(طاش ما طاش)
نيسان ـ نشر في 2017/07/12 الساعة 00:00
كما توقعتُ، وكتمتُ، ولم أتسرع: ما اقترفته السعودية والإمارات بحق قطر، بدأ عنيفاً، معادياً، متحدياً لمختلف القيم والأعراف والشرائع.. ضارباً بعرض الحائط اعتبارات من مثل مجلس التعاون الخليجي، (جامعة الدول العربية!!؟ قال يعني).. حسن الجوار.. عدم المساس بعوامل الاستقرار.. حرمة الشهر الفضيل.. أقول بدأ مهولاً ومرعباً ومخلخاً لمختلف ما تعارفنا عليه.. قطيعة وإغلاق حدود.. وسحب سفراء.. وطلب مغادرة سفراء.. وحصار.. وطرد، حتى، معتمري بيت الله الحرام.. ثم ما لبث أن بدأ يخبو تدريجياً، كما لو أنه فقاعة في الهباء..
فصبيحة الاثنين الأسود (الخامس من حزيران 2017)، كانت من الرعب والمفاجأة والخذلان والصدمة.. الكافية، (كما توهموا) لأن ينبطح أي متشكك.. ويجبن أي جبان.. ويصمت الصامتون عادة، وحتى بعض أصحاب الظواهر الصوتية والفقاعات الوهمية.. وكل ما تلا تلك الضربة المدوية، تبيّن لاحقاً أنه مجرد تنويعٍ عليها.. ومن هجوم كاسح، تحول الأمر (بقدرة قادر) إلى مجرد (شكاوى) تنوي السعودية، على لسان وزير خارجيتها (النعّومة)، إن منحتموها الوقت والروية و(طولة البال)، أن تقدمها لـ(الشقيقة) قطر.. خلال أيام معدودات.. ربما بعد العشر الأواخر، وانشغال الربع بالقيام والصيام وشراء (خرق) العيد.. تراجع لهجة الخطاب واضحة.. سبقها تخبط ديبلوماسيٍّ ملحوظ.. وتخللها تجييشٌ فاقع البؤس.. منحط الأساليب.. عفن النوايا والجهات والآليات.. وها هي معالم خواتيمها تنجلي الواحدة تلو الأخرى.. مراهقة سياسية أتعبتنا يا (ولاد) الحكم في بلادنا.. مكائد يتعفف عنها حتى الطامعون بِكُرَةِ ابن الحارة المدلل.. قرارات كيدية، شخصية في كثير من الأحيان.. تفتقد للرزانة والحكمة والروية والتعقل.. وليس فيها، كي تكتمل خيبتنا، أي نبل، أو حس بالمسؤولية، أو احتكام إلى لغة العقل، ولا أي قراءة واعية مدروسة للنتائج والمآلات وحسابات الربح والخسارة.. رعونة خرقاء الكل فيها خسران.. توريط لدول وجهات إعلامية ودينية وهياكل سرعان ما انفرط عقدها وانكشف حسبها لأن الماسك شيفرة (كاشها) لوّح بتغيير الأرقام السرية لصناديق العجب.. كما لو أننا في حفلة سمر رمضانية تحتمل لعبة فوازير، وأخرى على طريقة (طاش ما طاش)..
أفهم الانتحار السياسيّ إن أقدم عليه حاكم حماية لبلده وأمته وشرفه الإنسانيّ.. أما أن يقودنا بعض المراهقين (المُرْهِقين) لانتحار وجوديّ، وليس فقط سياسيّ، إصراراً على عناد، وتحقيقاً لأطماع الأعداء، وتشميتاً للأغراب بنا، فهذا ما لا يمكن أن يستوعبه عقل، ولا أن يقبل به عاقل.
فبأي حال عدتَ يا عيدُ.. بما مضى أم لأمرٍ فيك تجديدُ!!
عن عيد الأضحى أتحدث، فالكفر عناد.. وسيحتاج من رفعوا (كيسهم) في البداية، وأطبقوا مخالبهم، وعضّوا على استقواء شروطهم.. سيحتاجون لأن يمر عيد الحجيج... ويوم التضحية.. دون تضحية نبيلة المقاصد لجهة انفراج أزمة عربية-عربية ليس لها أي معنى أو قيمة أو دلالة.. شعوبنا وكرامتنا ومكانتنا هي الخاسر الأكبر فيها.
نيسان ـ نشر في 2017/07/12 الساعة 00:00