هي القدس يا عرب
نيسان ـ نشر في 2017/07/17 الساعة 00:00
أكثر من جريمة .. وأكبر من وطن .. وأحلى من عسل، فاضت به أرض اللبن والزعتر.. وأقوى من قبضة طفل قاوم حتى انتصر.. وأصلب من حجر شج رأس جندي مغتصب... وأرق من قصيدة عبرت عن مشاعر عاشقين، حلما بلقاء لم يتم، أو مقالة حاكت شجون أمة، وصاغت أحلام فقراء بكلمات معبرة.
هي القدس التي أحببناها حتى هربنا من مجرد الحديث عن اغتصابها، وباتت في دواوين الساسة والزعماء ملفا، يتغير لونه كلما تبدل المسؤول، أو كلما حدث طارئ .. أو كلما شدنا الحنين إلى رائحة الياسمين .. أو لزيتها المقدس، أو لمساجدها التي تصدح بالأذان ..أو لأجراس الكنائس أو لمريم العذراء، أو لقبة الصخرة.
أو لترابها المجبول بدماء الشهداء.. فخفنا منها حتى لذنا بالفرار من مواجهة أسئلتها وَمُساءلاتها الحائرة منذ أكثر من خمسة عقود أو يزيد.
هي القدس التي تتدثر دائما بثوبها النوراني وحملت أرضها عبر العصور كلمات الأنبياء ومعاركهم بين الحق والباطل، وزارها عشاق الحرية والسلام وأفضت بروح اليسوع وببراق النبي محمد في معراجه إلى السماء.
احتفلت الأمة العربية بها قبل سنوات عاصمة للثقافة، فهل بقي في القلب متسع لهذا البعد؟ وهل ما زلنا نتذكر أنها ها هنا بين اللحم والعظم، وبين سطور كلماتنا وآهاتنا المخنوقة؟
يا قدس لا تنتظري منا إلا مجرد كلمات، فنحن أضعف حتى من الكتابة، دون ان تستيقظ فينا نخوة ضاعت في زمن الهزيمة وانقلاب الحقائق رأسا على عقب.
زمن استيقظت فيها أشباح الفوبيا المزمنة وبقيت وشائح الغربة كالمناديل المهلهلة تعصف بها الرياح أينما ذهبت.
زمن باتت فيه الهجرات القسرية إلى شتى المنافي عنواناً دائماً لشعبٍ يرنو لرؤياك. في القدس يسقط الشهيد ممسكا بيد أخيه، وفي القدس أيضا ينام المرابطون على الرصيف، وتتأبط النساء المصاحف.
هناك يموت الرجال واقفين، ويصلي الأطفال بين فوهات البنادق وعلى رؤوسهم هراوات المحتل. هي القدس يا من أدنتم الضحية! تمسحتم بالجلاد ليحمي ذات يوم عوراتكم الداخلية، وصمتكم على منع الأذان وتكبيرة الإحرام.
زمن باتت فيه الهجرات القسرية إلى شتى المنافي عنواناً دائماً لشعبٍ يرنو لرؤياك. في القدس يسقط الشهيد ممسكا بيد أخيه، وفي القدس أيضا ينام المرابطون على الرصيف، وتتأبط النساء المصاحف.
هناك يموت الرجال واقفين، ويصلي الأطفال بين فوهات البنادق وعلى رؤوسهم هراوات المحتل. هي القدس يا من أدنتم الضحية! تمسحتم بالجلاد ليحمي ذات يوم عوراتكم الداخلية، وصمتكم على منع الأذان وتكبيرة الإحرام.
نيسان ـ نشر في 2017/07/17 الساعة 00:00