شروح تكميلية
نيسان ـ نشر في 2017/08/12 الساعة 00:00
طرح صديق علي سؤالا عمّا إذا كان بالإمكان حقا تقييد دور إيران في الغوطة وحمص، بامتدادها الجغرافي الواسع الذي يصل إلى العراق، وإسرائيل باعتبارها أكثر منتفع من اتفاق الجنوب بين واشنطن وموسكو.
من غير الجائز نسيان أن اتفاق الدولتين الكبيرتين على التهدئة في محافظاتالجنوب السوري الثلاث خطوة أولى وحسب، لكنه يلفت النظر إلى أنها ترسم خطوطا حمراء للوجود الإيراني في المحافظات الثلاث التي طالما اعتبرها كبار مسؤوليها جزءا من محافظة سورية الخاضعة لسيادتها، ورقمها 35. وهذه لفتة تحمل دلالاتٍ مهمة، أبرزها أن أهداف إيران تختلف عن أهداف جميع القوى الأخرى المتصارعة في سورية وعليها، حتى إنها تعتبر غير مألوفةٍ في سياسات الدول، بما أنها ترسم مواقفها انطلاقا من، وفي ضوء، اعتبارات طائفية/ مذهبية دمجية الطابع، تستهدف تحويل دولة أجنبية (سورية) إلى جزء تكويني من نظامها الداخلي، استنادا إلى عاملٍ يستحيل اعتماده دوليا لتقرير مصير الدول، هو انتماء إحدى أقلياتها التي لا تتجاوز نسبتها 10% من مواطنيها إلى مذهبٍ قرّرت طهران أنه يفوّضها بتحديد مصير سورية، بل ودمجها في كيانها السيادي الفارسي الخاص، ضاربة عرض الحائط بما سيترتب على سياستها هذه من فوضى وصراعاتٍ سبق أن عرفها العالم في أحلك حقبةٍ، وأكثرها انفجارا للعنف وخروجا على القانون والأعراف والقيم الضامنة لسيادة الدول والشعوب واستقلالها. والغريب أن طهران أوكلت تنفيذ غرضها إلى جهة عسكرية، هي حرسها الثوري الذي غزا سورية، وشرع يشنّ الحرب على شعبها، ويعمل على اختراق مجتمعها مذهبيا، بما أفضى إليه ذلك من شحن للوضع، المحلي والإقليمي والدولي، بصراعاتٍ دينية ومكاسرات طائفية، ستلحق ضررا بالغا بجميع شعوب عالمنا، وستخدم القوى التي تخطط لتدمير منطقتنا بواسطة حروبٍ وصراعاتٍ مذهبية/ طائفية، لا تقبل تسوياتٍ وحلولا وسطا، وتنازلات متبادلة بسبب طابعها الأيديولوجي الحامل لعنفٍ لا يعرف حدودا، وتمليه خلفيات تتصل بالتناقض بين الإيمان والكفر، وبحتمية استمرار الصراع بينهما، إلى أن ينتصر الإيمان أو يموت المؤمنون دونه.
لن تتحقق أهداف طهران في ظل ما قرّرته روسيا وأميركا من خطوط حمراء، تضع لها حدودا لا يمكنها تخطيها، تحميها الدولتان، وبالأخص منهما روسيا التي لن تكون لها اليد العليا في سورية، إن حضرت إيران أو غيرها فيها من دون تنسيق معها يضعها تحت إشرافها، ويحول هدفها العام إلى أهداف فرعية أو جزئية، تندرج ضمن أهداف الدولتين الكبيرتين، ولا تتعارض معها. بهذا المعنى، يعتبر الخط الأحمر الدولي الذي رسم لإيران بداية سقوط خطتها حيال سورية، ويرجح أن يجبرها على استبدالها بعلاقاتٍ طبيعيةٍ، تحترم استقلال وسيادة سورية.
... يخدم الاتفاق إسرائيل ويخدم السوريين أكثر، فليست إسرائيل، لمن لا يعلم، مهدّدة من إيران أو من حسن نصرالله، هي في أمانٍ تحسد عليه، مذ شرع الأسد يدمر سورية دولة ومجتمعا، بمعونة نصرالله الذي جرّ إلى فخٍ لن يخرج منه سالما أو بإرادته. ثم إن إسرائيل فرضت، من طرفٍ واحد، قواعد اشتباك ضد إيران وتابعها المرابط في لبنان، لم يتمكنا من تحدّيها ولو مرة، إلا في خطابات حسن نصرالله، على الرغم من أنها أغارت عليهما مرات عديدة، من دون أن يجرؤ أي منهما على رميها بحصاة. أفادت إسرائيل من اتفاقٍ لم يكن أمنها مهدّدا قبله، فهل أفادت قدر ما أفاد السوريون المجوّعون والمحاصرون والمعتقلون والمقصوفون والمقتولون والمغيبون... إلخ، العاجزون أكثر فأكثر عن مواجهة آلة حرب روسية/ إيرانية/ أسدية، تفتك بهم من دون أن يتمكّنوا من صدّها أو ردعها. السوريون هم المنتفع الأول من الاتفاق، وانتفاع إسرائيل به لا يجوز أن يعني رفضه أو اعتباره موجها ضدهم. ومن يتابع موقف إيران والنظام الأسدي منه سيضع يده على حقيقتين: أن استراتيجية إيران السورية رُفضت، وانهارت على الأرجح، بقرار مشترك من دولتين تتحكّمان بمصير سورية، وأن على المعارضة العمل لتسريع انهيارها. وأن سيف النظام رفع عن أعناق ملايين السوريين في المحافظات الثلاث، فهل هذا قليل الأهمية في صراعٍ أقرت الدولتان في اتفاقهما أن طرفه الأقوى، النظام، لا يجوز أن ينتصر على من ثاروا عليه وقاتلوه، وأنزل بهم هزائم جدّية في العامين الماضيين؟
أخيرا، سيسأل السوريون عن مصير الأسد، وسيكون هناك جواب.
من غير الجائز نسيان أن اتفاق الدولتين الكبيرتين على التهدئة في محافظاتالجنوب السوري الثلاث خطوة أولى وحسب، لكنه يلفت النظر إلى أنها ترسم خطوطا حمراء للوجود الإيراني في المحافظات الثلاث التي طالما اعتبرها كبار مسؤوليها جزءا من محافظة سورية الخاضعة لسيادتها، ورقمها 35. وهذه لفتة تحمل دلالاتٍ مهمة، أبرزها أن أهداف إيران تختلف عن أهداف جميع القوى الأخرى المتصارعة في سورية وعليها، حتى إنها تعتبر غير مألوفةٍ في سياسات الدول، بما أنها ترسم مواقفها انطلاقا من، وفي ضوء، اعتبارات طائفية/ مذهبية دمجية الطابع، تستهدف تحويل دولة أجنبية (سورية) إلى جزء تكويني من نظامها الداخلي، استنادا إلى عاملٍ يستحيل اعتماده دوليا لتقرير مصير الدول، هو انتماء إحدى أقلياتها التي لا تتجاوز نسبتها 10% من مواطنيها إلى مذهبٍ قرّرت طهران أنه يفوّضها بتحديد مصير سورية، بل ودمجها في كيانها السيادي الفارسي الخاص، ضاربة عرض الحائط بما سيترتب على سياستها هذه من فوضى وصراعاتٍ سبق أن عرفها العالم في أحلك حقبةٍ، وأكثرها انفجارا للعنف وخروجا على القانون والأعراف والقيم الضامنة لسيادة الدول والشعوب واستقلالها. والغريب أن طهران أوكلت تنفيذ غرضها إلى جهة عسكرية، هي حرسها الثوري الذي غزا سورية، وشرع يشنّ الحرب على شعبها، ويعمل على اختراق مجتمعها مذهبيا، بما أفضى إليه ذلك من شحن للوضع، المحلي والإقليمي والدولي، بصراعاتٍ دينية ومكاسرات طائفية، ستلحق ضررا بالغا بجميع شعوب عالمنا، وستخدم القوى التي تخطط لتدمير منطقتنا بواسطة حروبٍ وصراعاتٍ مذهبية/ طائفية، لا تقبل تسوياتٍ وحلولا وسطا، وتنازلات متبادلة بسبب طابعها الأيديولوجي الحامل لعنفٍ لا يعرف حدودا، وتمليه خلفيات تتصل بالتناقض بين الإيمان والكفر، وبحتمية استمرار الصراع بينهما، إلى أن ينتصر الإيمان أو يموت المؤمنون دونه.
لن تتحقق أهداف طهران في ظل ما قرّرته روسيا وأميركا من خطوط حمراء، تضع لها حدودا لا يمكنها تخطيها، تحميها الدولتان، وبالأخص منهما روسيا التي لن تكون لها اليد العليا في سورية، إن حضرت إيران أو غيرها فيها من دون تنسيق معها يضعها تحت إشرافها، ويحول هدفها العام إلى أهداف فرعية أو جزئية، تندرج ضمن أهداف الدولتين الكبيرتين، ولا تتعارض معها. بهذا المعنى، يعتبر الخط الأحمر الدولي الذي رسم لإيران بداية سقوط خطتها حيال سورية، ويرجح أن يجبرها على استبدالها بعلاقاتٍ طبيعيةٍ، تحترم استقلال وسيادة سورية.
... يخدم الاتفاق إسرائيل ويخدم السوريين أكثر، فليست إسرائيل، لمن لا يعلم، مهدّدة من إيران أو من حسن نصرالله، هي في أمانٍ تحسد عليه، مذ شرع الأسد يدمر سورية دولة ومجتمعا، بمعونة نصرالله الذي جرّ إلى فخٍ لن يخرج منه سالما أو بإرادته. ثم إن إسرائيل فرضت، من طرفٍ واحد، قواعد اشتباك ضد إيران وتابعها المرابط في لبنان، لم يتمكنا من تحدّيها ولو مرة، إلا في خطابات حسن نصرالله، على الرغم من أنها أغارت عليهما مرات عديدة، من دون أن يجرؤ أي منهما على رميها بحصاة. أفادت إسرائيل من اتفاقٍ لم يكن أمنها مهدّدا قبله، فهل أفادت قدر ما أفاد السوريون المجوّعون والمحاصرون والمعتقلون والمقصوفون والمقتولون والمغيبون... إلخ، العاجزون أكثر فأكثر عن مواجهة آلة حرب روسية/ إيرانية/ أسدية، تفتك بهم من دون أن يتمكّنوا من صدّها أو ردعها. السوريون هم المنتفع الأول من الاتفاق، وانتفاع إسرائيل به لا يجوز أن يعني رفضه أو اعتباره موجها ضدهم. ومن يتابع موقف إيران والنظام الأسدي منه سيضع يده على حقيقتين: أن استراتيجية إيران السورية رُفضت، وانهارت على الأرجح، بقرار مشترك من دولتين تتحكّمان بمصير سورية، وأن على المعارضة العمل لتسريع انهيارها. وأن سيف النظام رفع عن أعناق ملايين السوريين في المحافظات الثلاث، فهل هذا قليل الأهمية في صراعٍ أقرت الدولتان في اتفاقهما أن طرفه الأقوى، النظام، لا يجوز أن ينتصر على من ثاروا عليه وقاتلوه، وأنزل بهم هزائم جدّية في العامين الماضيين؟
أخيرا، سيسأل السوريون عن مصير الأسد، وسيكون هناك جواب.
نيسان ـ نشر في 2017/08/12 الساعة 00:00