قبل أن يذهبوا في النسيان
نيسان ـ نشر في 2017/11/25 الساعة 00:00
أكثر من 30 مليون مصري لديهم خفقانات صوفية، فهل ينتظر هؤلاء بالتالي، لو افترضنا أن سبب جريمة بئر العبد- شمال سيناء هو صوفية المسجد المغتال والمصلين المغدورين، نهاية شبيهة بما حدث للخارجين من صلاة الجمعة الرابعة من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2017، في مسجد الروضة؟
قبل أن تذهب 235 روحاً زُهِقَت إن كنا في وارد تصديق الأرقام في ظل ارتفاعها كل دقائق مع أول توارد أخبار الجريمة، قبل أن يذهبوا في النسيان زاد عددهم عن الوارد أعلاه قليلاً أو كثيراً، قبل أن يذهبوا في النسيان، لا بد من وقفةٍ وتحليلٍ وتأمل، واستجلاء ما وراء كل هذا العنف والقتل والقتل المضاد الذي يجتاح مصر منذ اعتلى السيسي كرسي الرئاسة فيها.
لأنهم صوفيون ولأن مسجد الروضة مسجدهم جرى قتلهم بالأناة التي قتلوا فيها، هذه رواية أو فرضية لو شئتم. رواية- فرضية أخرى تتحدث عن (صفقة العصر)، وبالتالي الحاجة لإفراغ شمال سيناء من ساكنيها المصريين، تمهيداً لإشغار الأمكنة والأحياء والنواحي هناك بسكان آخرين. فرضية ثالثة تذهب لمسألة الإهمال التاريخي الذي تتعرض له منذ عقودٍ طويلةٍ، سيناء وما حولها من عريش منسية ورفح مصرية وبادية ساحلية وووو.. الخ.. الخ.. رواية رابعة تتحدث عن انتحار جماعي للناس والأمكنة والأحلام في مصر، بدئاً من المتاح منها لتنفيذ ذلك، طالما نظام الحكم في مصر مختلٌّ إلى كل هذا الحد. فرضية خامسة تتحدث عن التكاثر اللاأمنيوسي المختبري الفيروسي للفكر الداعشيّ، حين يضمحل في مكان يتكاثر في آخر، وفق دوامة لا تنتهي في بلاد أحزانها وهوانها لا ينتهي وأوجاعها لا تنتهي.
قصص وفرضيات وروايات لن تعيد الضحايا لحقول زرعهم، ولا لسكينة بيوتهم، ولا لمطالب أولادهم المقتصرة على بعض خبز، وبعض لعب، وبعض ضوء.
لكن التدارس بات في جريمة الروضة على وجه الخصوص، مطلباً إنسانياً أخلاقياً قومياً لا يقبل القسمة أو التبريد أو اللف والدوران، وصولاً لمخازن النسيان.. ما الذي جرى؟ كيف تحقق القتل بكل هذا الشكل، وهذه البشاعة؟ وهذه المجازية؟ وهذا الانفلات من مختلف قيم الناس والحياة والأديان والمذاهب؟؟؟ كانوا يصلّون، أو يؤدون تفاصيل صلاة الجمعة: توافد مبكر أو متوسط أو متأخر للمسجد، خصوصاً المساجد الجامعة المحملة خصوصية أكثر من غيرها، ركعتا تحية المسجد، الجلوس المرتبط، إن كان هناك وقت، مع قراءةٍ للقرآن، يمكن أن تقتصر على قراءة سورة الكهف، وممكن أن تطول لتشمل جزءاً من كتاب الله، درس دينيٌّ خفيف من الخطيب نفسه، أو شيخ آخر من شيوخ المسجد، آذان الظهر، صعود الخطيب للمنبر وتأديته السلام، الآذان الثاني كتمهيد لخطبة يوم الجمعة، وقوف الخطيب فوق أعلى درجات المنبر وشروعه في خطبته (المجهزة سلفاً والمحددة الموضوع كما في بلاد إسلامية كثيرة هذه الأيام، أو المتمردة، المشتاقة لغضب مقدس، كما في حالات وكيانات وثورات بعينها)، استراحة الخطبة، وقوف الخطيب مرة أخرى، تلخيصه لخطبته ثم شروعه بالدعاء (ينتهي في بلادٍ بعينها للدعاء للمجاهدين والمرابطين والملوك والحكام والرؤساء والزعماء)، ثم طلبه من المؤذن إقامة الصلاة، ومن ثم نزوله وصلاته في المصلين إماماً لركعتين هن ما تبقى من صلاة ظهر الجمعة بعد ركعتيّ الخطبة.
في أي لحظة من مختلف ما تقدم حدثت الجريمة؟ متى بدأ تصويب الرصاص نحو أجسادِ عُزّلِ صلاة الجمعة، المسالمة المطمئنة الغافلة؟؟
لماذا جرى كل ما جرى؟؟؟ من هم هؤلاء الذين أيقنوا أن قتلهم لكل هذه القداسة والغفلة ومظاهر السلم والتسليم والخشوع والانشغال عن الدنيا بالآخرة، يمكن أن يكون فعلاً طيباً مفيداً لأصحاب أي أجندة، وزعماء أي قتل وأمراء أي قذارة؟؟؟؟؟؟
من هم؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هل يعرفهم السيسي؟؟؟؟؟؟؟؟ هل يعرفهم أحد من عصابته- جماعته سيان فلم يعد مهماً الانتباه للألفاظ، ولم تعد تجدي الديبلوماسية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
من أين هم؟؟؟؟؟؟؟ من جمّعهم؟؟؟؟؟؟؟ من درّبهم؟؟؟؟؟؟؟ من أقنعهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟ من عبّأهم؟؟؟؟؟؟؟؟ من غسل أدمغتهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟ من قتل فيهم كل شيء ليجتمعوا جميعهم وقد زادو على العشرين في لحظة لاااااا إنسانية إلى كل هذا الحد، فيقتلوا الناس ركّعاً وسجّداً وآمنين مرتخين متكاسلين، حيث الجمعة فيه كثيرٌ من الخدر والكسل والتراخي؟؟؟؟؟؟ لماذا هم دون خلق الله قاطبة ممن يعني الجمعة لهم شيئاً، كانوا بكل هذه الجاهزية، والاستعداد للقتل والإجهاز وتوجيه البنادق؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
من العار، كل العار، أن تمر الجريمة دون قراءة وتأمّل وتحليل ودراسة وسبر أغوار.. لا أتحدث عن خطط الانتقام، وعما توعد به (الكائن) الذي يتحكم بمفاتيح مصر هذه الأيام، فعلى الأرجح، لن يخلّف الرد إلا رداً مقابلاً، في دوامة تفتقر للقراءة والتأمل واستجلاء الحقائق والمعاني والمآلات.
أتحدث عن اللحظة التاريخية التي ينبغي أن نصرخ عندها: أن خلص بكفي.. صار التوقف وإعادة الحسابات ومراجعة التفاصيل والعناوين والإحداثيات مطلباً لا يقل أهمية وجوهرية عن سؤال الوجود نفسه. فإن كنا، ما نزال، مصرين على التكاثر وزرد اللقم وإشباع الغرائز، فلا بد أن تفرض علينا جريمة الروضة، إيقاف كل شيء، وإعمال الفكر والعقل ومختلف مجسات الحياة... فمن العار، كل العار، أن يُسْتَأَنَفَ أيُّ شيء، قبل أن نجعل من تلك الجريمة المروعة سبباً لمراجعةِ كلِّ شيء... كل شيء.. كل شيء.. الوجود والسياسة والأوطان ومعناها وجدواها، والعدو والصديق، والحقوق والواجبات.
قبل أن تذهب 235 روحاً زُهِقَت إن كنا في وارد تصديق الأرقام في ظل ارتفاعها كل دقائق مع أول توارد أخبار الجريمة، قبل أن يذهبوا في النسيان زاد عددهم عن الوارد أعلاه قليلاً أو كثيراً، قبل أن يذهبوا في النسيان، لا بد من وقفةٍ وتحليلٍ وتأمل، واستجلاء ما وراء كل هذا العنف والقتل والقتل المضاد الذي يجتاح مصر منذ اعتلى السيسي كرسي الرئاسة فيها.
لأنهم صوفيون ولأن مسجد الروضة مسجدهم جرى قتلهم بالأناة التي قتلوا فيها، هذه رواية أو فرضية لو شئتم. رواية- فرضية أخرى تتحدث عن (صفقة العصر)، وبالتالي الحاجة لإفراغ شمال سيناء من ساكنيها المصريين، تمهيداً لإشغار الأمكنة والأحياء والنواحي هناك بسكان آخرين. فرضية ثالثة تذهب لمسألة الإهمال التاريخي الذي تتعرض له منذ عقودٍ طويلةٍ، سيناء وما حولها من عريش منسية ورفح مصرية وبادية ساحلية وووو.. الخ.. الخ.. رواية رابعة تتحدث عن انتحار جماعي للناس والأمكنة والأحلام في مصر، بدئاً من المتاح منها لتنفيذ ذلك، طالما نظام الحكم في مصر مختلٌّ إلى كل هذا الحد. فرضية خامسة تتحدث عن التكاثر اللاأمنيوسي المختبري الفيروسي للفكر الداعشيّ، حين يضمحل في مكان يتكاثر في آخر، وفق دوامة لا تنتهي في بلاد أحزانها وهوانها لا ينتهي وأوجاعها لا تنتهي.
قصص وفرضيات وروايات لن تعيد الضحايا لحقول زرعهم، ولا لسكينة بيوتهم، ولا لمطالب أولادهم المقتصرة على بعض خبز، وبعض لعب، وبعض ضوء.
لكن التدارس بات في جريمة الروضة على وجه الخصوص، مطلباً إنسانياً أخلاقياً قومياً لا يقبل القسمة أو التبريد أو اللف والدوران، وصولاً لمخازن النسيان.. ما الذي جرى؟ كيف تحقق القتل بكل هذا الشكل، وهذه البشاعة؟ وهذه المجازية؟ وهذا الانفلات من مختلف قيم الناس والحياة والأديان والمذاهب؟؟؟ كانوا يصلّون، أو يؤدون تفاصيل صلاة الجمعة: توافد مبكر أو متوسط أو متأخر للمسجد، خصوصاً المساجد الجامعة المحملة خصوصية أكثر من غيرها، ركعتا تحية المسجد، الجلوس المرتبط، إن كان هناك وقت، مع قراءةٍ للقرآن، يمكن أن تقتصر على قراءة سورة الكهف، وممكن أن تطول لتشمل جزءاً من كتاب الله، درس دينيٌّ خفيف من الخطيب نفسه، أو شيخ آخر من شيوخ المسجد، آذان الظهر، صعود الخطيب للمنبر وتأديته السلام، الآذان الثاني كتمهيد لخطبة يوم الجمعة، وقوف الخطيب فوق أعلى درجات المنبر وشروعه في خطبته (المجهزة سلفاً والمحددة الموضوع كما في بلاد إسلامية كثيرة هذه الأيام، أو المتمردة، المشتاقة لغضب مقدس، كما في حالات وكيانات وثورات بعينها)، استراحة الخطبة، وقوف الخطيب مرة أخرى، تلخيصه لخطبته ثم شروعه بالدعاء (ينتهي في بلادٍ بعينها للدعاء للمجاهدين والمرابطين والملوك والحكام والرؤساء والزعماء)، ثم طلبه من المؤذن إقامة الصلاة، ومن ثم نزوله وصلاته في المصلين إماماً لركعتين هن ما تبقى من صلاة ظهر الجمعة بعد ركعتيّ الخطبة.
في أي لحظة من مختلف ما تقدم حدثت الجريمة؟ متى بدأ تصويب الرصاص نحو أجسادِ عُزّلِ صلاة الجمعة، المسالمة المطمئنة الغافلة؟؟
لماذا جرى كل ما جرى؟؟؟ من هم هؤلاء الذين أيقنوا أن قتلهم لكل هذه القداسة والغفلة ومظاهر السلم والتسليم والخشوع والانشغال عن الدنيا بالآخرة، يمكن أن يكون فعلاً طيباً مفيداً لأصحاب أي أجندة، وزعماء أي قتل وأمراء أي قذارة؟؟؟؟؟؟
من هم؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هل يعرفهم السيسي؟؟؟؟؟؟؟؟ هل يعرفهم أحد من عصابته- جماعته سيان فلم يعد مهماً الانتباه للألفاظ، ولم تعد تجدي الديبلوماسية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
من أين هم؟؟؟؟؟؟؟ من جمّعهم؟؟؟؟؟؟؟ من درّبهم؟؟؟؟؟؟؟ من أقنعهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟ من عبّأهم؟؟؟؟؟؟؟؟ من غسل أدمغتهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟ من قتل فيهم كل شيء ليجتمعوا جميعهم وقد زادو على العشرين في لحظة لاااااا إنسانية إلى كل هذا الحد، فيقتلوا الناس ركّعاً وسجّداً وآمنين مرتخين متكاسلين، حيث الجمعة فيه كثيرٌ من الخدر والكسل والتراخي؟؟؟؟؟؟ لماذا هم دون خلق الله قاطبة ممن يعني الجمعة لهم شيئاً، كانوا بكل هذه الجاهزية، والاستعداد للقتل والإجهاز وتوجيه البنادق؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
من العار، كل العار، أن تمر الجريمة دون قراءة وتأمّل وتحليل ودراسة وسبر أغوار.. لا أتحدث عن خطط الانتقام، وعما توعد به (الكائن) الذي يتحكم بمفاتيح مصر هذه الأيام، فعلى الأرجح، لن يخلّف الرد إلا رداً مقابلاً، في دوامة تفتقر للقراءة والتأمل واستجلاء الحقائق والمعاني والمآلات.
أتحدث عن اللحظة التاريخية التي ينبغي أن نصرخ عندها: أن خلص بكفي.. صار التوقف وإعادة الحسابات ومراجعة التفاصيل والعناوين والإحداثيات مطلباً لا يقل أهمية وجوهرية عن سؤال الوجود نفسه. فإن كنا، ما نزال، مصرين على التكاثر وزرد اللقم وإشباع الغرائز، فلا بد أن تفرض علينا جريمة الروضة، إيقاف كل شيء، وإعمال الفكر والعقل ومختلف مجسات الحياة... فمن العار، كل العار، أن يُسْتَأَنَفَ أيُّ شيء، قبل أن نجعل من تلك الجريمة المروعة سبباً لمراجعةِ كلِّ شيء... كل شيء.. كل شيء.. الوجود والسياسة والأوطان ومعناها وجدواها، والعدو والصديق، والحقوق والواجبات.
نيسان ـ نشر في 2017/11/25 الساعة 00:00