مبادرة عبد المنعم أبو الفتوح
نيسان ـ نشر في 2015/06/19 الساعة 00:00
يمثل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح حالة نموذجية للتمازج بين المرجعية الإسلامية والرؤية الليبرالية للمجتمع والدولة ، وهي ـ في تقديري ـ الصيغة الأكثر ملائمة في الوقت الراهن للخروج من أزمات المجتمعات الإسلامية وصراعات الوجود التي لا تنتهي بين مكوناتها والتي تتحول ـ عادة ـ إلى دماء وأشلاء وسجون ومنافي وخوف يظلل الجميع، ومنذ تأسيسه لحزب "مصر القوية" وهو حريص على أن يأخذ مسافة كافية من الاستقطابات العنيفة الموجودة ، أصاب أحيانا وأخطأ أحيانا ، حدث ذلك في فترة حكم مرسي وحدث ويحدث الآن في حكم السيسي ، بل ربما كان موقعه الحالي هو المعارضة الصريحة لمجمل سياسات النظام الحالي .
أبو الفتوح طرح ما يمكن وصفه بمبادرة جديدة لإنقاذ المسار السياسي في مصر ، من خلال مقال نشره على موقعه وقال أنه أرسله لصحيفة أخرى ولا أعرف ما إذا كانت قد نشرته أم لا حتى الآن ، ويمكن أن نلخص مبادرة أبو الفتوح أو رؤيته أو نلخصها ، من نص كلامه ، في السطور التالية :
حاول أن يشخص الأزمة والظلال السوداء التي تعيشها مصر منذ 3 يوليو 2013 ، فكانت كالتالي
حسب نص كلامه : (أغلقت قنوات تليفزيونية بلا أحكام قضائية، ومنعت مقالات في الصحف، ونشرت مكالمات تليفونية خاصة لشباب ثورة يناير في انتهاك صريح لكل الأسس الدستورية والقانونية المصرية والعالمية، وفتحت السجون على مصراعيها بلا أي ضوابط ودون التزام بنصوص قانونية دستورية كانت أو غير دستورية. عادت آلة القمع بأسرع ما يكون، أحرق مساجين في سيارة ترحيلاتهم وتم التستر على الفاعلين، صارت الانتهاكات البدنية في مخافر الشرطة وفي أقبية السجون أمرا معتادا ومألوفا، ولم يعد الأمر مقتصرا على انتهاك لأجساد الشباب بل امتد لأجسام البنات في الشوارع وفي الأقسام دون رادع ولا ضابط، في سابقة لم تحدث من قبل، ولكن الأخطر فيما تمثله -الانتهاكات بحق الفتيات خصوصا- من إثارة لاحتقان وغضب لا يمكن التحكم بهما أبدا.
صارت أحكام الإعدام أمرا مألوفا دون حاجة لتقديم أدلة مقنعة على تهم كان كثير منها هزلياً، سجن آلاف بمحاكمات سريعة لا تفي بمقاييس بسيطة للعدالة، وغيب عشرات الآلاف دون محاكمة تحت وطأة مد فترة الحبس الاحتياطي.
أصبحنا نعيش حقا في جمهورية الخوف، ولم يقتصر الأمر على فصيل دون آخر، بل امتد الأمر لكل المعارضين، من خلال تلفيق قضايا، أو من خلال الخطف والإخفاء القسري أو من خلال حملات تشويه ممنهجة قائمة على الاغتيال المعنوي لكل معارضي النظام أيا كانت انتماءاتهم. صرنا تحت أسر نظام الصوت الواحد الذي يتصرف في البلاد والعباد بلا رقيب ولا حسيب.) وانطلاقا من هذا التقييم ، والذي يتضح أنه غير قابل للاستمرار ولا أن يقود وطنا مستقرا وناهضا ،
ينتقل أبو الفتوح إلى رؤيته للمخرج من هذا كله ، فيقول : (في ظل الظروف الإقليمية بالغة السوء التي تمر بها المنطقة، وفي ظل الاحتقان البالغ الذي نعيشه في مصر سياسيا بل واجتماعيا، لم نعد نملك رفاهية انتظار نتائج فشل متوقع أو رغبة في انتقام. مصر في حاجة فوراً إلى تقديم تنازلات من الجميع أيا كانت المخاوف وأيا كانت المظالم؛ فالمخاوف المحتملة أكبر بكثير من الحالية، والمظالم القادمة ستفوق الحاصلة.
لا تعني التنازلات المقصودة هنا أن يُعفى عن قاتل أو أن يتم التسامح مع مجرم فذلك متروك للعدالة لا ريب، ولكنها تعني أن نقدم المصلحة العامة على الخاصة مهما كان عظم شأن تلك المصالح الخاصة، وتعني أن ننظر إلى المستقبل بأكثر مما ننظر إلى الماضي.) ثم يطرح برنامجه للمصالحة أو التوافق الوطني إن صح التعبير فيلخصه ، أو ألخصه من كلامه في التالي : (أولاً: تشكيل حكومة كفاءات انتقالية مستقلة:
•تعيين رئيس حكومة جديد على أن يكون شخصية توافقية مستقلة غير منحازة. •تفويض رئيس الجمهورية في صلاحياته إلى رئيس الحكومة.
•نقل صلاحيات التشريع لمجلس الدولة، على أن تقتصر مهمة مجلس الدولة على تعديل القوانين المعيبة وعلى إصدار القوانين المتعلقة بتحقيق قواعد العدالة الانتقالية المتعارف عليها دوليا.
•تمهيد الأجواء وتسهيل السبل وتذليل العقبات أمام تحقيق عدالة انتقالية حقيقية.
•إعادة هيكلة وزارة الداخلية وفق قواعد الحفاظ على حقوق الإنسان، وحماية مصر من مخاطر الإرهاب. •التمهيد لانتخابات رئاسية مبكرة ومفتوحة خلال عام واحد
•الإفراج الفوري عن كافة المحتجزين تحت الحبس الاحتياطي غير المدانين في قضايا الإرهاب والقتل.
•الإفراج الفوري عن الطلاب والسيدات وكبار السن وذوي المشاكل الصحية الواقعين تحت الحبس الاحتياطي.
•مراجعة جادة لكافة الأحكام الصادرة بحق المحكوم عليهم خلال الفترة الماضية.
•الإفراج عن أو إصدار عفو عام عن قيادات كافة التيارات المعارضة التي لم يثبت بدلائل واضحة معلنة تورطها في أي جريمة.
•الفصل السريع والفوري في الإجراءات التعسفية مثل المنع من السفر والتحفظ على الأموال دون سند قانوني بات، ووقف كل إجراءات انتهاكات الحياة الشخصية وتفعيل مواد الدستور الحافظة للحريات الشخصية، والمحاسبة العاجلة لكل من ينتهك هذه الحريات.
•تقليل دوائر الاشتباه، والإفراج الفوري عن المسجونين غير المتهمين بجرائم فعلية، مع الوقف عن العمل لكل الأفراد المتهمين بانتهاكات حقوقية بحق المواطنين الأبرياء في سيناء وفي غيرها.
•المحاكمة السريعة والناجزة لكل من تورط في انتهاكات حقوق الإنسان سواء في السجون أو في أقسام الشرطة، أو في قتل أو إصابة متظاهرين سلميين.
•محاكمة كل من تورط في التنصت على مواطنين أو نشر مكالماتهم الخاصة في وسائل الإعلام
•إلغاء عقوبة الاعدام فى الفترة الحالية .) هذا هو مجمل ، أو أغلب ، رؤية زعيم حزب مصر القوية للخروج من الأزمة ، ولعل أخطرها ـ في تقديري ـ دعوته الضمنية لتخلي الرئيس عبد الفتاح السيسي عن سلطاته ونقلها إلى رئيس وزراء توافقي ....
وللحديث بقية . almesryoongamal@gmail.com
twitter:
@GamalSultan1
نيسان ـ نشر في 2015/06/19 الساعة 00:00