شباب الأردن ..نحن بخیر ولكن
نيسان ـ نشر في 2017/09/29 الساعة 00:00
أسعد العزوني
بمحض الصدفة وجدت نفسي ظھر الخمیس الماضي مشاركا في المؤتمر الشبابي ، الذي نظمھ مركز الحیاة - راصد بمدینة شباب عمان بعنوان'خطاب سمو ولي العھد الحسین بن عبد الله ..مضمون وطني ورسائل للشباب الأردني'،وشرفت بالإستماع لملاحظات وكلمات الشباب والشابات المناط بھم عرض مخرجات نقاشاتھم السابقة ،والتي تمحورت حول ماذا یرید الشباب الأردني من وزارة التنمیة السیاسیة ووزارة الشباب والبرلمان. كانت المفاجأة مذھلة بالنسبة لي إذ إكتشفت أن شباب المحافظات على وجھ الخصوص لدیھم وعي متفجر ، من خلال ملاحظاتھم وأسئلتھم للمسؤولین وتعبیرات وجوھھم ،وحتى طریقة إلقائھم وصدق تعبیرات وجوھھم وھم یشخصون مشاكل البلد ،ویعرضون الحال بكل ثقة وبدون مواربة ،وكانوا بحق رجالا متمكنین جدا وواثقین من أنفسھم ،وكأن الفقر والتھمیش والحرمان لم یأخذوا من عزیمتھم شیئا. كان تشخیصھم سلیما ونالوا علیھ علامة كاملة ،وخاصة عند الحدیث عن الأحزاب وعدم تمكینھم من الإنتماء إلیھا خوفا من التعیین والسفر ،مع أنھ یتم ترخیص تلك الأحزاب وھي في مرحلة تفریخ مستمرة ،لكن بدون أتباع،ما یسجل فشلا ذریعا لھذه الأحزاب التي لا نعلم عن سبب إنشائھا والترخیص لھا . ركز شبابنا الناھض على ضرورة إنخراط الشباب الأردني في الشأن السیاسي، وتمكینھم من الإدلاء بآرائھم حول القضایا الداخلیة والإقلیمیة والخارجیة بدون خوف أو وجل ،وإن دل ھذا على شيء فإنما یدل على أننا بخیر مادام شبابنا بھذا الوعي المتوھج رغم شظف العیش وضیق ذات الید ولكن.... ھذا یدعونا للطلب من صانع القرار في الأردن توجیھ الأوامر الجادة واجبة التنفیذ، للمسؤولین بإطلاق سراح طاقات شبابنا ورعایتھا والسھر علیھا وتطویرھا ،للإسھام في نھضة البلد وتنویع الأداء وضخ دماء جدیدة وتمثیل جغرافي أوسع بدلا من إقتصار الأمور على العشرة البررة الذین یتم تدویر نسلھم منذ الإستقلال،وكأن البلد بكل ما فیھا من طاقات قد خلت من الرجال ذوي الكفاءة والإخلاص والولاء والإنتماء. معروف أن نحو %70من المجتمع الأردن ھم من الشباب ،وھذه مدعاة أكبر من ملحة وضروریة للعمل من أجلھم وتطویرھم ورعایتھم، وتوفیر كل ما یلزم لتمكینھم عملیا ولیس كلاما فارغا یتم تدبیجھ في الكلمات التي تلقى في مؤتمرات الشباب ،ویذھب ریحھ حتى قبل إنتھاء ذلك المؤتمر ،ویبقى الشباب یتحسرون على واقعھم ،وعدم وجود من یرعاھم . رعایة الشباب والإھتمام بھم لیس ترفا یستغنى عنھ ،بل ھو إنخراط في الدفاع عن الوطن ،وما نلحظھ على أرض الواقع أن ما یجري وعن قصد ھو تھمیش الشباب والإھتمام بتحسین أوضاع المتنفذین من حسن إلى أحسن،وإھمال شباب الطبقة التي كانت تدعى وسطى ،ناھیك عن الفقراء والمھمشین الذین ھم الوقود الحقیقي في عملیة الدفاع عن الوطن ،على عكس أبناء الذوات الذین لا یجدون أنفسھم معنیین بالدفاع عن الوطن في حال تعرض لسوء لا سمح الله ،وھذا واقع عالمي. مطلوب إصلاح حقیقي یتضمن رعایة الشباب وطأنتھم على مصیرھم ومستقبلھم ،وھذا بحاجة لمسؤولین ینتمون للوطن ویخافون علیھ ،لا لمسؤولین یأتمرون باوامر السفارات والدول التي یحملون جنسیاتھا ،فمشاكل الشباب كثیرة تبدأ من شظف العیش وتنتھي بالزواج ،مرورا بالتعلیم الكلف وكاننا دول خلیجیة ،تعج بالجامعات والمدارس الخاصة لضمان تسمین المتنفذین الذین یتاجرون بالتعلیم وبالصحة وبقوت المواطن من خلال الإحتكار. وحتى من یتمكن من إكمال تعلیمھ ویتخرج مثقلا ھو وأسرتھ بالھمومم والدیون ،لا یجد فرصة عمل ،مع أن أبناء الذوات الذین لم یجدّوا في دراستھم ،یتم تفصیل الوظائف العلیا على مقاسھم وبرواتب فلكیة ،ولذلك فإن المطلوب ھو إعادة النظر في نظریات الولاء والإنتماء المعمول بھا ،من خلال إنجاز دراسات على أرض الواقع ،والإیمان بأن الحفاظ على الشباب من خلال توفیر إحتیاجاتھم ،وضمان توجھاتھم ھو مھمة وطنیة ملحة ،حتى لا یكونوا صیدا سھلا للمتربصین بنا من أجھزة إستخبارات دول وتنظیمات إرھابیة ،ویسرقونھم منا ویعیدونھم لنا اعداء تصعب مقاومتھم. أختم أن تطرف الشباب بشكل عام یأتي ردا على إرھاب دولھم ،والإرھاب ھنا لیس عملا مسلحا بالضرورة ،بل ھو تھمیش وحرمان وإقصاء وحجر على الأفكار ،وكان یتوجب على صانع القرار عندنا مكافأة شبابنا الأردني الذي أوقف الحراك دون الإنزلاق إلى ما یعانیھ الآخرون ،الذین فتحوا حواریھم للممولین الأجانب كي یزرعوا الإرھاب فیھا كیف یشاؤون ،وتكون المكافأة بفتح صفحة جدیدة مع الشباب كي یبقى إنتماءھم للوطن.
نيسان ـ نشر في 2017/09/29 الساعة 00:00