الملك عبد الله الثاني حامي المقدسات في فلسطين ووريثها في الحجاز

أسعد العزوني
نيسان ـ نشر في 2017/12/17 الساعة 00:00
خلع فخامة الرئيس التركي أردوغان لقبا جديدا مستحقا على جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين عندماخاطبه :'أنت حامي المقدسات في فلسطين ،وسنستمر بالتنسيق معكم من أجل المقدسات هناك'،ويقيني أن هذا اللقب لم يأت من فراغ بل إنبثق عن مدى فهم قائله ،بحق متلقيه المستحق وهو جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين.
حقيقة يجب أخذها بعين الإعتبار وهي أن جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين هو حامي المقدسات العربية وليس الإسلامية فقط في القدس المحتلة ،وهو ولكونه ينتمي لأشرف قبائل العرب المأصلين نسبا ،والذين أطلق الله سبحانه وتعالى منهم ومنذ أن خلق الكون رسولا أميا هو محمد صلى الله عليه وسلم ،وكتب على باب الجنة أن الله خلق الكون لأجله ،وبديهي أن التكريم لم يأت لشخص نبينا الكريم فقط ، بل طال أيضا عشيرته قريش سادة مكة وأشرافها ،ولا يعاب عليها خروج نشاز منها أمثال أبو لهب.
هذا التكريم الرباني يقودنا إلى الهاشمي عبد الله الثاني ، عميد آل البيت الغر الميامين الهواشم الذين لا يعلو عليهم أحد بحكم رباني ،وهذا يعني أن الأمر محسوم منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها ،ولا يضيرنا من عايرنا بفقرنا ،فعندنا ميزة خاصة وهي أن الرجل عندنا يساوي مليونا إن لم يكن أكثر عند الآخرين الذين إصطفوا مع أعداء الله وأعداء الأمة وباعوا القدس وفلسطين،وها هم يسمسرون على بقية الأقطار العربية والإسلامية لنصرة الصهاينة الذين لم يحققوا بالحروب رغم همجيتهم ،ما حققه له أتباعهم من العرب المستعربة.
قضي الأمر وبان الفرز ،فمن كان مع الله والقدس حضر مؤتمر القدس الإسلامي الذي دعا إليه فخامة الرئيس التركي السيد أردوغان قبل أيام ،وحضره رغم إختلاف العقيدة وبعد المسافة الرئيس الفنزويللي السيد مادورو تضامنا معنا ومع قضايانا،في حين أن من نصبوا أنفسهم علينا سادة لغناهم خانونا وباعونا وباعوا القدس في سوق النخاسة ،وها هم يلعبون دور البلطجي لقمع الجميع مساعدة لمستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية النووية على تحقيق أهدافها وتهويد القدس ،وبناء الهيكل المزعوم،وكان حضور كل من سمو أمير قطر الشيخ تميم وسمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد أكبر الأثر في النفوس ،وكان تغيب السلطان قابوس متفهما ،أما الآخرون المطبعون فلا أعذار مقبولة لديهم ،وقد أدانوا أنفسهم بأنفسهم مجددا وفي محكمة التمييز.
بالأمس إستدعوا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وأبلغوه بضرورة التخلي عن القدس والتوجه لسيناء لإقامة الدولة الفلسطينية والقبول بضاحية أبو ديس عاصمة لها مقابل أموال كثيرة ستنهال عليه،وهذا ورب الكعبة المختطفة مطلب الصهاينة الذي سالت دماء فلسطينية زكية غزيرة لمنع تحقيقه ،لكن هؤلاء الأعراب يريدون التنازل عن فلسطين والقدس مقابل تنصيب ورعهم الدب الداشر ملكا على بلاد الحجاز ،تماما كما فعل الملك عبد العزيز آل سعود، وتنازل للمندوب السامي البريطاني في جزيرة العرب السير بيرسي كوكس عن القدس وفلسطين مقابل تثبيت عائلته اليهودية التائهة في صحراء الربع الخالي حاكمة للحجاز بعد القضاء على حكامها الأشراف الأصليين.
ما يجري في المنطقة منذ أكثر من قرن يدلل على أن الأمور لم تكن تسير هكذا صدفة ،فهؤلاء الأعراب كانوا يستغلون الأردن الرسمي لإجباره على تنفيذ ما يريدو،ن مقابل هبات مالية لا تساوي في حقيقتها جزءا يسيرا من الخدمات التي كان الأردن يقدمها لهم وإرتقتأحيانا للدفاع عن وجودهم ،ولم نمنن لنستكثر بل كنا نقول أخوتنا ويحتاجون إلينا.
تبين لاحقا أن أجنداتهم خسيسة فهم الذين ورطوا العراق مع إيران ،وورطوا الكويت مع العراق لضرب عصفورين بحجر واحد إضغاف العراق والكويت معا ،ومعهما إيران ،وجاء الدور على الأردن بعد حصارهم الشنيع لقطر في شهر رمضان الماضي ،وأرادوا معاقبة الأردن لأنه رفض الإنحدار إلى مستواهم المنحط في التعامل مع القضايا العربية خدمة للصهاينة أعداء الله والأمة.
رفض الأردن مجاراتهم في حصار قطر وقبل بتسوية بعد الضغوط أن يخفض التمثيل الدبلوماسي مع دولة قطر الشقيقة ،كما رفض فتح حدوده لدول التحالف لغزو وإحتلال سوريا ،ما جعله هدفا لهم يمارسون عليه أحقادهم وضغائنهم إنتقاما منهم لأنه أثبت أن الفقر ليس بالضرورة سببا في التبعية وبيع النفس ،مع انهم ورغم غناهم الشديد باعوا أنفسهم وجندوا أنفسهم لتدمير العروبة والإسلام ،وهاهم يواصلون نسج مؤامراتهم للقضاء على العروبة والإسلام في أقصى الوطن العربي بحجة انهم يحاربون الإرهاب ،مع أنهم هم والصهاينة روح الإرهاب وجسده.
صفقة القرن التي يتحدثون عنها لا تهدف فقط إلى النيل من القضية الفلسطينية ،بل تهدف وعن سابق تصميم وترصد لشطب الأردن الرسمي، كي تخلو لهم الطريق لتنصيب أنفسهم أباطرة على الأمتين العربية والإسلامية ،وذلك بعد توريطهم لمصر وشطب دورها وتدمير العراق وسوريا ،وهذه هي القوى الثلاث الذي حذر منها رئيس وزراء مستدمرة إسرائيل الأسبق ديفيد بن غوريون،ولعل دعوة كبار المسؤولين الإسرائيليين أن تكون التسوية النهائية للقضية الفلسطينية برعاية سعودية ،أكبر دليل على ما نقول.
دمروا بإرهابهم هؤلاء القوى العربية الفاعلة وحاولوا بداية تسعينيات القرن الماضي تدمير الجزائر أيضا، بتمويل إرهابييهم الذين قاموا بدورهم مقابل مياومات مجزية لكن الجيش الجزائري وقيادة الجزائر وقفت لهم بالمرصاد وتم لملمة جراح الجزائر،ومع ذلك يخرجون علينا ويقولون أنهم يحاربون الإرهاب مع أن الإرهاب إنطلق مدمرا من بينهم وهم الذين مولوه نكاية في الشيوعية.
إنتهت مهامهم وسجلوا فيها نجاحا باهرا ،لكنهم وجدوا أنفسهمأمام جدار كهرومغناطيسي يطلق عليه الأردن ،وملكه يختلف عن كل الملوك ،فهو ملك يعرف وجهته ،ويتمتع بكاريزما يفتقدها هؤلاء رغم ثرواتهم التي تذهب هباء منثورا في هواء الغرب،وهو يقدم النصائح لصناع القرار في العالم ويحصل على مساعدات لبلده ،بينما هم يتلقون الإملاءات الغربية وهم صاغرون ،ويدفعون لمن يملي المليارات بحجة التسليح وهم الذين لم يصمدوا أمام عصابة الحوثي،ولذلك نراهم يتآمرون مع من هم على شاكلتهم في اليمن لخديعة الحوثيين والقضاء عليهم ،ليقولوا لنا انهم سجلوا نصرا .
مجمل القول أن الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ومعه جيشه وشعبه ليس لقمة صائغة كما يتخيل أعراب القرن ،وسوف يسجلون فشلا ذريعا في لعبتهم القذرة مع الأردن ،بهدف إضعافه وتحقيق رغبات الصهاينة بأن يكون الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين ،وهذا سبب رفضهم لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس أثناء قممهم مع ترامب في الرياض، وإصرارهم على أن تكون هناك كونفدرالية أردنية –فلسطينية ،مع أننا نرحب بأي شكل من اشكال الوحدة العربية ،عندما تأتي من أناس يتمتعون بنوايا حسنة ،لا من قبل هؤلاء ،ولا يغيبن عن البال أن احد أسباب حصار دولة قطر هو إصرار الشيخ تميم على إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.
يستطيع الأردن الرسمي قيادة معركته ببوصلة إختارت إتجاهها الصحيح ،وكانت الوجهة بعد القنبلة السعودية –الرامبية –النتنياهوية بخصوص إعتراف ترامب الرسمي بالقدس عاصمة لفلسطين ،حيث زار تركيا وإلتقى مع قائدها السيد أردوغان الذي إستجاب للمرحلة، ودعا لقمة إسلامية في أستنبول تعاجز عن حضورها اعداء القدس وإن بعثوا وفودا ذات مستوى منخفض بينما نراهم يسافرون هنا وهناك من أجل نزوة او إحاكة مؤامرة.
نحن حاليا في مرحلة الفرز وقد تبين لنا العدو من الصديق، مع اننا في حقيقة أنفسنا كنا نعرفهم ،فهم أول من تنازل عن فلسطين وباع القدس عام 1915،وأمام الأردن خيارات مفتوحة وعليه الإتجاه شرقا بإتجاه إيران وروسيا والصين وغربا بإتجاه فلسطين لتشكيل تحالف إستراتيجي ،وفي الداخل بتجديد العقد الإجتماعي مع الشعب المتعطش لأردن أقوى بعيد عن الهيمنة.
بعد أن تكشفت الحقائق وخرجت الفئران من جحورها بعد سبات طويل أو ظهور خفي مؤقت، تمثل في إطلاق مبادرات إستسلام وفرضها على القمم العربية والإسلاميةوإلغاء فريضة الجهاد في مؤتمر داكار الإسلامي منتصف ثمانينيات القرن المنصرم ،وتحالفهم العلني مع الصهاينة في مستدمرة إسرائيل والإنجيليين في أمريكا على وجه الخصوص ممثلين بالطرمب ترامب ،يحق للأردن إعادة تموضع قواته الباسلة غربا مع تصريح رسمي يعزز خطوة مجلس النواب بإعادة قراءة معاهدة الذل والعار وادي عربة ،وكذلك إعادة تموضع قواته على الحدود مع السعودية ، وأن يقوم جلالته بزيارة طهران على رأس وفد إقتصادي سياسي أمني كبير ،وتعزيز علاقاته مع كل من روسيا الإتحادية والصين ،عندها سيعلم الآخرون من الأقدر على قلب الطاولة هل هم الأثرياء حد السفه ،أم جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حامي المقدسات في فلسطين ووريثها في الحجاز وبالتأكيد فإن الغلبة ستكون لجلالته .
    نيسان ـ نشر في 2017/12/17 الساعة 00:00