تغيير ثقافة الفقر والغنى في الأردن واجب وطني
نيسان ـ نشر في 2015/06/18 الساعة 00:00
راتب الشاب الموظف في فئة المتعلمين يدور في المتوسط حول 400 – 500 دينار، لكن بالنظر الى حاجات الشباب غير المأكل والمشرب فهو لا يكفي.
حين يطلب الزواج على سبيل المثال، مع تأثيث المنزل 10000 دينار. أو يريد شراء قطعة أرض والبناء عليها أو امتلاك شقة سكنية 50000 دينار. هذا يعني أن الشاب إذا أراد أن يتزوج وبناء بيت وتأثيثه سيكون مضطرا لدفع ما لا يقل عن 60000 دينار وبتقسيم هذا الرقم على متوسط الراتب يعني أن الشاب يجب أن يوفر راتبه كاملا 10 سنوات وهذا عمليا مستحيل لكي يتمكن من شراء بيت وتأمين متطلبات الزواج.
هي حقيقة أدركها جزء كبير من شبابنا فأدت في النتيجة التالية؛ أنني بحاجة أني أقضي فترة شبابي في توفير متطلبات حياتي الأساسية فسوف أعيش حياتي ولن أوفر . طبعا يوجد استثناءات كثيرة ولكن هذا الأمر أصبح على الأقل ظاهرة.
واقع الشباب نفسه الذي قرر أن لا يوفر هو حال الأسر الفقيرة في الإنفاق بمعنى أن الأسرة الفقيرة تنفق جميع دخلها ولا تفي بمتطلبات حياتها الأساسية مما ينعكس في قلة جودة التعليم الذي تحصل عليه هذه الأسر أو نقصا في التغذية وبالتالي التعرض لقائمة طويلة من الأمراض العضوية والنفسية.
الحقيقة الأليمة الثالثة هنا أن معظم ميزانية الدولة تأتي من جيوب الفقراء ومتوسطي الدخل حيث ذهبت بعض التقديرات أن 85% من ايرادات الميزانية تأتي من ضرائب ونفقات طبقات الشعب الفقيرة والمتوسطة.
والحقيقة الأليمة الرابعة أن الأغنياء هم الذين يدخرون ويقترون في الإنفاق ويحاولون التملص من دفع الضرائب ...إذن الفقراء ينفقون كل ما لديهم اختيارا أو إجبارا ويدفعون كل ماعليهم من ضرائب لأن دخولهم تأتي من خلال رواتب مكشوفة وهم يدفعون كامل ضريبة المبيعات المستحقة عليهم من خلال مشترياتهم.
وبالتالي فالأردن يعتمد أساسا في دورة المال على الفقراء والأغنياء يكسبون فوائد دورة المال فيزداد الفقراء فقرا والأغنياء غنى.
هذا الواقع للأسف أنتج فقيرا حاقدا وغنيا غير مطمئن فانشغل الفقير في تفكير وبؤس قلل من قدرته على الانتاج والغني أصبح يبحث عن ملاذ آمن لثروته مما يزيد الوضع تعقيدا على تعقيد.
بالطبع ليس الواقع كله كذلك فهناك فقراء كثر متفانون في أعمالهم وهناك الكثير من الأغنياء الذين يعرفون واجباتهم الاجتماعية ويؤدون الزكاة على سبيل المثال وينفقون على المشاريع الخيرية ولكن اعتماد وجود مظلة اجتماعية محدودة للفقراء قائمة على المبادرات الفردية للأغنياء أو على القدرات المحدودة لصندوق المعونة الوطنية لا يكفي ولا بد من تدخل الأجهزة الحكومية والدولة بشكل أكبر لحماية الفئتين الأغنياء والفقراء.
حين يطمئن الفقير الى حماية الدولة له وتوفير متطلباته الأساسية بدون منة من أحد وحين يعرف الغني أن لا أحد يطمع في ثروته....الكل في هذه الحالة رابح....الفقير ينتج أكثر والغني يطمئن ويستثمر أكثر داخل البلد ولا يبحث عن مهرب لثروته.
أعتقد أن على وسائل الإعلام بمؤازرة كل أجهزة الدولة واجب وطني عظيم في هذا الإطار فلا بد من نشر ثقافة ....أيها الفقير لا تأبه للغني الدولة تؤمن لك كل متطلباتك فما عليك إلا أنت تنتج أكثر وتركز في عملك أكثر حتى تخرج من الفقر وأيها الغني كلما أنفقت أكثر مكنت الفقراء وأمنت في وطنك أكثر....بالطبع نشر الثقافة ليس فقط إعلام بل إعلام يوازيه عمل ومبادرات تبدأ بها الدولة والخيرون من الأغنياء لتصبح ثقافة لدى الجميع وبالتالي تتغير ثقافة الفقراء ونحصل في النهاية على مجتمع مطمئن آمن.... هذا التحدي الرهيب بحاجة الى مبادرات ولا أعتقد أن شعبا ينفق سنويا حوالي المليارين على التدخين والاتصالات عاجز عن إطلاق هذه المبادرات ولكن لا بد من استراتيجية تتبناها الدولة وتحفز الجميع ماديا على الانخراط فيها.
نيسان ـ نشر في 2015/06/18 الساعة 00:00