ضحايا الاستهتار والإنكار

فهمي هويدي
نيسان ـ نشر في 2015/06/21 الساعة 00:00
للعام الثاني منع المسلمون من الصيام في الصين. هكذا قال تقرير لوكاله «رويترز» للانباء، تضمن معلومات تفصيليه عن اجراءات المنع، التي تمثلت في توجيه اخطارات رسميه لاعضاء الحزب الشيوعي الحاكم والموظفين والطلاب دعتهم الي عدم صيام رمضان. كما تمثلت في التعليمات التي صدرت لاصحاب المطاعم في مناطق التجمعات الاسلاميه بضروره فتح ابوابها وتوفيرالطعام للراغبين علي مدي اليوم، وفي التعهدات التي اعلنها وروج لها الحزب بمنع السماح بممارسه ايه شعائر دينيه، خصوصا في مقاطعه سينكيانج في الغرب التي تعد احد معاقل الاقليه المسلمه التي تنسب الي قوميه الويغور. الخبر ليس مفاجئا تماما، لان مسلسل الاضطهاد والاعمال القمعيه التي تمارس ضد مسلمي الصين لم يتوقف طوال السنوات الاخيره، التي شهدت تناميا في ارتفاع اصوات نفر منهم ومطالبتهم بحقوقهم كمواطنين وكطائفه لها خصوصيتها الدينيه، وهي المطالب التي قولبت بالقمع واتهام المسلمين بالارهاب تاره وبالدعوه للانفصال تاره اخري. وحين اشتد القمع فانه غذي الاحتقان ومشاعر التمرد فضلا عن نوازع الانتقام لدي المسلمين، الامر الذي ادي الي ظهور تجمعات متطرفه من ابنائهم، الذين قابلوا العنف بالعنف. ومن ثم قدم هؤلاء الضحايا في وسائل الاعلام بانهم «ارهابيون»، وصارت اخبارهم تنشر في وسائل الاعلام العربي بهذه الصفه. حدث ذلك في حين وقفت المؤسسات والمراجع الدينيه في العالم الاسلامي متفرجه علي ما يجري ليس فقط بسبب تقاعسها التقليدي، ولكن ايضا لان وصف تمرد المسلمين الذين عانوا من الظلم والاضطهاد بانه «ارهاب» كان له دوره المهم في سكوت تلك المؤسسات والمراجع. التي اثرت الصمت كي تتجنب الاتهام بتشجيع الارهاب. لم يقف الامر عند ذلك الحد، لان السنوات التي برزت فيها حملات قمع المسلمين والتنكيل بهم شهدت تعاظم مؤشرات التبادل التجاري بين الصين والدول العربيه فضلا عن الاسلاميه. اذ اعلن في منتدي رجال الاعمال العربي الصيني الذي عقد اخيرا ببيروت ان حجم تجاره العالم العربي مع الصين في العام الاخير (٢٠١٤) وصل الي ٢٤٠ مليار دولار، وهو رقم مهول وغير مسبوق. وجاء ذلك الاعلان علي لسان السفير محمد صالح الذويخ سفير الكويت لدي بكين ورئيس اللجنه الاقتصاديه في مجلس السفراء العرب بالصين. هذه المعلومه تعني ان فتك السلطات الصينيه بالمسلمين هناك، والتضييق عليهم حتي في عباداتهم كالصيام واداء فريضه الحج، لم يؤثر قيد انمله علي الغزو الصيني للاسواق العربيه. ولا يلام الصينيون علي ذلك بطبيعه الحال رغم استهجان مسلكهم، الا انني تمنيت ان يسمعوا صوتا للمؤسسات والمراجع الدينيه علي الاقل يدعو السلطات الصينيه الي احترام حقوق المسلمين ومشاعرهم الدينيه (لم اتوقع غيره من الزعماء والدول المحسوبين علي الاسلام والمسلمين)، ولكن حتي ذلك المطلب المتواضع الذي كان يمكن ان تنهض به المؤسسات الدينيه لم يتحقق، وكانت النتيجه ان تصرفت الحكومه الصينيه باعتبار ان العالم الاسلامي غائب تماما عن ملف مسلمي «الويغور»، ومن ثم اطلقت يدها في الفتك بهم، حتي صوم رمضان استكثروه عليهم. هذه الاستهانه بعوالم المسلمين والاستهتار بمشاعرهم تجلت بصوره لا تقل فجاجه في قرار الحكومه الاسبانيه منح الجنيسه المزدوجه لاحفاد اليهود الذين طردوا من البلاد قبل اكثر من ٥٠٠ عام، دون ايه اشاره للمسلمين الذين طرودا في الوقت ذاته وكانت اعدادهم اكبر ومعاناتهم اشد. القانون تم اقراره في الاسبوع الماضي، ويفترض ان يدخل الي حيز التنفيذ في الاول من اكتوبر القادم. الحزب الشيوعي مسلمي الصين المصدر: الشروق
    نيسان ـ نشر في 2015/06/21 الساعة 00:00