وضع خطة عاجلة لإصلاح جهاز الامن العام
نيسان ـ نشر في 2017/11/05 الساعة 00:00
.آن الأوان ان يدرك من يوجه العملية الامنية في الاردن، والقادة والمسؤولون في جهاز الامن العام ان الدنيا تغيرت، وان عقلية الدرك العثماني لم تعد تصلح للتعامل مع مواطني هذه الايام، خاصة وان كل شيء اصبح مكشوفا ، ويمكن ان يتم تصويره و تداوله مع وجود الكاميرات بحوزة الناس العاديين، فما اسهل ان يصار الى تسجيل ما يقع من خروقات امنية، وتعدي على القانون ممن انيط بهم مهمة تنفيذ القانون، او رصد عمليات الاعتداء على المواطنين، ولتصبح في دقائق حديث الشارع الاردني، وبالتالي تعم الفضيحة، ويسارع المسؤولون الامنيون في محاولة لرمي المسؤولية على عاتق عدد من الافراد، واعتبار ان ما يجري حالات فردية، ونفي ان يكون ذلك سياسة عامة للجهاز الامني.
وكان الاولى الاعتراف بوقوع التجاوزات وان يصار الى تلقي الافراد من مدرائهم تعبئة امنية تلزمهم بمراعاة القانون عند التنفيذ في الميدان، او على الاقل ان يتم تحذيرهم من مغبة مخالفة القانون عند القيام بواجباتهم الامنية المقدرة من قبل كافة ابناء الشعب الاردني، وايضا ليرافق ذلك عملية تحفيز للافراد والضباط، وتشجيع المنضبطين منهم ، واتخاذهم قدوة، وزيادة رواتب ابناء الجهاز نظرا لطبيعة الاعمال الخطرة التي يقومون بها .
واذكر انني كنت من اشد المحذرين ومنذ سنوات طويلة خلت من خطورة تواصل العقلية الامنية في جانب منها على حالها ، وكأنها في حالة عداء مع المواطنين، وبناء ذهنية رجل الامن وكأنه موجه ضد المواطن سواء اكان عند التعامل معه من قبل الدوريات الخارجية، او عند طلبه لدى المخافر، او في حال اعادة من انهى مدة حكمه اليها، او في السجون، او لدى مراجعته لدوائر الامن العام، واشرت الى خطورة النظرة الفوقية التي يلمسها الاردني عند التعامل مع هذا الجهاز الوطني - مع الاعتراف بوجود ادارات وافراد ومرتبات رحيمة فيه- ودعوت الى انسنة جهاز الامن العام، وخاطبت جلالة الملك في العام 2002 بشأن انتهاكات تجري في السجون ، وانا لدي تجربة حيث تعرضت لعدة سجنات لاسباب سياسية، وشهدت كيف يذل الاردنيون، وتنتهك كراماتهم وادميتهم ، واشرت في رسالتي لجلالته الى وقوع حفلات تعذيب جماعي في السجون تشمل الاف السجناء ويتعرض خلالها المساجين الى التعذيب، والزحف في الساحات، وبعض السجناء الاسلاميين كان يتم الدوس على لحاهم ، ومنهم من كانت تحرق يده بالنار، وهنالك احد السجناء المجانين شهدت حادثة موته في سجن الجويدة حيث يزج بالمجانيين في السجون بدلا من وضعهم في المصحات العقلية ويتعرضون لسوء المعاملة، وتم اذاعة الخبر بتعرضه الى وفاة طبيعية ، وحذرت من خطورة ان تتحول السجون الى مدارس ماسحة للولاء، وتنامي الفكر التكفيري فيها نظرا لما يتعرض له السجناء من معاملة قاسية فيحدث ان يتطرف البعض منهم، ويلتحق بدعوى الفكر التكفيري، وكثر من التكفيرين الخطرين الذين هددوا البلاد نشأوا من خلال هذه المعادلة .
واذكر ان مدير ادارة السجون اخبرني حينها ان الملك وضع ملاحظات بخط يده على الرسالة التي ارسلتها له، ونشر انذاك خبرا مقتضبا حولها في الصحف ، وقد حولها الديوان الملكي الى مديرية الامن العام وجرى لقاء مشترك بشأنها ضم مدير المخابرات العامة، ومدير الامن العام، ومدير ادارة السجون، وقد التقيت مدير الامن العام المرحوم محمد العيطان على اثر منع دائرة المطبوعات والنشر كتابا لي اسميته يوميات سجين، وهو يوثق ما شهدته من عمليات تعذيب جماعي للسجناء الاردنيين يندى لها الجبين، ولا يمكن ان يصدق احد انها تقع في الاردن هناك خلف الاسوار العالية حيث ينفرد مدراء السجون بالالاف من السجناء، ويمارسون فيهم استبدادهم ونزقهم دون رقيب او حسيب، وابدى العيطان رحمه الله حينها تفهما واضحا حول ما كتبت، وكان اللقاء جرى بترتيب من مدير الاعلام في مديرية الامن العام انذاك العقيد بشير الدعجة، والذي كان يدرك اهمية التواصل الايجابي مع الاعلام لغاية تطوير اعمال الجهاز الذي تناط به الى جانب بقية الاجهزة الامنية مهمة حماية امن الوطن واستقراه. الا ان تغير المدراء يحرم الجهاز الامني من وجود استراتيجية امنية دائمة لتصويب مسار العملية الامنية فيه.
وكنت اشرت في اكثر من مقال منشور الى ما يلاقيه الاردنيون من معاملة غير لائقة عند مراجعتهم المراكز الامنية، واضطرارهم للوقوف امام عناصر وافرد الامن العام وكأنهم في حالة استجداء، ولا يسمح لهم بالجلوس ، واذا لم تكن هنالك واسطة فيتعرضون الى الاحتقار وسوء المعاملة غالبا.
وكذلك نوهت الى كيفية التعامل الفوقي من قبل الدوريات الخارجية مع من يصار الى توقيفهم من الاردنيين ، وتدقيق هوياتهم، وخاصة عندما يتم انزال بعض ركاب الباصات العمومية واحتجازهم امام الناس بطريقة مذلة، وربما تكون عليهم طلبات بسيطة، وبعضهم يكون مطلوبا للشهادة في قضية ما. وكذلك توقيف الاب امام اطفاله وعائلته وترويعهم وبدون مراعاة لانسانيتهم، وعند مداهمة البيوت دون مراعاة لحرمة الناس، وقد ورد في التاريخ ان زعيم المشركين ابا جهل رفض مقترحا لاحد فتيان قريش باقتحام بيت الرسول عليه الصلاة والسلام ، وعدم الانتظار لحين خروجه لتنفيذ عملية قتله التي توافقت عليها قريش : وقال ' انا تقول عني العرب انني روعت بنات محمد' وكان في ذلك يراعي اخلاق العرب ومنظومة قيمهم.
ومن ذلك ايضاً الصيغة الفوقية في طلب الرخص، وتعمد تسجيل المخالفات اذا لم ينزل السائق مترجياً، ومخاطبة السائقين الاردنيين غالبا بطريقة فظة.
ونقلنا للمسؤولين على اعلى المستويات قصص مستثمرين عرب تعرضوا للاهانة في المراكز الامنية ، وغادروا البلاد الى غير رجعة، ومن ذلك ما يتعرض له ايضا الوافدون من مطاردات في الشوارع لا تليق بوجه الاردن الحضاري ولا بعروبتنا.
وشرحت بالتفصيل الحال المزرية للنظارات في مديريات الشرطة من حيث النظافة وبعضها تشبه المغر، والتي يحرم فيها الموقوف من ابسط حقوق الانسان، وينام على الارض، وبلا غطاء، وخاصة في ليالي البرد القارس، ولا يحصل حتى على وجبة طعام.
وكان المسؤول الامني يسارع الى النفي ، واعتبار ان ما يتم نشره هو تشويه لصورة الجهاز الوطني، ويتم الضغط على وسائل الاعلام لعدم نشر الحقيقة.
واذكر انني حذرت ايضا ومنذ سنوات من انكشاف خطورة استمرار هذه العقلية الامنية القديمة ونشرت مقالا بعنوان 'احذروا الخلوي'، وقلت ان المخالفات التي ترتكب بحق المواطنين يمكن ان يتم تصويرها واعلانها في وسائل الاعلام مع وجود اجهزة الاتصال الحديثة، ومواقع التواصل الاجتماعي، وكون انسان اليوم هو الاكثر تواصلا في التاريخ البشري، ولكن لا حياة لمن تنادي.
واليوم يتكفل فعلا الخلوي بفضح الممارسات الامنية الصادمة، ونحن ننتظر ما هو اسوء على صعيد تشويه الصورة القانونية للمملكة، ولا ادري هل لا زال المسؤول الامني يرمي المسؤولية عن نفسه، ام ان خطة عاجلة للاصلاح في جهاز الامن العام- المؤسسة التي تمثل قيمة وطنية كبرى- باتت ضرورة وطنية ملحة كي نحافظ على قيمنا وسمعتنا الوطنية، وعلى حقوق مواطنينا، ولكي نمنع ان تصبح احدى الحوادث الامنية غير المحسوبة سبباً في اندلاع اعمال الفوضى والعنف، والتي تترافق مع احتقان شعبي غير مسبوق، وبذلك تخرج قاطرة الوطن عن مسارها - لا سمح الله- .
وكان الاولى الاعتراف بوقوع التجاوزات وان يصار الى تلقي الافراد من مدرائهم تعبئة امنية تلزمهم بمراعاة القانون عند التنفيذ في الميدان، او على الاقل ان يتم تحذيرهم من مغبة مخالفة القانون عند القيام بواجباتهم الامنية المقدرة من قبل كافة ابناء الشعب الاردني، وايضا ليرافق ذلك عملية تحفيز للافراد والضباط، وتشجيع المنضبطين منهم ، واتخاذهم قدوة، وزيادة رواتب ابناء الجهاز نظرا لطبيعة الاعمال الخطرة التي يقومون بها .
واذكر انني كنت من اشد المحذرين ومنذ سنوات طويلة خلت من خطورة تواصل العقلية الامنية في جانب منها على حالها ، وكأنها في حالة عداء مع المواطنين، وبناء ذهنية رجل الامن وكأنه موجه ضد المواطن سواء اكان عند التعامل معه من قبل الدوريات الخارجية، او عند طلبه لدى المخافر، او في حال اعادة من انهى مدة حكمه اليها، او في السجون، او لدى مراجعته لدوائر الامن العام، واشرت الى خطورة النظرة الفوقية التي يلمسها الاردني عند التعامل مع هذا الجهاز الوطني - مع الاعتراف بوجود ادارات وافراد ومرتبات رحيمة فيه- ودعوت الى انسنة جهاز الامن العام، وخاطبت جلالة الملك في العام 2002 بشأن انتهاكات تجري في السجون ، وانا لدي تجربة حيث تعرضت لعدة سجنات لاسباب سياسية، وشهدت كيف يذل الاردنيون، وتنتهك كراماتهم وادميتهم ، واشرت في رسالتي لجلالته الى وقوع حفلات تعذيب جماعي في السجون تشمل الاف السجناء ويتعرض خلالها المساجين الى التعذيب، والزحف في الساحات، وبعض السجناء الاسلاميين كان يتم الدوس على لحاهم ، ومنهم من كانت تحرق يده بالنار، وهنالك احد السجناء المجانين شهدت حادثة موته في سجن الجويدة حيث يزج بالمجانيين في السجون بدلا من وضعهم في المصحات العقلية ويتعرضون لسوء المعاملة، وتم اذاعة الخبر بتعرضه الى وفاة طبيعية ، وحذرت من خطورة ان تتحول السجون الى مدارس ماسحة للولاء، وتنامي الفكر التكفيري فيها نظرا لما يتعرض له السجناء من معاملة قاسية فيحدث ان يتطرف البعض منهم، ويلتحق بدعوى الفكر التكفيري، وكثر من التكفيرين الخطرين الذين هددوا البلاد نشأوا من خلال هذه المعادلة .
واذكر ان مدير ادارة السجون اخبرني حينها ان الملك وضع ملاحظات بخط يده على الرسالة التي ارسلتها له، ونشر انذاك خبرا مقتضبا حولها في الصحف ، وقد حولها الديوان الملكي الى مديرية الامن العام وجرى لقاء مشترك بشأنها ضم مدير المخابرات العامة، ومدير الامن العام، ومدير ادارة السجون، وقد التقيت مدير الامن العام المرحوم محمد العيطان على اثر منع دائرة المطبوعات والنشر كتابا لي اسميته يوميات سجين، وهو يوثق ما شهدته من عمليات تعذيب جماعي للسجناء الاردنيين يندى لها الجبين، ولا يمكن ان يصدق احد انها تقع في الاردن هناك خلف الاسوار العالية حيث ينفرد مدراء السجون بالالاف من السجناء، ويمارسون فيهم استبدادهم ونزقهم دون رقيب او حسيب، وابدى العيطان رحمه الله حينها تفهما واضحا حول ما كتبت، وكان اللقاء جرى بترتيب من مدير الاعلام في مديرية الامن العام انذاك العقيد بشير الدعجة، والذي كان يدرك اهمية التواصل الايجابي مع الاعلام لغاية تطوير اعمال الجهاز الذي تناط به الى جانب بقية الاجهزة الامنية مهمة حماية امن الوطن واستقراه. الا ان تغير المدراء يحرم الجهاز الامني من وجود استراتيجية امنية دائمة لتصويب مسار العملية الامنية فيه.
وكنت اشرت في اكثر من مقال منشور الى ما يلاقيه الاردنيون من معاملة غير لائقة عند مراجعتهم المراكز الامنية، واضطرارهم للوقوف امام عناصر وافرد الامن العام وكأنهم في حالة استجداء، ولا يسمح لهم بالجلوس ، واذا لم تكن هنالك واسطة فيتعرضون الى الاحتقار وسوء المعاملة غالبا.
وكذلك نوهت الى كيفية التعامل الفوقي من قبل الدوريات الخارجية مع من يصار الى توقيفهم من الاردنيين ، وتدقيق هوياتهم، وخاصة عندما يتم انزال بعض ركاب الباصات العمومية واحتجازهم امام الناس بطريقة مذلة، وربما تكون عليهم طلبات بسيطة، وبعضهم يكون مطلوبا للشهادة في قضية ما. وكذلك توقيف الاب امام اطفاله وعائلته وترويعهم وبدون مراعاة لانسانيتهم، وعند مداهمة البيوت دون مراعاة لحرمة الناس، وقد ورد في التاريخ ان زعيم المشركين ابا جهل رفض مقترحا لاحد فتيان قريش باقتحام بيت الرسول عليه الصلاة والسلام ، وعدم الانتظار لحين خروجه لتنفيذ عملية قتله التي توافقت عليها قريش : وقال ' انا تقول عني العرب انني روعت بنات محمد' وكان في ذلك يراعي اخلاق العرب ومنظومة قيمهم.
ومن ذلك ايضاً الصيغة الفوقية في طلب الرخص، وتعمد تسجيل المخالفات اذا لم ينزل السائق مترجياً، ومخاطبة السائقين الاردنيين غالبا بطريقة فظة.
ونقلنا للمسؤولين على اعلى المستويات قصص مستثمرين عرب تعرضوا للاهانة في المراكز الامنية ، وغادروا البلاد الى غير رجعة، ومن ذلك ما يتعرض له ايضا الوافدون من مطاردات في الشوارع لا تليق بوجه الاردن الحضاري ولا بعروبتنا.
وشرحت بالتفصيل الحال المزرية للنظارات في مديريات الشرطة من حيث النظافة وبعضها تشبه المغر، والتي يحرم فيها الموقوف من ابسط حقوق الانسان، وينام على الارض، وبلا غطاء، وخاصة في ليالي البرد القارس، ولا يحصل حتى على وجبة طعام.
وكان المسؤول الامني يسارع الى النفي ، واعتبار ان ما يتم نشره هو تشويه لصورة الجهاز الوطني، ويتم الضغط على وسائل الاعلام لعدم نشر الحقيقة.
واذكر انني حذرت ايضا ومنذ سنوات من انكشاف خطورة استمرار هذه العقلية الامنية القديمة ونشرت مقالا بعنوان 'احذروا الخلوي'، وقلت ان المخالفات التي ترتكب بحق المواطنين يمكن ان يتم تصويرها واعلانها في وسائل الاعلام مع وجود اجهزة الاتصال الحديثة، ومواقع التواصل الاجتماعي، وكون انسان اليوم هو الاكثر تواصلا في التاريخ البشري، ولكن لا حياة لمن تنادي.
واليوم يتكفل فعلا الخلوي بفضح الممارسات الامنية الصادمة، ونحن ننتظر ما هو اسوء على صعيد تشويه الصورة القانونية للمملكة، ولا ادري هل لا زال المسؤول الامني يرمي المسؤولية عن نفسه، ام ان خطة عاجلة للاصلاح في جهاز الامن العام- المؤسسة التي تمثل قيمة وطنية كبرى- باتت ضرورة وطنية ملحة كي نحافظ على قيمنا وسمعتنا الوطنية، وعلى حقوق مواطنينا، ولكي نمنع ان تصبح احدى الحوادث الامنية غير المحسوبة سبباً في اندلاع اعمال الفوضى والعنف، والتي تترافق مع احتقان شعبي غير مسبوق، وبذلك تخرج قاطرة الوطن عن مسارها - لا سمح الله- .
نيسان ـ نشر في 2017/11/05 الساعة 00:00