البحث عن حرب
نيسان ـ نشر في 2017/08/31 الساعة 00:00
منذ وصوله إلى رئاسة الولايات المتحدة، لم تكن أيام الرئيس الأميركي دونالد ترامب سعيدة، إذ رافقته الأزمات من لحظة دخوله إلى البيت الأبيض، سواء عبر تهمة التعامل مع روسيا، أو تسهيل الأخيرة وصوله إلى البيت الأبيض، أو عدم أهليته للرئاسة، وهو نقاشٌ لا يزال قائماً، وخصوصاً مع صعود تيار اليمين المتطرّف والنازيين الجدد، والذين كانت أصواتهم مساهمة في إيصال ترامب إلى الرئاسة، ما أعطى انطباعاً بأن الرئيس الأميركي يغض الطرف عن نشاطاتهم، وهو الذي لم يدنهم مباشرة بعد أحداث العنف في شارلزتاون أخيرا.
لا شك أن هذه الأزمات الداخلية التي تنغص على ترامب رئاسته تحتاج إلى أحداث أكبر لتخطف منها الأضواء، وهي سياسة أميركية قديمة، يبدو أن ترامب يسير على هديها، إلا أنه فشل حتى اليوم. فهو حاول، منذ الأيام الأولى للرئاسة، أن يفتح جبهات في هذا البلد أو ذاك. كانت الخطوة الأولى في سورية مع قصف مطار الشعيرات، والذي كان الدخول العسكري الأميركي الأول على خط الأزمة السورية. لم تدم تداعيات القصف طويلاً، وخصوصاً مع التراجع الأميركي في الساحة السورية، بعد احتساب تكاليف الصدام مع روسيا، والذي لن يساعد ترامب بقدر ما قد يعقد أزمته الداخلية، بعدما اتضح من الاستطلاعات في الولايات المتحدة أن الأميركيين غير متحمسين لفتح معركة مع موسكو.
بعد استبعاد فرضية الدخول في حرب في سورية، وبالتالي المواجهة شبه المباشرة مع روسيا، عمدت إدارة ترامب للبحث عن خيارات حربية أخرى، فجاءت أزمة الصواريخ الكورية الشمالية، والتي تنذر بمواجهة كبرى في جنوب شرق آسيا. أطلق ترامب تهديداته، وأعلن جنرالاته أن الخطط جاهزة للتصدي لمخططات الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، والذي بدوره أعلن أيضاً خطط ضرب الولايات المتحدة. لم تدم أجواء الحرب هذه طويلاً، فبحسابات الربح والخسارة بالنسبة للولايات المتحدة تحديداً، ستكون النتيجة الخسارة بكل تأكيد، ولا سيما مع وجود 50 مليون نسمة، هم مواطنو كوريا الجنوبية، تحت مرمى صواريخ بيونغ يانغ، قد لا تتمكن الدروع المضادة للصواريخ من حمايتهم. الأمر نفسه بالنسبة إلى تدحرج الكرة الحربية التي قد تكبر لتتحول إلى مواجهة عالمية ستزيد الأمور تعقيداً بالنسبة إلى إدارة ترامب. فالمطلوب تحويل للأنظار بدون استنزاف الموارد الأميركية البشرية والمالية.
لم يتوقف البحث، لكنه تأخر، وهو ما دفع جنرالات الولايات المتحدة إلى إعادة فتح ملفات قديمة، على الأقل في المرحلة الحالية، فعادت أفغانستان إلى الواجهة. وبعدما كان الانسحاب الأميركي الخيار النهائي لإدارة أوباما، وحتى لترامب في حملته الانتخابية، أعادت الإدارة فتح الحرب مجدّداً، وإرسال مزيد من الجنود إلى أفغانستان. بالنسبة للجنرالات، هذه حرب تمتلك فيها القوات الأميركية الخبرة الكافية، وبالتالي قد لا تكون مكلفة، فـ 'حرب نعرفها أفضل من حرب نتعرّف إليها'. على هذا الأساس، كان بث الروح في المعركة الأفغانية، مع إضفاء متغيراتٍ قد تساهم في تحديثها، على غرار إدخال باكستان والهند في الحسابات، والتلويح بتوسيع الرقعة إلى باكستان، باعتبارها مخزناً لحركة طالبان، وإعطاء دور للهند في الساحة الأفغانية.
قد يعطي إحياء الحرب الأفغانية بعض المردود الذي تريده إدارة ترامب، لكن البحث عن حرب لا يزال مستمراً، خصوصاً أن الأزمات الداخلية في طريقها إلى التفاقم.
مشاركة
لا شك أن هذه الأزمات الداخلية التي تنغص على ترامب رئاسته تحتاج إلى أحداث أكبر لتخطف منها الأضواء، وهي سياسة أميركية قديمة، يبدو أن ترامب يسير على هديها، إلا أنه فشل حتى اليوم. فهو حاول، منذ الأيام الأولى للرئاسة، أن يفتح جبهات في هذا البلد أو ذاك. كانت الخطوة الأولى في سورية مع قصف مطار الشعيرات، والذي كان الدخول العسكري الأميركي الأول على خط الأزمة السورية. لم تدم تداعيات القصف طويلاً، وخصوصاً مع التراجع الأميركي في الساحة السورية، بعد احتساب تكاليف الصدام مع روسيا، والذي لن يساعد ترامب بقدر ما قد يعقد أزمته الداخلية، بعدما اتضح من الاستطلاعات في الولايات المتحدة أن الأميركيين غير متحمسين لفتح معركة مع موسكو.
بعد استبعاد فرضية الدخول في حرب في سورية، وبالتالي المواجهة شبه المباشرة مع روسيا، عمدت إدارة ترامب للبحث عن خيارات حربية أخرى، فجاءت أزمة الصواريخ الكورية الشمالية، والتي تنذر بمواجهة كبرى في جنوب شرق آسيا. أطلق ترامب تهديداته، وأعلن جنرالاته أن الخطط جاهزة للتصدي لمخططات الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، والذي بدوره أعلن أيضاً خطط ضرب الولايات المتحدة. لم تدم أجواء الحرب هذه طويلاً، فبحسابات الربح والخسارة بالنسبة للولايات المتحدة تحديداً، ستكون النتيجة الخسارة بكل تأكيد، ولا سيما مع وجود 50 مليون نسمة، هم مواطنو كوريا الجنوبية، تحت مرمى صواريخ بيونغ يانغ، قد لا تتمكن الدروع المضادة للصواريخ من حمايتهم. الأمر نفسه بالنسبة إلى تدحرج الكرة الحربية التي قد تكبر لتتحول إلى مواجهة عالمية ستزيد الأمور تعقيداً بالنسبة إلى إدارة ترامب. فالمطلوب تحويل للأنظار بدون استنزاف الموارد الأميركية البشرية والمالية.
لم يتوقف البحث، لكنه تأخر، وهو ما دفع جنرالات الولايات المتحدة إلى إعادة فتح ملفات قديمة، على الأقل في المرحلة الحالية، فعادت أفغانستان إلى الواجهة. وبعدما كان الانسحاب الأميركي الخيار النهائي لإدارة أوباما، وحتى لترامب في حملته الانتخابية، أعادت الإدارة فتح الحرب مجدّداً، وإرسال مزيد من الجنود إلى أفغانستان. بالنسبة للجنرالات، هذه حرب تمتلك فيها القوات الأميركية الخبرة الكافية، وبالتالي قد لا تكون مكلفة، فـ 'حرب نعرفها أفضل من حرب نتعرّف إليها'. على هذا الأساس، كان بث الروح في المعركة الأفغانية، مع إضفاء متغيراتٍ قد تساهم في تحديثها، على غرار إدخال باكستان والهند في الحسابات، والتلويح بتوسيع الرقعة إلى باكستان، باعتبارها مخزناً لحركة طالبان، وإعطاء دور للهند في الساحة الأفغانية.
قد يعطي إحياء الحرب الأفغانية بعض المردود الذي تريده إدارة ترامب، لكن البحث عن حرب لا يزال مستمراً، خصوصاً أن الأزمات الداخلية في طريقها إلى التفاقم.
مشاركة
نيسان ـ نشر في 2017/08/31 الساعة 00:00