أحزاب ما بعد عام 1993

ربى كراسنة
نيسان ـ نشر في 2017/10/09 الساعة 00:00
كانت الحياة الحزبية في المملكة بخير حتى صدر لها قانونا، عندها تحولت إلى مقار ومفتاح وطاولة و'برستيج'، تعلّبت في أطر رسمية، فصار لدينا احزاب وليس حزبيين، ومقار لا فعالية لها حتى على رصيفها المجاور. تقوم الفكرة الحزبية، وفق الفلسفة ذاتها التي تنشأ على أساسها الدول، تتطور التجمعات البشرية تدريجيا، فيشعر الأفراد بحاجتهم إلى بناء، سيُطلق عليه في العلوم المعاصرة اسم 'دولة' وكذا الاحزاب. الأحزاب تبدأ - كفكرة طموحة لمجموعة من الأفراد- فتية وشابة يقودها الحالمون بالتغيير إلى الأفضل. سوى أن الأحزاب الأردنية – أو أحزاب ما بعد 1993 تحديدا، هي أحزاب ولدت في الاتجاه المعاكس. أحزاب بدأت بعد عام 1993 (وبالطبع مع استثناء الاحزاب التاريخية) هرمة، كبيرة في السن، يقودها أشخاص يسعون لإبقاء الحال على ما هو عليه. بين أن تصنع 'فكرة' لتغيّر، و'أخرى' لتُبقي الحال على ما هو عليه بون شاسع، يكشف لك كل عيوب ما يجري على الساحة الحزبية في المملكة. المفارقة، أن الأحزاب الأردنية ذات التاريخ البعيد ما زالت شابة، ينهض بها أعضاء من الشباب، فيما يقود عربة أحزاب ما بعد عام 1993 - وهناك استثناء بالطبع - شخصيات من كبار موظفي الدولة، شبّوا وشاخوا على كراسي الوظيفة الرسمية. ما لدينا أحزاب، لا يوجد فيها حزبيون، بل أعضاء على هيئة موظفين. هم ليسوا موظفين عند أحد. لكن روحهم موظفة. فرق بين أن تكون حزبيا وبين أن تكون موظفا. في المقابل من ذلك، ستعمل الحكومات على توفير جميع الأدوات والوسائل لمحاربة الأحزاب التاريخية، في محاولة لتتشظى، لتنهك، لتنشغل بأوجاعها بدلا من أن تنشغل بـ'الحكومة'. ماذا بعد؟ هل ستسمح الحكومة لأحزابها أن تتشظى؟ هناك دائما 'إبر حياة'، تمتلكها الحكومة وتستعملها كلما شعرت أن هناك طارئ ما في صحة حزب. (البوصلة)
    نيسان ـ نشر في 2017/10/09 الساعة 00:00