تخيلوا دحلان مطلوباً للإنتربول؟
نيسان ـ نشر في 2017/10/02 الساعة 00:00
ما إن أحرزت فلسطين العضوية في الشرطة الدولية (الإنتربول)، الأسبوع الماضي، حتى ذاع أن السلطة الوطنية تنوي الطلب من هذه الهيئة البوليسية العالمية القبض على مسؤول الأمن السابق المفصول من حركة فتح، محمد دحلان (ومحمد رشيد ووليد نجاب). والمقصد من تسريب مصادر فلسطينية غير مسمّاة هذا الخبر أن يتحسّس دحلان رأسه، بدل أن تدور في هذا الرأس أحلامٌ وأوهامٌ بشأن قطاع غزة وغيره. ويوحي الخبر المقتضب، والذي تلقته وسائط إعلامية عربية عريضة (باستثناء التابعة لمضيفي دحلان وحُماته) باهتمام، بالنظر إلى المقروئية الواسعة لأي خبر عن هذا الرجل، خصوصا أن الطلب من 'الإنتربول' أن يقبض عليه يعني أن يتذكّر الجميع أنه مُدانٌ بأحكام في قضايا اختلاس وفساد، وليس أنه يتزّعم تيارا في حركة فتح يسمّي نفسه إصلاحيا، يحاور ناسُه حركة حماس بشأن إجراءاتٍ ممكنةٍ لتخفيف آثار الحصار عن أهالي قطاع غزة. ومما يعنيه ذلك الخبر الذي أشهره موقع 'ميدل إيست آي' البريطاني أن الفلسطينيين، بقدر ما هم معنيون بإمكانية جلب مجرمي حرب إسرائيليين إلى ساحات القضاء، بواسطة 'الإنتربول'، فهم معنيّون أيضا بملاحقة من هم من بني جلدتهم، واعتبرتهم محاكم مختصة سارقين ومختلسين.
ولكن، لماذا 'الإنتربول'، وفي الوسع أن تطلب السلطة الوطنية الفلسطينية من حكومة دولة الإمارات أن تسلمها الفلسطيني الذي يقيم على أراضيها، المدعو محمد يوسف شاكر دحلان. لا سيما وأن العلاقات الرسمية بين أبوظبي ورام الله تجيز هذا الأمر، والخطوط سالكة بينهما؟ ولماذا لا تطلب السلطة من صربيا متابعة هذا المواطن الفلسطيني، ما دام أنه يحمل جنسية هذا البلد، مع تقديم كل أسباب الوجاهة القانونية التي تؤكد نزاهة الأحكام القضائية ضد المذكور، وأحدثها حكم محكمة جرائم الفساد في رام الله، في ديسمبر/كانون الأول 2016، بالسجن ثلاث سنوات، وغرامة 16 مليون دولار، بحق دحلان، لثبوت اتهامه بارتكاب جريمة الفساد، عندما عمل منسقا للشؤون الأمنية في الرئاسة الفلسطينية، عامي 2007 و2008. وقد قضت المحكمة بهذا الحكم، بعد يوم من تأكيد المحكمة الدستورية الفلسطينية صحة قرار الرئيس محمود عباس في عام 2012 رفع الحصانة عن المتهم. وفي البال أيضا أن هذه المحكمة كانت قد أعلنت، في مايو/ أيار 2015، عدم استيفاء شروط دعوى على دحلان، تتهمه باختلاس نحو 20 مليون دولار من المال العام. وفي أرشيف تلك الواقعة أن المذكور أثنى، في حينه، على ذلك القرار، على غير ما فعل طبعا عندما قضت محكمةٌ فلسطينية أخرى، في مارس/ آذار 2014 بحبسه عامين، بتهمة 'ذم مؤسسات الدولة وتحقيرها'، بعد أن نُسب إليه أنه أطال لسانه على قوات الأمن الفلسطينية (هو من مؤسسيها!)، وعلى الرئيس عباس الذي اتهم دحلان بست جرائم قتل.
ليس صاحب هذه الكلمات مختصا بالملف الجرمي للمتحدّث عنه هنا، الفلسطيني الأرومة والمنبت، والإماراتي الحظوة، والصربي الجنسية، والذي صارت الخراريف بشأنه مُضجرة، من فرط وفرتها، وكثرة الشناعة فيها. وعلى الأرجح ثمّة غير هذه الأحكام قضي بها على الوزير الفلسطيني السابق، والحليف القديم للرئيس محمود عباس، وصاحب الأيادي البيضاء بهباتٍ إماراتية، على فلسطينيين معوزين في غير مخيم فلسطيني في لبنان وقطاع غزة. وكلها أحكام تفيد، من بين كثيرٍ تفيد به، بأن محمد دحلان ما كان له أن 'يختلس' (والله أعلم) تلك الملايين (على ذمّة المحاكم) لولا أن بيئةً فاسدةً يسّرت ليده الطويلة أن تحوز ما حازته، فصيّرته مطلوبا محتملا للبوليس الدولي، ولولا أن حظوةً كبرى تمتع بها سنواتٍ في مواقع المسؤولية، قرب الرئيس الراحل ياسر عرفات، ثم قرب الرئيس الراهن محمود عباس، ويسّرت له مظلةً خفية، صنعت له سلالمه إلى أن يصبح زعيما 'إصلاحيا' (!) في حركة فتح، بل وفي عموم المشهد الفلسطيني، ويحب محبّون له أن يقنعونا بالنزوعات الإصلاحية فيه، فلا نقتنع.
لم يكن دحلان يكتفي بنفي الأحكام التي تصدر ضده، وإنما كان يعد بالمثول أمام القضاء الفلسطيني، لإثبات براءته مما 'تُفبرك' ضده من حكايات واتهامات، غير أنه لم يفعل شيئا من هذا، ليس فقط خوفا، على الأغلب، من السجن، وإنما إيثارا لدعةٍ وهناءة بالٍ في أبوظبي، وهذه لن تسلمه للإنتربول، إن جدّ الجد، إلا إذا تشقلبت أحوالٌ وأحوالٌ في الدنيا.
ولكن، لماذا 'الإنتربول'، وفي الوسع أن تطلب السلطة الوطنية الفلسطينية من حكومة دولة الإمارات أن تسلمها الفلسطيني الذي يقيم على أراضيها، المدعو محمد يوسف شاكر دحلان. لا سيما وأن العلاقات الرسمية بين أبوظبي ورام الله تجيز هذا الأمر، والخطوط سالكة بينهما؟ ولماذا لا تطلب السلطة من صربيا متابعة هذا المواطن الفلسطيني، ما دام أنه يحمل جنسية هذا البلد، مع تقديم كل أسباب الوجاهة القانونية التي تؤكد نزاهة الأحكام القضائية ضد المذكور، وأحدثها حكم محكمة جرائم الفساد في رام الله، في ديسمبر/كانون الأول 2016، بالسجن ثلاث سنوات، وغرامة 16 مليون دولار، بحق دحلان، لثبوت اتهامه بارتكاب جريمة الفساد، عندما عمل منسقا للشؤون الأمنية في الرئاسة الفلسطينية، عامي 2007 و2008. وقد قضت المحكمة بهذا الحكم، بعد يوم من تأكيد المحكمة الدستورية الفلسطينية صحة قرار الرئيس محمود عباس في عام 2012 رفع الحصانة عن المتهم. وفي البال أيضا أن هذه المحكمة كانت قد أعلنت، في مايو/ أيار 2015، عدم استيفاء شروط دعوى على دحلان، تتهمه باختلاس نحو 20 مليون دولار من المال العام. وفي أرشيف تلك الواقعة أن المذكور أثنى، في حينه، على ذلك القرار، على غير ما فعل طبعا عندما قضت محكمةٌ فلسطينية أخرى، في مارس/ آذار 2014 بحبسه عامين، بتهمة 'ذم مؤسسات الدولة وتحقيرها'، بعد أن نُسب إليه أنه أطال لسانه على قوات الأمن الفلسطينية (هو من مؤسسيها!)، وعلى الرئيس عباس الذي اتهم دحلان بست جرائم قتل.
ليس صاحب هذه الكلمات مختصا بالملف الجرمي للمتحدّث عنه هنا، الفلسطيني الأرومة والمنبت، والإماراتي الحظوة، والصربي الجنسية، والذي صارت الخراريف بشأنه مُضجرة، من فرط وفرتها، وكثرة الشناعة فيها. وعلى الأرجح ثمّة غير هذه الأحكام قضي بها على الوزير الفلسطيني السابق، والحليف القديم للرئيس محمود عباس، وصاحب الأيادي البيضاء بهباتٍ إماراتية، على فلسطينيين معوزين في غير مخيم فلسطيني في لبنان وقطاع غزة. وكلها أحكام تفيد، من بين كثيرٍ تفيد به، بأن محمد دحلان ما كان له أن 'يختلس' (والله أعلم) تلك الملايين (على ذمّة المحاكم) لولا أن بيئةً فاسدةً يسّرت ليده الطويلة أن تحوز ما حازته، فصيّرته مطلوبا محتملا للبوليس الدولي، ولولا أن حظوةً كبرى تمتع بها سنواتٍ في مواقع المسؤولية، قرب الرئيس الراحل ياسر عرفات، ثم قرب الرئيس الراهن محمود عباس، ويسّرت له مظلةً خفية، صنعت له سلالمه إلى أن يصبح زعيما 'إصلاحيا' (!) في حركة فتح، بل وفي عموم المشهد الفلسطيني، ويحب محبّون له أن يقنعونا بالنزوعات الإصلاحية فيه، فلا نقتنع.
لم يكن دحلان يكتفي بنفي الأحكام التي تصدر ضده، وإنما كان يعد بالمثول أمام القضاء الفلسطيني، لإثبات براءته مما 'تُفبرك' ضده من حكايات واتهامات، غير أنه لم يفعل شيئا من هذا، ليس فقط خوفا، على الأغلب، من السجن، وإنما إيثارا لدعةٍ وهناءة بالٍ في أبوظبي، وهذه لن تسلمه للإنتربول، إن جدّ الجد، إلا إذا تشقلبت أحوالٌ وأحوالٌ في الدنيا.
نيسان ـ نشر في 2017/10/02 الساعة 00:00