ليست مطلباً
نيسان ـ نشر في 2017/09/18 الساعة 00:00
يتواصل على غير صعيد حراك المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية، وكما جرت العادة، لا يجد الطرفان (فتح/ حماس) مفراً من بوابة مصر مدخلاً لأي أفق مصالحة ممكن. فأستار بيت الله الحرام حيث عقدت مصالحة سابقة، لم ترتدِ، على ما يبدو، إهاب الجلال الكافي، لاحترام ما وُقِّعَ هناك برعاية سعودية (خمس نجوم).
محتويات المشهد تقول إن إيران تتحرك نحو حماس بخطوات محسوبة، وهي حسابات لا تصل إلى حدِّ احتضان جديد، ولا تنهار إلى حد إدارة الظهر كاملة. وإن تركيا تحرص على بوصلات متعددة الرؤوس في المنطقة، ليس بعيداً عنها موجبات الأمن القومي. وإن قطر تحدب ولكنها لن تنتحر. وإن الأردن ليست ببعيدة عن وجهات مصر السيسي، فما تقره الأم الكبرى فجميعنا نباركه إن شاء الله، ورضي الرعاة، وصمت الرقم الصعب في تل أبيب.
فما الذي بقي من مؤثثات مشهد موزاييكيٍّ معقد ومتداخل على نمط (سمك/ لبن/ تمر هندي): إمارات محمد بن زايد الداخل بقوة غرائزية اندفاعية على الخطوط جميعها، المشغول حتى أذنيه برسم خرائط يمنية جديدة قديمة، الرابض عند حدود بحر وميناء وأطماع إقليمية محصنة بعنوان عريض اسمه التحالف العربيّ الحازميّ (نسبة إلى عاصفة الحزم)، وفي الجعبة توصيفة مضمونة لحركة على شاكلة حماس وعناوينها المقاوِمة: الإرهاب!! ولكن، ورغم كل هذا وذاك، فلا مانع من (دحل) جديد (هل أقصد محمد دحلان؟).
وسط كل هذا وذاك (تدز) الحركة المسيطرة على شؤون الحياة في القطاع المحاصر، بوفد عريض طويل لولبيّ، تشي منه رائحة الاستعراض أكثر من أي مؤملات أخرى، ليتسع المعبر الذي قد لا يفتح صدره لطفل يئنّ، لكل هؤلاء. على كل حال المعبر كان مفتوحاً أصلاً ليستكمل حجاج بيت الله الحرام (الذي فشل في فصل مصالحة سابق)، عودتهم لسجن غزة هاشم.
شحٌّ في التصريحات، حذرٌ في البيانات، وفدٌ فتحاويٌّ رسميّ أقل عرضاً (بالكسرة على العين)، يصل بدوره إلى عاصمة الفاطميين، وشعب رام الله وشعب غزة ينتظر جميعه النتائج، شعب الجبّارين على رأي الرئيس الراحل أبو عمار، القادر على تحمل كل هذه الخيبات، الذي بات متحضراً دائماً لأقل التوقعات، وأضيق دهاليز الأنفاق كي يعبر نحو الضوء والخلاص.
وكما العادة، أيضاً، وأيضاً، فلا بد للمفاوضات الجديدة، ومسرحية المصالحة موديل 2017، أن تُبارك أمنياً قبل كل شيء، فسماحة اللواء خالد فوزي مدير المخابرات المصرية لم يشأ أن يمضي حفل الاستجمام دون أن يجري (فيش وتفييش) على المستجمين، وفي السياق ترتيبات أمنٍ حدوديّ، وضبطٍ تكفيريّ!
المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية ليست مطلباً يا سعادة المتخاصمين، إنها ضرورة لا تقل أهمية عن كهرباء غزة، ولا حيوية عن رواتب الأسرى المقطوعة، ولا قداسة عن حرمة المسجد الأقصى، ولا تنسوا وأنتم (تتصالحون) 3811 طفلاً اعتقلهم الكيان الصهيوني منذ انتفاضة القدس الأخيرة، ما يزال 300 منهم قيد الاعتقال، و11 في حالة سيئة، وصولاً للطفل هيثم جرادات (14 عاماً) الذي وصلت حالته لمنطقة الخطورة الحرجة (جداً). لا تنسوا ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا وقد وصل انتظار تحقيق العدالة حولها إلى 35 عاماً من غيابها. لا تنسوا الشهيد باسل الأعرج الأكثر سوية منكم جميعكم (كما تبيّن)، عندما يتعلق الأمر في أصول المسير والمسيرة.
إنها (أي المصالحة) ليست مطلباً، بل سبباً وحيداً لبقائكم فوق (سمانا) وإلا (حِلّوا) عنها جميعكم.
يعني بالفسلطينيّ المفيد الفصيح: (يا بتتصالحوا يا بتحلّوا عن سمانا).
*قاص وإعلامي أردني
محتويات المشهد تقول إن إيران تتحرك نحو حماس بخطوات محسوبة، وهي حسابات لا تصل إلى حدِّ احتضان جديد، ولا تنهار إلى حد إدارة الظهر كاملة. وإن تركيا تحرص على بوصلات متعددة الرؤوس في المنطقة، ليس بعيداً عنها موجبات الأمن القومي. وإن قطر تحدب ولكنها لن تنتحر. وإن الأردن ليست ببعيدة عن وجهات مصر السيسي، فما تقره الأم الكبرى فجميعنا نباركه إن شاء الله، ورضي الرعاة، وصمت الرقم الصعب في تل أبيب.
فما الذي بقي من مؤثثات مشهد موزاييكيٍّ معقد ومتداخل على نمط (سمك/ لبن/ تمر هندي): إمارات محمد بن زايد الداخل بقوة غرائزية اندفاعية على الخطوط جميعها، المشغول حتى أذنيه برسم خرائط يمنية جديدة قديمة، الرابض عند حدود بحر وميناء وأطماع إقليمية محصنة بعنوان عريض اسمه التحالف العربيّ الحازميّ (نسبة إلى عاصفة الحزم)، وفي الجعبة توصيفة مضمونة لحركة على شاكلة حماس وعناوينها المقاوِمة: الإرهاب!! ولكن، ورغم كل هذا وذاك، فلا مانع من (دحل) جديد (هل أقصد محمد دحلان؟).
وسط كل هذا وذاك (تدز) الحركة المسيطرة على شؤون الحياة في القطاع المحاصر، بوفد عريض طويل لولبيّ، تشي منه رائحة الاستعراض أكثر من أي مؤملات أخرى، ليتسع المعبر الذي قد لا يفتح صدره لطفل يئنّ، لكل هؤلاء. على كل حال المعبر كان مفتوحاً أصلاً ليستكمل حجاج بيت الله الحرام (الذي فشل في فصل مصالحة سابق)، عودتهم لسجن غزة هاشم.
شحٌّ في التصريحات، حذرٌ في البيانات، وفدٌ فتحاويٌّ رسميّ أقل عرضاً (بالكسرة على العين)، يصل بدوره إلى عاصمة الفاطميين، وشعب رام الله وشعب غزة ينتظر جميعه النتائج، شعب الجبّارين على رأي الرئيس الراحل أبو عمار، القادر على تحمل كل هذه الخيبات، الذي بات متحضراً دائماً لأقل التوقعات، وأضيق دهاليز الأنفاق كي يعبر نحو الضوء والخلاص.
وكما العادة، أيضاً، وأيضاً، فلا بد للمفاوضات الجديدة، ومسرحية المصالحة موديل 2017، أن تُبارك أمنياً قبل كل شيء، فسماحة اللواء خالد فوزي مدير المخابرات المصرية لم يشأ أن يمضي حفل الاستجمام دون أن يجري (فيش وتفييش) على المستجمين، وفي السياق ترتيبات أمنٍ حدوديّ، وضبطٍ تكفيريّ!
المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية ليست مطلباً يا سعادة المتخاصمين، إنها ضرورة لا تقل أهمية عن كهرباء غزة، ولا حيوية عن رواتب الأسرى المقطوعة، ولا قداسة عن حرمة المسجد الأقصى، ولا تنسوا وأنتم (تتصالحون) 3811 طفلاً اعتقلهم الكيان الصهيوني منذ انتفاضة القدس الأخيرة، ما يزال 300 منهم قيد الاعتقال، و11 في حالة سيئة، وصولاً للطفل هيثم جرادات (14 عاماً) الذي وصلت حالته لمنطقة الخطورة الحرجة (جداً). لا تنسوا ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا وقد وصل انتظار تحقيق العدالة حولها إلى 35 عاماً من غيابها. لا تنسوا الشهيد باسل الأعرج الأكثر سوية منكم جميعكم (كما تبيّن)، عندما يتعلق الأمر في أصول المسير والمسيرة.
إنها (أي المصالحة) ليست مطلباً، بل سبباً وحيداً لبقائكم فوق (سمانا) وإلا (حِلّوا) عنها جميعكم.
يعني بالفسلطينيّ المفيد الفصيح: (يا بتتصالحوا يا بتحلّوا عن سمانا).
*قاص وإعلامي أردني
نيسان ـ نشر في 2017/09/18 الساعة 00:00