عادل سمارة: استدخال الهزيمة لا يواجه إلا بعقلية مشروع التحرير

نيسان ـ نشر في 2017/07/20 الساعة 00:00
تقسيم سورية فشل والعدو أعاد التموضع وهو يسعى إلى تحييد دمشق ضد الكيان دور مثقفي الطابور السادس تخريب الوعي وعجنه بالنفط ليصبح صهيو-أمبريالي ما يسمى 'الإعلام الجديد' ينشر العمى والتعمية وهو خادم لأنظمة الريع النفطي علينا الشغل لاستعادة زخم الشارع الذي أضعناه والذي تعرض للتشويه دون أن يعي هزيمة 67 ضربت الوعي العربي واقتصرت النقد على الجمهوريات وأعفت الملكيات حوار – سعد الفاعور عادل سمارة، كاتب سياسي فلسطيني، يحمل الدكتوراه في الفلسفة، تخصص(الاقتصاد السياسي والتنمية) من جامعة إكزتر-بريطانيا، عام 1991.امتهن السياسة منذ سن مبكرة، فانتسب إلى منظمة (أبطال العودة)، وهو ما تسبب في تعرضه للاعتقال عدة مرات من قبل السلطات الأردنية، إبان فترة الأحكام العرفية، في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. لا يؤمن بحل الدولة ولا بحل الدولتين، ويدعو إلى رفض استدخال الهزيمة تحت مسمى التطبيع والتنسيق الأمني مع الصهاينة. له العديد من المؤلفات والكتب المنشورة في الاقتصاد والسياسة والتاريخ. يرى أن التفكير بعقلية مشروع التحرير يجب أن يبقى قائماً طالما أن الاحتلال الصهيوني لفلسطين برمتها قائم, مهما حاول الساقطون واللاهثون فرض تسويات استسلامية. تصدى في وقت مبكر لثورات برنار هنري ليفي، وهو ما وضعه في موقف لا يحسد عليه، فاتهم بأنه عميل للمخابرات السورية والإيرانية والعقيد القذافي. وبعد 6 سنوات من زلزال الثورات الممولة خليجياً والمدعومة غربياً، وفي ظل تفجر النزاع القطري، وتراشق المسؤولين الخليجيين للاتهامات، وكشفهم عن الأدوار التي قاموا بها في تخريب وتمزيق ليبيا واليمن وتونس والعراق وسورية، بدا أن ما كان يقوله الرجل ويهزأ منه الآخرون، قد أصبح حقيقة واقعة. وفيمايلي، النص الكامل للحوار: * كيف تقرأون المشهد الجيوسياسي اليوم. هل خطر تقسيم سورية لا يزال قائماً. أم أن المحور المعادي أُجبر على إعادة التموضع والتنازل عن خططه؟ - لا يزال المشهد متقلباً ومرتبكاً. هناك تقدم تدريجي في سورية نحو الانتصار، الثورة المضادة تتراجع ولكن تدريجياً، وتحاول تثبيت مواقعها بكل قوة ممكنة، الحروب ضد سورية هائلة، ولذا علينا توقع استطالة أمد هذه الحرب.الثورة المضادة تضع خيارين تقريباً أو سيناريوهين: إما تقسيم سورية أو تدمير سورية، التدمير يسير على قدم وساق وصولاً إلى التقسيم، ذلك لأن الثورة المضادة بثلاثيتها (الغرب الرأسمالي، الكيان الصهيوني، والكمبرادور والنفطيات العربية) ترى سورية مركز النقيض لها، لذا تصر على التخلص من سورية. تقول المؤشرات إن تقسيم سورية صار أصعب مما كان في السنوات السابقة، لكن العدو سيحاول اجتثاث دور ومعنى سورية العروبي بمعنى أن تتم صياغة دستور سوري وليس عروبي، وأن يتم تحييد دور سورية ضد الكيان. ما أقصده أن الحر ب لم تنته والمخططات لم تتوقف، ودعم ما تسمى المعارضات والمنصات لم يتوقف. وبصراحة معظم أنواع أو جميع أنواع المعارضات غير عروبية، ولذا، ستكون هي الآلية المقبلة لتقويض دور سورية. المهم الآن ليس فقط التوقعات بل دعم سورية بكل ما هو ممكناً، أي باختصار، الاشتراك في الاشتباك. * أشرتم في ذكرى اغتيال الشهيد غسان كنفاني، إلى ما أسميتموه 'مخطط اغتيال رموز المرحلة'، وانتقدتم مقالة نشرت بعنوان 'غسان كنفاني قتيل السياسة'. هل أحدثت صرختكم فرقاً؟ - .بداية، يكتب المرء بدافع الإخلاص والأخلاق أولاً، وثانياً وهذا الأهم، من أجل الدفاع عن فكر وموقف، وثالثاً وهو أهم أكثر، من أجل التحشيد لصالح فكره وموقفه لأنه يعتقد أن فكره وموقفه حقيقيين وفي خدمة الوطن وأكثريته الشعبية. نعم لاحظت اهتماماً بمحتوى المقالة، ربما أكثر مما توقعت، وهذا ليس لأنها مقالة عادل سمارة بل لأنها تدافع عن مرحلة يتم اغتيالها عبر اغتيال رموزها. هذا لا يعني أنه ليس لنا نقد على المرحلة، لكن دور مثقفي الطابور السادس الثقافي هو تخريب الوعي وعجنه بالنفط وحرقه ليصبح وعيا صهيو/أمبريالي معولم. أي أن البديل المطروح ليس النقد بل التدمير. * هل الإعلام الجديد الناطق بالعربية، الممول خليجياً الذي تشيرون إليه في كتاباتكم، تأثر بالصراع القطري الخليجي. وما هي الانعكاسات المتوقعة على هذا الإعلام، في حال استمرار الصراع؟ - هذا الإعلام هو (إعماء) وهذا دوره، إنه ينشر العمى والتعمية، وهو خادم لأنظمة الريع النفطي كخادمة لسيدها (الغرب-صهيوني). نعم تأثر بصراخ ومناكفات الجواري النفطية، حيث انكشف بسبب هذه المشكلة ووضح أنه أدوات بائسة بئيسة، ومجرد أبواق وضيعة المستوى. تبين أنه إعلام حكام تابعين مضادين للعروبة ويقتتلون على خدمة الكيان والإمبريالية. أقصد أنه اصطف وراء فريقين كليهما تابع وصهيوني وعدو للعروبة، انقسم مع انقسام معسكر النفط. وهذا جيد، وكلما اشتبك هؤلاء ضعفت جبتهم وتعرت أكثر. تخيل مثلا أن جريدة عكاظ السعودية استخدمت ما كتبته عن بشارة (فتى الموساد) في صراعها مع قطر ههههههههه. * الصراع القطري الخليجي، كشف أن الدول الخليجية تآمرت بشكل فاضح على دمشق، وأرسلت إرهابيين وتكفيريين عبر تركيا ولبنان والأردن إلى سورية. ورغم ذلك، لا نزال نرى أعداء سورية على موقفهم. ما سبب ذلك برأيك؟ - لم تكن هذه الكيانات بحاجة لتكشف واحدتها الأخرى. حتى دون توثيق أو اعتراف ذاتي، هم مكشوفون. حكام يفتخرون بالتبعية والعمالة. وكما أشرت أعلاه، فأعداء سورية هم أعداء المشروع العروبي، وهم يعرفون أن هذه الكيانات تصنيع إمبريالي ولا اعتراض لديهم على ذلك قط. ليسو مخدوعين، بل وأعين لهذه الخيانات والتبعية ومتعلقين بها انتماءاً وارتزاقاً وإنخراقاً أمنياً. لذا لا يمكن أن يتغيروا أبداً. نحن علينا الشغل على استعادة الشارع الذي أضعناه، والذي تعرض للتشويه دون أن يعي. هنا المراهنة، ذلك لأن من اصطف ضد سورية لن يتراجع لأن عمالته إيماناً. * المجتمعات العربية، لا تزال مسكونة بالكثير من عقد الطائفية والقبلية والمد الوهابي التكفيري، وهي تتبيلة أثبتت أنها قوة دافعة للربيع الصهيوني الذي فتت الأقطار، ودمر وحدة النسيج المجتمعي العربي. كيف يمكن أخذ العبر والدروس. وهل المصالحة يمكن أن تداوي الجراح في سورية والعراق وليبيا واليمن؟ -المجتمع/ات العربية تم ضرب وعيها منذ هزيمة 1967، لم تتمكن الجمهوريات من الانتصار، ولم يتمكن كثير القوميين والشيوعيين من الثبات على أطروحاتهم. أي حصل استدخال الهزيمة، بل إن كثيراً من النقديين والتقدميين حصروا طرحهم في نقد أنظمة الجمهوريات القومية (وهو نقد صحيح) ولكن لم ينقدوا الخليج والممالك، ربما لأنهم اعتقدوا أن الشارع يعرفها ولا داع للشرح أو الإيضاح. كانت النتيجة أن استغلت أنظمة وقوى الدين السياسي والإمبريالية والصهيونية فراغ الساحة من الخطاب التقدمي فملأته بالخطاب (الخرافي-وهابي-إخواني) ومولته بالنفط، فوجدنا أنفسنا أمام شارع كان يؤمن بالوحدة والاشتراكية فإذا به يطالب بقتل كل من لا يتفق مع ابن تيمية!!! الجراح المتخلفة نتاج هويات وثقافة متخلفة تحتاج اجتثاثاً لا علاجاً أو مداواة، بمعنى أن الانتصار يجب أن يأتي بأنظمة تقدمية فوق الهويات المشبوهة والمتخلفة، أي بخطاب تقدمي وتنمية بالحماية الشعبية، تنمية مستقلة، وبتركيز للهوية العروبية. وبالطبع مواجهة خطاب الطابور السادس الذي يروج لثقافة 'الماقبل' عصرية و'المابعد' حداثية. * فلسطين تشغل جل اهتمامكم وكتاباتكم، وتوصفون بأنكم من أشد المعارضين لخطط التطبيع والتنسيق الأمني مع الكيان الإسرائيلي. كما أنكم تعارضون المخططات المشبوهة التي تنفذ من قبل ما يطلق عليها منظمات المجتمع المدني، أو المنظمات غير الحكومية، التي تتلقى الدعم المشروط من الجهات الأجنبية المانحة. أين يكمن خطر هذه المنظمات، وما الدور المحوري الذي تؤديه في مجال التطبيع؟ - التطبيع، والذي اسميه استدخال الهزيمة، هو أن يتثقف ويفكر ويتصرف المرء أو الحزب أو الطبقة أو الدولة كمهزوم. منظمات الأنجزة (أي غير الحكومية) هي أدوات للأجنبي يمولها وتخدمه من حيث تخريب الجذريين من رجال ونساء باسم الحرية والديمقراطية...الخ. هي باختصار أدوات للثورة المضادة في ثوب معصرن . منظمات المجتمع المدني الحقيقية مختلفة عن المنظمات غير الحكومية، لأن الأولى يُفترض أنها نبت شعبي محلي كالنقابات والأحزاب...الخ. الخبثاء يدمجون الاثنتين قصداً لتغطية عمالة الأنجزة. ربما سمعتم عن ورقة 'نداء وصرخة من الأعماق' التي تنادي بدولة مع المستوطنين، وهذه من أخطر ما مر على القضية لأنها صادرة عن 'التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة' أي يُفترض أنه تجمع للمقاومة! كيف إذن تجتمع المقاومة في شخص يقبل الاعتراف بحق المحتل في الأرض؟. باختصار، لا مشروع الدولتين هو طريقنا ولا مشروع الدولة الواحدة بل التحرير. * إذا كان هنالك كلمة ترغب بتوجيهها إلى الشباب الفلسطيني خاصة، والشباب العربي عامة. فما هي هذه الكلمة؟ - الكلمة، فقط أن علينا استعادة الشارع العربي كي ينخرط في المقاومة بدل أن كان حتى الآن بين موات أو منخرط جزء من شبابه في الإرهاب.
    نيسان ـ نشر في 2017/07/20 الساعة 00:00