا وعقلانيا في صراع السوريين مع النظام، لقاومت أغلبيتهم الأخذ بالفصائلية، ولبنوا تنظيما جامعا كمنظمة التحرير الفلسطينية، يدير تنوّعهم التنظيمي بكيفياتٍ تحول دون اشتغاله في إطار فصائلي تمزيقي، أو كجبهة التحرير الوطني الجزائرية التي رفضت التنوع التنظيمي، واعتمدت مركزيةً صارمةً في القيادة، لا يعترض أحد على قراراتها. بما أن الفصائلية واقع لا سبيل إلى القفز عنه، فإن إدارة تنظيماتها بأساليب منظمة التحرير تغدو مهمة إنقاذية ثورية، لا تعلو عليها اليوم مهمة أخرى. وإذا كان بعض قادة الفصائل يتمسّكون بها، بذريعة نجاحها خلال مراحل الثورة الأولى، فإن هؤلاء يتعامون عن حقيقة أن الفصائلية لو كانت ناجحةً لما بقي النظام إلى اليوم، ولما تسارع سقوط الثورة في العامين الأخيرين، بينما أخذ هو يستعيد توازنه. ولما ظهرت تنظيماتٌ ارهابيةٌ فصائليةٌ عملت لصالحه، ولما تمكّن الأسديون من شن حربٍ متحركةٍ أشبه بحرب العصابات ضد شعب سورية، بينما تلقت الفصائل ضرباتٍ موجعة جدا، من دون أن تتمكّن طوال أعوام القتال الستة من تنظيم وشن هجوم استراتيجي واحد، موحد ومنسق، على المستوى الوطني.
لم يعد مقبولا اقتصار دور الفصائلية على الدفاع عن مصالح قادتها. لهذا، تحديدا، يجب التخلي عنها والانتقال إلى أشكال تنظيمية أعلى وأفعل، يتوقف اليوم مصير السوريين على إيجادها، أقله للرد بنجاعةٍ على وضعهم تحت إشراف دولي.
إذا كانت الفصائلية العسكرية تعلن عن نفسها بفخر، فإن الفصائلية السياسية ترفض أن يُحكم عليها انطلاقا من واقع عجزها السياسي، وعزلتها التنظيمية عن الشعب، وتريد من السوريين أن يروها بدلالة طابعها التمثيلي حاضنةً وطنية تجمعهم، وأن يتجاهلوا فصائليتها، المسجلة في تمسّك مكوناتها بهوياتها الجزئية والمتنافرة التي تحول بينها وبين الاندماج في كيانٍ نوعيٍّ موحد، تختلف صفاته عن صفات أيّ مكونٍ منضو فيه، هو بالفعل والقول حاضنةٌ تمثيلية حقيقية، تنظيمية وسياسية، يُخرج تكوّنها ونشاطها مكوناتها الداخلية من هزالها، فترى نفسها بدلالته 'ائتلافا' هو حاضنة جامعة، وليست تجميعية فقط، تفضل الاندماج فيه على التمسّك بخصوصياتها الضيقة، وبحال التراصف مع الآخرين التي أقلمت نفسها معها، على الرغم من أنها لا تسمح لها بغير حدٍّ أدنى من التفاعل الإيجابي معهم منتمين إلى مكونات متفرقة. ومع 'الائتلاف' حالة يحول طابعها التجميعي، المفعم بالانقسامات والشقاق، من دون ممارسة وظيفتها القيادية المطلوبة، ويلغي دورها جسماً يفعّل أنشطة معظم السوريين، ونضالاتهم ومقاومتهم، ويحصره في الاكتفاء بسياساتٍ ومواقف تمليها توازناته الداخلية الصراعية الجوهر، والتي تسهم في كبح قدرته على بلورة برامج وخطط تكفل تفوّق الثورة على النظام، عبر تفعيل طاقات السوريات والسوريين الهائلة.
مثلما أثبتت الفصائلية العسكرية فشلها، وقادت في الأعوام الأخيرة إلى تراجع ميداني على أكثر من جبهة، وانخرطت أطرافٌ عديدةٌ من تنظيماتها في اقتتالٍ سفكت خلاله دماء الشعب، وحقنت دماء النظام وحلفائه ومرتزقته، كما عقدت صفقاتٍ خرجت على الوطنية السورية، مثل صفقة حلب، كذلك أثبتت الفصائلية السياسية فشلها وعجزها عن استباق التطورات، ومواكبة الوقائع، واتخاذ مواقف منسّقة ومترابطة، ترجمت خططا وبرامج وممارساتٍ منسجمة، أخضعت الجزئي والخاص للجامع والمشترك، باقتصار العمل الوطني على الفصائلية السياسية والعسكرية، عجز عن إصلاح الأعطاب الهيكلية التي تعصف بجسد المعارضة، لاستحالة أن يكون هو سليما، بينما يرزحان هما تحت وطأة عيوب وأمراض هيكلية متنوعة، يفتقران إلى القدرة على معالجتها بما يتوفر لهما من أدوات وعقليات فصائلية، هي أبرز علامات مرضهما العضال التي أدخلتهما في طور احتضار متقدم، نجاتهما في تصديهما لسببه: أي للفصائلية نمط تنظيم سياسي/ عسكري، عاجز عن مواجهة النظام وحلفائه، أخفق في الدفاع عن حياة الشعب وحقوقه، ناهيك عن إحراز انتصار يطيح السلطة التي تبيده، يأخذ سورية إلى بديله الديمقراطي، بأهميته الوجودية التي تجعله أكثر بكثير من مجرد خيار أو نظام سياسي.
لم يكن إفلاس الفصائلية مباغتاً. لو أن عقلا استراتيجيا وعقلانيا في صراع السوريين مع النظام، لقاومت أغلبيتهم الأخذ بالفصائلية، ولبنوا تنظيما جامعا كمنظمة التحرير الفلسطينية، يدير تنوّعهم التنظيمي بكيفياتٍ تحول دون اشتغاله في إطار فصائلي تمزيقي، أو كجبهة التحرير الوطني الجزائرية التي رفضت التنوع التنظيمي، واعتمدت مركزيةً صارمةً في القيادة، لا يعترض أحد على قراراتها. بما أن الفصائلية واقع لا سبيل إلى القفز عنه، فإن إدارة تنظيماتها بأساليب منظمة التحرير تغدو مهمة إنقاذية ثورية، لا تعلو عليها اليوم مهمة أخرى. وإذا كان بعض قادة الفصائل يتمسّكون بها، بذريعة نجاحها خلال مراحل الثورة الأولى، فإن هؤلاء يتعامون عن حقيقة أن الفصائلية لو كانت ناجحةً لما بقي النظام إلى اليوم، ولما تسارع سقوط الثورة في العامين الأخيرين، بينما أخذ هو يستعيد توازنه. ولما ظهرت تنظيماتٌ ارهابيةٌ فصائليةٌ عملت لصالحه، ولما تمكّن الأسديون من شن حربٍ متحركةٍ أشبه بحرب العصابات ضد شعب سورية، بينما تلقت الفصائل ضرباتٍ موجعة جدا، من دون أن تتمكّن طوال أعوام القتال الستة من تنظيم وشن هجوم استراتيجي واحد، موحد ومنسق، على المستوى الوطني.
لم يعد مقبولا اقتصار دور الفصائلية على الدفاع عن مصالح قادتها. لهذا، تحديدا، يجب التخلي عنها والانتقال إلى أشكال تنظيمية أعلى وأفعل، يتوقف اليوم مصير السوريين على إيجادها، أقله للرد بنجاعةٍ على وضعهم تحت إشراف دولي.
نيسان ـ نشر في 2017/07/01 الساعة 00:00