البوصلة هي البوصلة

محمد جميل خضر
نيسان ـ نشر في 2017/11/22 الساعة 00:00
البوصلة هي البوصلة.. شاء محمد بن سلمان أم أبى.. تاجر بها حسن نصر الله أم لم يفعل.. ونحن لا نحتار بها عندما يتجاوز عداد من قتلهم النظام السوري رقم المليون.. أكثر من ثلاثة أرباعهم شهداء بالإكراه.. إذ هم لم يختاروا الشهادة.. كل ما في الأمر أن البرميل الجبان سقط عليهم دون أن يتشاور معهم.. ولم يأخذ، حتى، رأيهم.. ولم يختاروها لمجرد أنهم بقو في بلادهم.. ربما لم يتسن لهم الهرب من كل هذا الموت كما فعل أكثر من 12 مليون منهم.. ربما أرادوا أن يظلوا الأحياء الشهود في متاهة القتل والقتل المضاد..
كما أننا لا نحتار بوجهات البوصلة عندما تُغتال الثورة في مصر، أو ينتصر الغدر على الفِداء في ليبيا، أو يدخل الحابل بالنابل في اليمن.. أو يُغِيّبُ ضغط المطالب اليومية موقفاً واضحاً من قبل صناع الثورة في تونس.. بوصلتنا لا تتكلم الفرنسية ولا الإنجليزية الفصحى.. وهي بالضرورة تفهم بعض الكلام الكردي، وبعض اللحن الفارسي.. بنت هذي البلاد وهذي الأمكنة..
البوصلة فلسطين.. ليس ببحرها وقدسها وحدودها فقط، ولكن، أيضاً وأيضاً، برمزيتها وجوهرية الصراع فيها بين معسكرين لا يقبلان التأويل: معسكر الأرض وأصحابها، ومعسكر الغزاة القادمين من أصقاع الأرض جميعها.. معسكر الذاكرة ومعسكر التدليس.. معسكر الحق ومعسكر الباطل.. معسكر اليقين ومعسكر الادعاءات الفاقدة لأي ذكاء وكياسة واحترام لعقول الناس ومخيلاتهم..
البوصلة هي البوصلة لأن عدواً فاجراً غبياً من طراز بشار الأسد، هو أسهل عند الفصل بالقضايا، من عدوٍّ خبيثٍ يحتمي بما أوقعه في قلوب الغرب من إحساس بالذنب، وبما يملكه من أدوات التأثير بالقرار العالمي، وما يتقنه من إقامة تحالفات، وبيع مقتنيات، والاتجار بالكتب المقدسة والأسفار والآيات والإصحاحات..
البوصلة هي فلسطين، وفلسطين هي البوصلة، حيث عجلة التاريخ تعرف وجهاتها، وتمضي دائماً نحو سيرورتها، في الطريق إلى كينونة خالية من الجور، خافقة المعالي والمعاني التي لا يمكن أن تستقيم الإنسانية دون تمثلها، والذود عنها، وإقامة العدل من خلالها..
فلسطين هي البوصلة لأن رئيسة وزراء بلد أوروبي (إنجلوسكسوني) ما تزال، وبعد مائة عام على وعد بلفور، تقول: 'إننا فخورون بالدور الذي لعبناه في إقامة دولة إسرائيل، وسنحتفل بالتأكيد بالذكرى المئوية لوعد بلفور بكل فخر'، مطالبة شعبها، بحسب ما نقلته صحيفة 'إندبندنت' البريطانية، أن يحتفل ابتهاجاً بالمناسبة السعيدة!!
فمن أحق أن لا تضيع بوصلته، من لا يستحقون ولا يملكون؟ أم نحن وقد صرنا بدل الأمة فرقاً وطوائف ومذاهب وإثنياتِ صراعٍ لا ينتهي، عند عتبات مذبح لا ينتهي، في دوامة لا تنتهي؟
    نيسان ـ نشر في 2017/11/22 الساعة 00:00